تتجه الإدارة العامة للأمن الوطني إلى تبني استراتيجية جديدة في ما يخص التعاطي مع استفحال الجريمة بعدد من الأحياء والمدن المغربية. ووفقا لمصادر مطلعة، فإن الخطوط العريضة لهذه الاستراتيجية الجديدة تتمثل بالأساس في استحضار نموذج التجربة الفرنسية المتمثل في إبرام عقود أمنية بين وزارة الداخلية والجمعيات المدنية والتربوية والرياضية، ثم التنسيق بين السلطات الأمنية والمؤسسات التعليمية وجمعيات الأحياء. وتعد النقطة الأخيرة من بين المقترحات التي تضمنها المخطط الاستعجالي للتربية والتكوين الذي دخل إلى حيز التطبيق في الموسم الدراسي الحالي، ونص على عقد شراكات مع القوات المساعدة والدرك والأمن الوطني من أجل توفير الأمن داخل وفي محيط المؤسسات التعليمية. كما تقوم المقاربة الجديدة على الدعوة إلى إعادة النظر في آليات التربية والتثقيف والرياضة. طرح هذه الاستراتيجية من قبل المصالح الأمنية على بساط النقاش أملاه الحديث المتزايد عن ظاهرة استفحال الجريمة والانفلات الأمني الملاحظ بعدد من المدن المغربية والمطالب الملحة للمواطنين بضرورة وضع حد لحالة التسيب التي تعيشها عدد من الأحياء الشعبية التي تعرف كثافة سكانية هائلة وتوجد بها معدلات هائلة لصغار السن من الأحداث الجانحين، وارتفاع نسبة البطالة وسط حملة الشهادات بمختلف أصنافهم، إلى جانب البنية العمرانية لهذه الأحياء التي تشجع على الجنوح. ووفقا للمصادر ذاتها، فإن استراتيجية الدولة، في ما يخص الموضوع الأمني، التي اعتمدت طيلة السنوات الأخيرة انصبت بالأساس حول التشدد في التعاطي مع الجريمة المنظمة والإرهاب، ثم الحرب على المخدرات وما يتبعها من جرائم أخرى. لكن في ما يخص الجرائم العادية، فإن مختلف التدابير التي تم تجريبها لم تحل دون الحديث عن وجود انفلات أمني هنا وهناك، حيث جُرب نشر عناصر فرق «الكيس» أو كرواتيا في عهد المدير الأسبق للأمن الوطني الجنرال حميدو العنيكري قبل أن يتم إقبار هذه الفرقة وتعويضها فيما بعد بعناصر من البلير تم استقدامها من بعض الثكنات العسكرية للقوات المسلحة الملكية لسد الخصاص الذي يعاني منه جهاز الأمن في الموارد البشرية؛ إلى جانب إحداث فرق الدراجين، المعروفين باسم الصقور، المختصة في محاربة جرائم السرقة والخطف. وبخصوص الحديث المتزايد عن الانفلات الأمني بمدينة فاس، فإن لغة الأرقام التي تستند إليها المصالح الأمنية تسير في اتجاه مخالف للإحساس الجماعي بوجود هذا الانفلات، ذلك أن عدد القضايا المتعلقة بالسرقة المقرونة بالعنف التي تم البت فيها سنة 2008 بلغ 775 قضية، في حين لم تسجل سنة 2009 من نفس الفترة سوى 664 قضية. أما عدد الأشخاص الذين قدموا إلى العدالة بنفس التهمة فقد بلغوا السنة الماضية 654 شخصا، في حين لم يقدم السنة الجارية سوى 570 متهما. وفي ما يتعلق بمجموع الجرائم المختلفة التي تم البت فيها من قبل المصالح الأمنية للمدنية، فقد بلغ سنة 2008 ما مجموعه 2502 قضية، في حين تم البت سنة 2009 في 2034 قضية؛ وبلغ عدد الأشخاص الذين أحيلوا على العدالة سنة2008 ما مجموعه 2610 أشخاص مقابل 2017 شخصا سنة 2009.