الأميرة لمياء الصلح سليلة أسرة عربية معروفة بوطنيتها وبانخراطها في معركة التحرير. هي ابنة رياض الصلح، أول رئيس للوزراء بلبنان بعد الاستقلال الذي كان له الأثر الكبير في بناء لبنان السياسي والقومي الحديث. عندما تولى والدها رئاسة الوزراء اقترح تعديل مواد في الدستور كان الفرنسيون قد وضعوها لمآربهم الاستعمارية. كانت التعديلات بتشاور مع الرئيس بشارة الخوري، وعندما صادق مجلس النواب على القرار اعتقلته القوات الاستعمارية، رفقة الرئيس وبعض النواب، فكانت ثورة اللبنانيين ما أدى إلى الاستقلال سنة 1943. سمعة رياض الصلح تجاوزت حدود لبنان إلى أقطار العروبة بوصفه مكافحا وطنيا من أجل استقلال بلاده. قال فيه عبد الهادي بوطالب «لبنان يختصر في رياض الصلح». في بيت هذا الأخير نشأت الأميرة لمياء إلى جانب شقيقتيها الأميرة منى الصلح، والدة الأمير الوليد بن طلال، والوزيرة ليلى الصلح، أرملة ماجد حمادة، ابن الرئيس اللبناني صبري حمادة، هذه الأخيرة التي حضرت حفل زفاف ابن أختها مولاي إسماعيل بالرباط، فحافظت على ارتدائها اللون الأسود الذي لم ترغب في تغييره رغم أن المناسبة كانت للفرح. لكن إصرار ليلى على اللون الدال على الحزن نابع من حزنها الدائم على فقدان زوجها ووالدها. لم يمهل القدر والدها، الذي اغتيل بالأردن، وسنها لا تتجاوز 13 سنة، فنشأت يتيمة الأب متلقية تربية محافظة فرضت عليها مرافقة الخدم لها كلما غادرت البيت. رحلت لمياء الصلح إلى فرنسا من أجل إتمام دراستها بجامعة «السوربون» وقطنت بإقامة للطالبات بشارع سانت ميشيل. وبعد إتمام تحصيلها والحصول على شهادة الإجازة «الليسانس» عادت إلى بلدها وهي تحلم بالسفر إلى المغرب للعيش إلى جانب حبيبها الأمير عبد الله، فكان لها ذلك فتزوجت ابن السلطان محمد الخامس. لما ولجت الأميرة أبواب القصر الملكي حظيت باحترام من لدن الجميع، خاصة حماتها للا عبلة، فكانت تعاملها معاملة جيدة لأنها كانت تقدر فيها تضحيتها وحبها لابنها، لأنها تركت وطنها من أجل العيش إلى جانبه. عرف عنها اهتمامها بالتاريخ المغربي، فاستطاعت في ظرف وجيز أن تتأقلم مع العادات والتقاليد المغربية بكل تفاصيلها. عرفت علاقة الأميرة لمياء الصلح بعض التوتر مع الراحل الحسن الثاني. بعض العارفين بخبايا القصر، قالوا إن سبب ذلك يعود بالأساس إلى بعض المشاكل المرتبطة بالإرث، وبالعلاقة التي كانت متوترة لابنها مولاي هشام مع عمه الملك الحسن الثاني. لكن رغم كل المشاكل الأسرية فإن الحسن الثاني كان يحترم الأميرة لمياء الصلح ويقدرها كثيرا كزوجة لأخيه. عرف عنها اهتمامها بالعمل الاجتماعي، خاصة المكفوفين، إذ ترأس المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين بالمغرب، حيث سجلت حضورها القوي في هذا المجال، سواء من خلال افتتاحها لندوات علمية متخصصة، أو إشرافها المباشر على شؤون المنظمة من خلال العديد من الأنشطة والملتقيات، بل تعدى اهتمامها بالكفيف المغربي إلى الكفيف الإفريقي من خلال ترؤس أشغال المنتدى الرابع للمرأة الإفريقية الكفيفة والجمع العام السادس للاتحاد الإفريقي للمكفوفين اللذين احتضنتهما مدينة الدارالبيضاء من 24 إلى 28 نونبر من سنة 2008 تحت شعار “التكنولوجيا الحديثة في خدمة الكفيف”. ولم تنس الأميرة بلدها الأصل رغم وجودها ببلدها المغرب، إذ تحرص على حضور حفلات ذكرى استقلال بلد الأرز.