أعادت قضية صفقة حملة التحسيس بمخاطر أنفلونزا الخنازير، التي فوتتها وزارة الصحة بالاعتماد على استشارة محدودة، إحياء النقاش حول الصفقات العمومية التي تبرمها بعض المؤسسات العمومية دون الاعتماد على فتح طلبات عروض. صفقة الحملة التحسيسية بمخاطر «الأنفلونزا»، التي كانت محور جدال بين أوساط مشككة في هوية الشركة التي استفادت منها، وبين مؤكدين أن الطابع «الاستعجالي» للعملية دفع بالوزارة إلى اختيار نهج «الاستشارة المحدودة»، اقتصرت فيها الاستشارة على أربع وكالات للإشهار فقط عوض إطلاق طلبات عروض لضمان المنافسة، في شفافية، بين الشركات المتخصصة في ميدان الإشهار. القانون يجبر المؤسسات العمومية على إطلاق طلبات عروض عندما تتجاوز قيمة الصفقة مليون درهم، يقول مصدر من جمعية «ترانسبارانسي المغرب». ويؤكد أنه في حالة بعض المؤسسات يصبح هناك ما هو أهم من النصوص القانونية، وهي «الأخلاقيات والالتزام السياسي»، لأنه لإقناع العاملين، في رأي الحقوقي، داخل مؤسسة عمومية ما بمحاربة الفساد يجب أن ينهج رؤساؤهم نفس الشيء على مستوى الصفقات الكبرى التي يجب أن تمر في أجواء تخلو من الشبهات. واعتبر مصدر «المساء» أن الاستعجال في تمرير صفقة ليس له مبرر في حالة وزارة الصحة، لأن وباء أنفلونزا الخنازير أعلن عنه منذ بداية السنة الجارية، وبالتالي فإن ما يمكن القيام به في أربعة أسابيع قد يتم عمله في ظرف شهرين أو ثلاثة، وهي المدة الزمنية التي تأخذها عادة مسطرة فتح طلبات العروض. «الاستشارة المحدودة» في الاصطلاح القانوني تتمثل في اعتماد المؤسسة العمومية على انتقاء شركات متخصصة للاستفادة من الصفقة، وهو ما يفتح الباب أمام التأويلات على اعتبار غموض معايير الانتقاء في بعض الحالات. وأكد أحد من خبروا المشاركة في هذه العملية أن الشركات المنتقاة تمر، في مرحلة أولى، لتقديم عرضها التقني، ويتمثل في عدد المستخدمين بها المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والأطر التي ستشتغل في الصفقة، وفي بعض الأحيان يقتصر الانتقاء على مدى أقدمية الشركة في الميدان. ويضيف المصدر أنه في بعض الأحيان تحدد معايير تقنية على المقاس لفائدة شركة بين الشركات المتنافسة في «الاستشارة المحدودة» وتتقدم الأخريات على شكل «كومبارس» بعد تحديد معايير تطابق الشركة التي أريد لها الاستفادة من الصفقة، حيث يتم الاستغناء عن المنافسين في المرحلة الثانية المتعلقة بتقديم العرض المالي. وتتجه عدد من المؤسسات العمومية إلى نهج مسلك «الاستشارة المحدودة» وأيضا منح الصفقات بطرق مباشرة. وبالنسبة لعضو ترانسبارانسي المغرب، فإن المعنيين بالأمر، أي الشركات المنافسة، يجب أن يتحركوا للاحتجاج على مثل هذه الأوضاع والحيف الذي يطالهم، لأنه إن لم يدافعوا عن أنفسهم، يقول المصدر، فلن ينتظروا من غيرهم القيام بذلك.