ما إن تفتح جهاز تلفزتك، حتى تهاجمك مذيعة كانت تنتظر فقط أن (تُشْعل التلفزة) وتبادر إلى مخاطبتك بإلحاح، وكَتلْصْقَكْ وكَتْكَلَمْ من وراء ستار، وتدعوك إلى وليمة ستحولك في رمشة عين إلى ذلك المحظوظ الذي يُحالفه «الزْهْرْ» وَيُعَانِقُهُ الفوز بسيارة فاخرة أو شقة سكنية من «الستاندينغ» الرفيع. أو حتى تلفزة خارقة للعادة أو صالون دايزو لكلام، من النوع النّادر. يكفي أن تُرسل «إسْ إمْ إسْ» عبر هاتفك النّقال أو الثّابت بقيمة 12 درهما للإسْ إمْ إسْ الواحد. ولك أن تبعث ما تشاء من الإيسيميسات» (الرسائل النصية المؤدى عنها). ويكفيك أن تجيب عن سؤال حيّر العلماء والفقهاء والبحاثة والعارفين ببواطن الأمور من قبيل السؤال التالي: «ماذا كانت تنتعِل حماة الحاج بَزَّافْ، حين خرجت من الحمام. هل كانت تنتعل: 1 بلغة صفراء اللون 2 شربيل عكري 3 أم «صندالا دْيالْ الميكَا بيضاء اللّون»؟! لم تأت تلفزتنا المفضلة بالشيء الجديد في مجال المتاجرة الرّخيصة عبر تقنيات التواصل الحديثة وأهمها «الإس إمْ إسْ». فأول من لجأ إلى هذه الحيلة الجهنمية من أجل إفراغ جيوب «النظارة» السذّج هي الأعداد الغزيرة من القنوات الإباحية التي ازدهرت على القمر الصناعي «هوت بورد». وتلقفت قنوات «الكليبات» الغنائية المتخلفة وفضائيات «الرُّوتالات المفترسة» للجيوب، حيث أفلحت في استرداد قيمة استثماراتها من أموال الطامعين في جوائز مُغرية أو في لحظات دفء وهمية عبر الهاتف مع داعرات افتراضيات. وهكذا دخلت التلفزات المسماة مغربية ضمن جوقة الفضائيات التي «تبيع القرد وتضحك على اللّي شْراهْ». فالأمر يتعلق بقمار من نوع خاص، لا يجدُر بإعلام «عمومي» مُمَوّل من ضرائب المواطنين أن يفسد به سلوك المشاهدين عبر بيعهم الأوهام والأكاذيب. كما أن الإفلاس المادّي والمعنوي الذي لحق بالشركة «الوطنية للإذاعة والتلفزة على يد رئيسها لا يُجيز لها أن تستَنْزِفَ ما تبقى من دُرَيْهِمَات في جيوب شعب (يؤدي ظلما وإكراها ضريبة تمويل كارثة اسمها التلفزة المغربية) شعب مغلوب على أمره.