في إطار اتفاقيات التبادل الثقافي والفني بين فضاء تافوكت للإبداع ومجموعة من الفنانين والمثقفين الدانمركيين والعرب المنتمين إلى بعض الهيئات والمؤسسات الثقافية تنظيم أيام ثقافية فنية تُعرّف بالمغرب ما بين 10 و20 شتنبر 2009 بمدينة كولد بورغسن الدانمركية، وذلك بتقديم عروض في الموسيقى والرقص والغناء، تجسد مختلف التعبيرات الفنية بمختلف أشكالها وتنوعاتها الثقافية واللغوية المغربية. في هذا الإطار سيقدم فضاء تافوكت للإبداع أربعة عروض من مسرحيته: «أكوا» (الدخان) في مسارح المدينة وفي الشارع العام، وبمدارس مختصة في مجال الدراما واللغة، وببعض الجامعات، إضافة إلى لقاءات ثقافية مع العديد من الجهات المعنية، كما ستعمل الفرقة على تأطير ورشات في فن الرقص الأمازيغي بعدة مؤسسات جامعية، وسينظم سوق مغربي للتعريف بمنتجات الصناعة التقليدية، من المنتظر أن تساهم في إنجاحه وتنظيمه الجالية المغربية التي بدت متحمسة لهذه التظاهرة، وذلك حسب خالد بويشو، الكاتب العام لفضاء تافوكت، الذي صرح لالمساء»، قائلا إن هذه التظاهرة هي خطوة على درب تعاون وتبادل ثقافي أنجزت بعض لبناته في إطار مهرجاني تيزي وزو والدارالبيضاء للمسرح الإحترافي الأمازيغي. وستختتم الفرقة جولتها بعرض مسرحيتها في مركز الثقافات العالمية بكوبنهاغن. وستتم برمجة مسرحية «أكوا» مستقبلا على صعيد كل من هولندا والسويد. تشكل «أكوا» التي تم أيضا عرضها في إطار مهرجان بيضاوة للمسرح الاحترافي الأسبوع الفارط، فرجة درامية بمسحة عبثية تقترب كثيرا من التجريب حينا، وتبتعد عنه أحيانا أخرى لأجل فسح المجال لمساءلة ما يقع أو ما وقع. هي فرجة في طيها دعوة إلى تضميد الجراح في زمن المصالحة الذي انخرط فيه المغرب من أجل طي ملفات الماضي، أي ما اصطلح عليه بسنوات الجمر والرصاص. تنطلق الحكاية من اللاشيء – سيجارة – فتتدحرج كرة الثلج مشكلة حكاية واضحة المعالم عن جريمة قتل غامضة المعالم، وبين الغوص في سين وجيم قبيل الغرق في المعتقل يحلق العقل في اللامعقول، ولا يُعرَفُ إن كان في الواقع أو في منام يحرف الوقائع ويطمس المعالم، ليضيع العقل في محاولة الفهم. هي إذن دعوة إلى التأمل واستطلاع بعض أوجه ما كان، ومساءلة عقلية الجلاد أساسا، كما يذهب إلى ذلك مؤلف النص ومخرجه: مسرح درامي يعتمد على التوجه الاستطلاعي. إلا أنه مشوب بنوع من العبث وبعض التجريب، وهذا باعتماد الملفوظ الأمازيغي اليومي كتصور للكتابة... إنها كلمات بسيطة إلا أن تراصها يمنحها قوة وعمقا فكريين كبيرين. وقد اشتغل المخرج على جسد الممثل لضمان تيسير التواصل مع الجمهور غير الناطق باللغة الأمازيغية، مع الاقتصاد في الديكور والسينوغرافيا التي جعلها تتماشى مع الأحداث الصادرة في الجرائد والعائدة إليها، أبطالها شخوص متنوعة، قام بأداء أدوارها ممثلان، الأول يعبر عن الثابت وهي شخصية انحسرت في نفس الدور، فيما جسد الممثل الثاني أدورا طبعها الانتقال والتحول من شخصية إلى أخرى، بما فيها أدوار نسائية. مرد هذا الاختيار الفني والجمالي، في نظر خالد بويشو، كتابة نصية تقنية نحت نحو الاختزال والاقتصاد، وشمل ذلك أيضا الديكور والسينوغرافيا، حيث بدت على غير ما اعتاده الجمهور في أعمال سابقة لفضاء تافوكت المميزة بكبرها مع كثرة الممثلين، وهو ما كان يشكل حجر عثرة أمام تنقلات الفرقة نحو الخارج بالخصوص، حيث لا تجد من يدعمها في هذا الإطار كما أكد خالد. رامت هذه التجربة الإبداعية استفزاز الجمهور، فما يهم الفرقة هو الوقع الذي تخلفه المسرحية على الجمهور، لكن الأهم بالنسبة إليها أن تستشف الكائن الذي أمسى اعتياديا ومألوفا في المعيش اليومي ولا يثير أدنى رد فعل، فيما يظل الهدف الأسمى هو التحسيس جيدا بالسراب أو باللاجدوى التي أصبحنا نعيشهما ولا نحسهما في دوامة الحياة اليومية. ومن ثمة راهن العرض على جعل هذا المتفرج يطرح العديد من الأسئلة وهو يتابع وقائع الأحداث التي يقع هو نفسه في قلب لعبتها، ليسهم انطلاقا من منظوره الخاص للأشياء وتجاربه وتداعياته في إغناء العرض ورسم مستويات وخطوط توازي خط الفعل المتصل، وفق قالب فني توخى المتعة والإدهاش. المسرحية من تشخيص محمد بن سعود – سفيان أنير – خديجة أومزان، ومن تأليف وإخراج خالد بويشو. على صعيد آخر، تجدر الإشارة إلى أن فضاء تافوكت يستعد لتنظيم الدورة الرابعة من مهرجان الدارالبيضاء للمسرح الاحترافي الأمازيغي ما بين 8 و15 ماي 2010، وهي الدورة التي تم تأجيلها السنة الماضية، على خلفية تزامنها مع أجواء انطلاق المسلسل الانتخابي، ففضل فضاء تافوكت التأجيل حتى لا تختلط أنشطة المهرجان بكل ما من شأنه أن يعد انخراطا في حملة انتخابية أو ما شابه، كما أشار إلى ذلك بلاغ للجمعية على موقعها. هذا إضافة إلى كون قاعتين مهمتين وهما المركب الثقافي مولاي رشيد والمركب الثقافي سيدي بليوط تخضعان للإصلاحات ولن تكونا جاهزتين إلا بحلول الموسم المسرحي 09 / 2010 وتشكلان فضاءين لا محيد عنهما في التنظيم. وقد تم في هذا السياق الإحتفاظ بملفات الفرق المسرحية التي سبق وأن عبرت عن مشاركتها، كما أنها غير مطالبة بتجديد طلباتها إلا في حالة تغيير عرض المشاركة.