في تطور مفاجئ، أحيل ملف شبكة بارون المخدرات «اطريحة» على قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة نور الدين داحين، علما بأن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء كان قد أحال ملف «اطريحة ومن معه» على قاضي التحقيق بالغرفة الأولى عبد الوهاب الماجيدي، حيث إن هذا الأخير هو الذي أمر بإيداع المتهمين ال16 بسجن عكاشة في انتظار مباشرة التحقيق التفصيلي معهم. وعلمت «المساء» بأن القرار اتخذ الأسبوع الماضي دون أن يصدر بلاغ في الموضوع يحدد الأسباب التي جعلت الوكيل العام للملك بالبيضاء ينتزع ملف بارونات المخدرات من يد قاضي التحقيق بالغرفة الأولى ويمنحه لزميل له بالغرفة الثالثة، علما بأن الاثنين يتمتعان بنفس الصلاحيات التي تخول لهما مباشرة التحقيق في هذه الملفات، وأشارت مصادر قضائية متطابقة إلى أن القرار خلف ردود فعل داخل الجسم القضائي بالمدينة. وكان قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة هو الذي تولى التحقيق في ملف بارون المخدرات «بيلوكا» الذي تابعه الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتهمة الاتجار الدولي في المخدرات وتكوين عصابة إجرامية والارتشاء والتزوير، لكن قرار الإحالة الذي أنجزه داحين اكتفى فقط بتهمة الاتجار في المخدرات، وبالتالي أصبحت المحكمة الابتدائية هي المختصة وأسقطت عنه «الجناية». وقد علمت «المساء» بأن «بيلوكا» كان يمثل وحيدا أمام الوكيل العام للملك، ويتساءل مصدر مطلع: «أين تبخرت العصابة الإجرامية التي جاءت في صك الاتهام؟». وفيما نفى عبد الواحد الراضي، وزير العدل المغربي، خلال ندوة صحفية عقدها يوم الجمعة المنصرم بالرباط، أن يكون هناك قضاة متورطون في ملف بارونات المخدرات، ما زالت العديد من الفعاليات الحقوقية تنتظر مباشرة التحقيق التفصيلي مع كل الأسماء التي ذكرت، سواء في ملف المخدرات الرطبة أثناء الاستماع إلى شبكة «اطريحة» أو في ملف المخدرات القوية (الكوكايين) في ملف «محمد جوهري»، برلماني الأحرار السابق. وفي سياق متصل، اختارت الأجهزة الأمنية قناة «ميدي 1» الفضائية للحديث، لأول مرة، عن ملف بارونات المخدرات الذين جرى اعتقالهم في الأسابيع الماضية، حيث اتهم أحمد بن دحمان، أستاذ بالمعهد الملكي للشرطة، يوم الخميس المنصرم في برنامج «ضفتان» المسائي، فاعلين جمعويين ومنتخبين ورجال أمن ورجال سلطة محلية ومسؤولين جهويين بالتواطؤ مع بارونات المخدرات. وقال بن دحمان: «للأسف الشديد بدأنا نلاحظ اختراق هؤلاء الأباطرة للمنتخبين وبعض المكلفين بتشريع القوانين، الذين أصبحوا يلجؤون إلى خرق القوانين». واتهم بندحمان أيضا جهات، دون أن يسميها، مكلفة «بتنفيذ وإنفاذ القانون» بالتورط في هذا الملف.وأكد بندحمان أن «أباطرة المخدرات الذين تبقوا من الأباطرة القدامى راكموا ثروات كبيرة عبر نسج علاقات مع مسؤولين أمنيين، مسؤولين في السلطة المحلية، مع منتخبين وجهات فاعلة معينة، وبالتالي فإنهم يبحثون عن الحماية والرعاية للإفلات من العقاب». ورغم أن ممثل الإدارة العامة للأمن الوطني قلل من حجم اختراق بارونات المخدرات لأجهزة السلطة، معتبرا أن هذا «الاختراق ليس بالاختراق الكبير وليس بالشكل الذي يثير التخوف، 40 أو 100 موظف ليس بالعدد الكبير»، فإنه شدد على أن «أباطرة المخدرات لهم قدرة مادية واقتصادية هائلة، ففي حدود 2006 كانت القدرة المالية لأباطرة المخدرات تصل إلى حوالي 1000 مليار دولار على اعتبار أنهم يملكون ميزانيات تتجاوز بكثير ميزانية بعض الدول الإفريقية». وأبرز بندحمان أن هناك «إرادة لدى الدولة من أجل عدم ترك المجال للإفلات من العقاب، لقد انتهى زمن الحماية وزمن الإفلات من العقاب، فجميع الموظفين الذين ثبت تورطهم في التعامل مع أباطرة المخدرات سوف ينالون عقابهم مهما كانت مواقعهم، كما جاء في تصريح الوكيل العام للملك قبل أيام»، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن بعد المعلومات التي تحدث عنها أحمد بن دحمان هو: متى سيتم تقديم الموظفين المتورطين مع شبكات المخدرات، على اعتبار أن الذين تم إيداعهم سجن عكاشة لا يوجد بينهم أي موظف؟