تجري عناصر تابعة لمديرية حماية التراب الوطني، المعروفة اختصار ب«الديستي»، تحقيقا داخليا في ملف بارون المخدرات «اطريحة» حول فترة اعتقاله في سنة 2007 والتحقيق الذي أشرفت عليه الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. ويتجه التحقيق، حسب مصادر مطلعة، إلى ما جاءت به البيانات السرية وكذا المقالات الصحفية التي أشارت إلى أن الفرقة الوطنية تعاملت ب«ليونة» مع «اطريحة» على خلاف المعاملة التي يظفر بها كل تجار المخدرات بالمناطق الشمالية. وعلمت «المساء» أن تحقيقا تقوم به المصالح الأمنية الموازية للوصول إلى كل من كانت له يد في هذه العملية، خصوصا وأن هناك مصالح أمنية تستنكر طريقة معالجة ملفي «اطريحة» في سنة 2007 و«بيلوكا» في 2008، إضافة إلى ملف «الشارف»، والقاسم المشترك بينهم والذي يرتكز عليه التحقيق هو: «لماذا يسلم هؤلاء أنفسهم مباشرة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء؟ خصوصا إذا علمنا بأن هؤلاء يعلمون أنهم مطلوبون لدى النيابة العامة بتطوان وأكثر المساطر المرجعية التي اتخدت في حقهم كانت بمدينة طنجة والتي طلب الوكيل العام للملك بتطوان باستقدامها وضمها إلى ملفات كل تاجر مخدرات على حدة. والتساؤل الذي دفع بالعناصر التي تجري التحقيق إلى مواصلة البحث، هو هل هو ذكاء من هؤلاء التجار أن يسلموا أنفسهم إلى محكمة الاستئناف بالبيضاء التي توجد على مقربة من مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أم إن هناك أسبابا أخرى كانت وراء ذلك؟ وكانت الإشارة القوية، حسب مصدر أمني، والتي استندت إليها العناصر التي تجري التحقيق الموازي هي اسم القاضي الذي ذكر في ملف «اطريحة»، والذي وصفته الصحافة بكونه من عائلة ثرية، ومدى علاقته بهذه الملفات. وأشارت مصادر أمنية إلى أن «اطريحة» سلم نفسه مباشرة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء، والذي أحاله بدوره على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي سلمته بدورها إلى الوكيل العام بتطوان، حيث أحال هذا الأخير «اطريحة» على قاضي التحقيق باستئنافية تطوان، الذي قرر، حسب مذكرة إحالته، عدم الاختصاص وإحالة الملف من جديد على ابتدائية تطوان التي كانت لها شجاعة إدانة «اطريحة» بست سنوات سجنا، لكنه نال البراءة من المنسوب إليه في المرحلة الابتدائية. وهذه العملية تكررت مع «الشارف» عندما عاد إلى المغرب في سنة 2001، بعدما كان هاربا إلى إسبانيا، حيث سلم نفسه إلى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالبيضاء. ونفس الأمر تكرر كذلك في ملف «بيلوكا». على صعيد آخر، كشفت التحقيقات التي تنجزها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في ملف «اطريحة» أن هذا الأخير بدأ نشاطه في مجال المخدرات في سنة 1992 عن طريق أحد أقاربه واستطاع مراكمة ثروات كبيرة عبر تهريب المخدرات إلى إسبانيا، واعترف بأن منير الرماش والنيني كانا يعملان لديه. ورغم أن «اطريحة» قد ذكر في التحقيقات التي أجرتها عناصر الفرقة الوطنية والأجهزة الأمنية في كل من ملفي الرماش والنيني، فإنه استطاع الإفلات من العقاب. وقد اعترف «اطريحة» بأنه كانت لديه علاقات «مشبوهة» مع قضاة بتطوان حصل بواسطتها على البراءة في قضايا المخدرات التي كان اسمه يرد فيها، كما أقحم أسماء بعض المحامين الذين كانوا «وسطاء» وبعض الموظفين في الإدارة العامة للأمن الوطني الذين يعملون بمنطقة الشمال، إضافة إلى مسؤولي الدرك الملكي بشفشاون، وارتفع رقم مسؤولي الإدارة الترابية إلى 5 أطر تابعة لوزارة الداخلية تعمل بمنطقة شفشاون ونواحيها. وفي السياق ذاته، كشفت التحقيقات، التي تجريها عناصر الفرقة الوطنية مع بارون المخدرات «عبد الرحمن. ا»، أن هذا الأخير كان يستعين بعناصر من القوات المساعدة بمركز 26 بمارشيكا وأعوان سلطة بقيادة أركمان (ضواحي الناظور) للتغطية على أنشطة تهريب المخدرات إلى الشمال الإسباني بواسطة «الزواق النفاثة» عبر ميناء صغير بمنطقة «مارشيكا» بالقرب من الناظور مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 180 و250 ألف درهم عن كل عملية.