كان البريمر الإيطالي سيلفيور برلسكوني، أثناء مباراة الديربي بمدينة ميلانو التي جمعت يوم السبت الماضي فريقه الميلان بغريمه الإنتر، غير قادر على إخفاء غضبه وحنقه من نتيجة 4 مقابل صفر التي انتهى بها اللقاء لصالح مجموعة البرتغالي مورينهو؛ فقد كان يعول على انتصار أصدقاء رونالدينهو في الديربي لإعادة إصلاح صورته المهتزة داخليا وخارجيا من فضائح نسائية متكررة بدأت بجزيرة ساردينا ومرت عبر روما قبل أن تنتهي قضيتها بمدينة باري الإيطالية. لكن القدر شاء أن تكون إنتر مورينهو يوم السبت الماضي جاهزة تماما لتحرم برلسكوني من نشوة الانتصار وتزيد من أزماته حتى مع أنصار الميلان. فكيف لا يشعر بالغضب والحنق وجماهير ناديه الميلان تنعته في لقاء الديربي بأبشع العبارات وبكونه السبب في تراجع قوة ومكانة الميلان محليا وأوربيا، في وقت هاجمته فيه كبريات الصحف الأوربية والعالمية، لتعتبره عدوا لحرية الرأي والتعبير وسببا في تراجع الحريات بإيطاليا. فقد أقدم الرجل على رفع دعاوى قضائية على ثلاث من أهم الصحف المستقلة بأوربا: على «لاريبوبليكا» الإيطالية لأنها تناولت أخبارا عن مغامراته الجنسية قال إنها غير صحيحة، و على « إلباييس» الإسبانية لأنها نشرت صورا محظورة بإيطاليا كشفت عما كان يجري من سهرات المجون بفيلته بجزيرة ساردينا، إضافة إلى جريدة «لو نوفيل أوبسيرفاتور» الفرنسية التي يتهمها البريمر بنشر أخبار كاذبة عنه أساءت إليه ومست بصورته. شرود البريمر أثناء مقابلة الديربي ومغادرته بسرعة ملعب جوزيبي ميادزا.. كلها كانت مؤشرات أظهرت أنه يعيش أسوأ أيامه، خصوصا وأن محاولته إخراس الصحف الإيطالية والأوربية باءت بالفشل وتحولت إلى قضية رأي عام أوربي، وجعلت بالتالي كبريات الصحف الأوربية والعالمية تخصص لها صفحات وعناوين بارزة اتهمت رئيس وزراء إيطاليا ب«معاداة حرية الرأي والتعبير»، لتصفه إحدى المقالات والتقارير بكونه «زعيم الفاشية الجديدة» لاحتكاره وسائل الإعلام بإيطاليا ومحاولته التضييق على أخرى تعارضه. فبعد رفع محاميه غيديني دعوى قضائية على الصحف الأوربية الثلاث، سارعت جريدته «إلجورنالي» إلى مهاجمة جريدة «أفينير»، الناطقة باسم الفاتيكان، ومديرها دوتور بوفو الذي ينتقد باستمرار برلسكوني وحكومته بخصوص القضايا المتعلقة بالهجرة وبالحريات الدينية، مما عجل بإلغاء لقاء منتظر بين برلسكوني والسكرتير العام لجمهورية الفاتيكان الكاردينال تيرتشيزيو بيرتوني، لإنهاء أزمة بين الفاتيكان والحكومة الإيطالية كان السبب فيها حزب عصبة الشمال المشارك في الحكومة. أزمات برلسكوني لم تنته عند هذا الحد بل ستعرف تشعبا آخر عندما ستنزل جمعيات حقوقية ومعها اليسار الإيطالي المعارض إلى الشارع في مسيرات ستنظم في شهر سبتمبر المقبل للاحتجاج على ما أسمته ب«التردي الخطير وغير المسبوق للحريات العامة بإيطاليا في ظل حكم البريمر برلسكوني». وقال زعيم المعارضة الإيطالية داريو فرانتشيكيني إن الوقت قد حان لتغيير الأوضاع السيئة التي تعيشها إيطاليا، مطالبا كل القوى السياسية والمنظمات الحقوقية ومؤسسات وجمعيات المجتمع المدني بإيطاليا بالخروج بكثرة في المسيرات لطرد كابوس اسمه سيلفيو برلسكوني.