يلقبه جمهور الميلان ب«إلماغو» ( الساحر) لقدرته على إخفاء الكرة عن الخصم ومراوغة منافسيه بكل سهولة، ويعتبره مشجعو منتخب السامبا لاعبا بمقومات وشروط اللاعب البرازيلي المثالي، الذي يمتع ويسجل ويقاتل داخل الملعب. رونالدو دي أسيس أو رونالدينهو كما أسماه أصدقاء الطفولة، يبقى رغم كل ما قيل عن تراجع في مستواه، نجما بكل ما تحمل الكلمة من معنى بعد أن فند كل الأقاويل ليؤكد أن نجمه لم يأفل بعد، وأن ذكريات برشلونة قد تتكرر مرة أخرى مع الميلان. التقته «المساء» الرياضي بالمركز الرياضي الميلانيلّو لتجري معه حوارا تحدث فيه عن صحوته الجديدة وعن مساره الكروي، قبل الدخول معه في حديث عن إمكانية مشاركته مع منتخب بلاده في المونديال القادم بجنوب إفريقيا. «مسار النجوم» هو رونالدو دي أسيس موريرا الملقب من طرف أصدقاء الطفولة وزملائه باسم رونالدينهو لأنه كان أصغر لاعب ضمن عناصر الفرق البرازيلية التي لعب لها. ولد في 21 مارس 1980 بمدينة «بورتو أليغري» البرازيلية حيث ترعرع في حيها «باريو فيلا نوفا» الذي تعلم فيه المبادئ الأولية في كرة القدم. تأثر رونالدينهو بوالده الذي كان يعشق الكرة ويلعبها كهاو بفريق «إيسبورت كلوب كروسييرو» بنفس المدينة، ليبدأ مشواره الكروي بمساندة أخيه الأكبر روبيرتو، الذي أصبح المسؤول عنه بعد وفاة الأب وهو في سن الثامنة. لعب رونالدينهو كرة القدم الشاطئية قبل أن يلعب لفريق مدرسة الحي وينضم في 1995 إلى فريق غيرميو ليدخل عالم الاحتراف وتتغير الحياة بالنسبة إليه ولأسرته بعد أن بدأ نجمه يتلألأ في سماء كرة القدم البرازيلية، هكذا قادته موهبته وطريقة لعبه المتميزة إلى المنتخب البرازيلي لأقل من 17 سنة حيث أدهش جميع المتتبعين بمونديال الشباب الذي نظم في مصر. في سنة 2001 انضم دينهو، رغم عدم موافقة فريقه غريميو، إلى فريق باري سان جيرمان الفرنسي ليدخل عالم الاحتراف الدولي من بابه الواسع ويبدأ اسمه يتألق خارج الحدود وبشكل خاص بأوروبا حيث تألق في الدوري الفرنسي بشكل ملفت للنظر، مما دفع الفريق الكاتالوني برشلونة، في سنة 2003، إلى تقديم 30 مليون أورو لينضم إلى صفوفها ويصبح نجم دوري الليغا الإسباني بدون منازع . فمع البارصا صنع دينهو أمجادا وأهدافا وطريقة لعب مازالت عالقة في أذهان محبي الفريق الإسباني الذي عبر عن خيبة أمله عندما تمكن الميلان من جلبه إلى صفوفه في 2008 بعد مفاوضات ماراطونية بين غالياني و لابورتا، ليتم فتح رصيد كروي جديد له بإيطاليا. - هلا ذكرت لنا أسباب الصحوة التي يعيشها دينهو في هذه الأيام؟ لا أعرف بالضبط، لكنني على يقين بأن الأجواء الصحية والجيدة التي أعيشها بنادي الميلان مع زملائي وأصدقائي كان لها تأثير في أدائي، لأعود إلى تسجيل الأهداف وإلى الظهور مجددا بالمستوى الذي كنت عليه قبل سنوات. - ما هو ردك على من يعتبرك أسطورة منتهية ؟ ردي على كل من يعتبر أنني قد انتهيت وأن تألقي مع البارصا هو أرشيف من الماضي، هو أنني عائد وبقوة وأن ضعف المستوى الذي عانيت منه كان بسبب بعض المدربين والمسؤولين الذين صادفتهم والذين لم يستطيعوا معرفة الظروف الصعبة التي كنت أمر منها، أنا اليوم بخير وتتوفر لي كل ظروف الراحة والأجواء الملائمة للعودة إلى القوة والأهداف والانتصارات وذلك بفضل عراقة واحترافية الميلان التي لا تكمن فقط في قيمة لاعبيه ومسيريه، بل كذلك في تمكنه، وفي أزمات عدة، من الخروج منتصرا وقادرا على التحدي، وأعتقد أن فلسفته هذه هي التي ساعدتني على التخلص من جميع مشاكلي وإعادة الثقة إلى نفسي لأعود لتسجيل الأهداف ولإمتاع الجماهير. - لماذا خسر الميلان في الديربي ؟ ليس هناك أسباب واضحة، فقد كنا على أهبة الاستعداد لهذه المواجهة، لكن ظروف المقابلة كانت في غير صالحنا ليباغتنا الإنتر بهدف مفاجئ، وفي الحقيقة، فإن غياب نيستا كان له بعض التأثير على دفاع الميلان الذي عانى أمام هجمات الإنتيريستي . - هل بهذه الخسارة فقد الميلان كل آماله للفوز بالسكوديتو ؟ لا أعتقد ذلك، فالموسم مازال لم ينته بعد وهناك فرص كثيرة يجب استغلالها للاقتراب من مقدمة الترتيب، وبالتالي تهديد الإنتر، ما يهم الآن هو أن نلعب باقي المقابلات بمزيد من الثقة في النفس والقوة لجلب نقاط قد تساعدنا على بلوغ هذا الهدف. -بكل موضوعية من هو الفريق الأقرب للفوز بلقب الدوري الكروي الإيطالي ؟ الإنتر بدون منازع هو الفريق الذي يتوفر على جميع شروط القوة، فهو يحتكم على مدرب محنك يتقن مهنته، وعلى لاعبين من العيار الثقيل قادرين على تغيير نتيجة المقابلة لصالح فريقهم حتى في أصعب الظروف، لكن هذا لا يعني أن الميلان أضعف منه، رغم هزيمتنا في الديربي، فهو الآخر تتوفر فيه نفس الشروط، وأعتقد أن من سيفوز بلقب الدوري هو من سيركز أكثر ومن ستكون له القدرة على الحفاظ على نفس الإيقاع. أما اليوفي فالأزمة التي يعيشها جعلته بعيدا عن المنافسة، وبالتالي لن يتمكن من اللحاق بفريقي مدينة ميلانو. ولهذا أتأسف لليوفي ولمدربها الشاب فيرارا الذي أتمنى له حظا سعيدا وتجربة ناجحة مع فريق آخر. - هل ينوي رونالدينهو إنهاء مشواره مع الميلان أم يفضل إنهاءه بالبرازيل بأحد الفرق هناك مثلما فعل أدريانو؟ شيء جميل ورائع أن ألعب وأنهي مشواري الكروي بالبرازيل وفي أجوائه الكروية الجميلة، لكنني سعيد جدا مع الميلان وفي قمة عطائي معه، وسأجدد عقدي معه لمواسم أخرى وأتمنى أن أنهي مشواري الكروي معه. بالنسبة إلى أدريانو، فإن عودته إلى البرازيل كانت بدافع الأزمة التي كان يعيشها مع الإنتر وأعتقد أن اختياره العودة في هذه الظروف كان صائبا لأننا اليوم أمام أدريانو قوي وفعال كما كان في السابق، وأرى أنه إن استمر في نهجه هذا صحبة الفلامينكو فإنه سيعود مرة أخرى إلى الواجهة كأفضل المهاجمين البرازيليين. - ماذا كان إحساسك بعد مغادرة كاكا نحو الريال ؟ رحيل كاكا نحو الريال ترك فراغا كبيرا في خطي وسط وهجوم الروسو نيري وهذا الأمر كان مؤثرا نوعا ما على أداء الميلان وعلى نفسيتي، فقد كنت أعتقد أن مغادرتي إسبانيا نحو إيطاليا ستقربني أكثر من أصدقائي وعلى رأسهم كاكا لأفاجأ برحيله في الاتجاه المعاكس نحو إسبانيا. بكل تأكيد رحيله أثر على أداء الميلان، لكن هناك لاعبون سيعوضونه في المستقبل القريب ويتعلق الأمر بزميلي و صديقي الصغير باتو. - إذا ذكرت لك اسم البارصا ماذا يتبادر إلى ذهنك؟ لي ذكريات جميلة مع البارصا، وأعتقد أنها ستبقى من النقاط الإيجابية في علاقتي به وبجمهوره والمسؤولين عنه، لن أنسى هذه الفترة من حياتي فقد كان لها الفضل الكبير في التعريف باسم رونالدينهو رغم أنني قبل مغادرة هذا النادي الكبير تعرضت لظروف ومشاكل حالت دون الاستمرار معه. - و كيف هي علاقتك بالمسؤولين عن الفريق الكاتالوني و لاعبيه؟ هي علاقة جيدة وأتواصل من حين لآخر مع عدد من اللاعبين الذين أحترمهم وأقدرهم وكما قلت لك فالمرحلة التي لعبت فيها لهذا الفريق الكبير لن أنساها. - هل الدوري الإسباني كان اللعب فيه أسهل بالنسبة إليك من اللعب في دوري الكالتشيو الإيطالي ؟ الدوري الإسباني دائما مميز رغم أنه لا يقل قوة وحيوية عن الدوري الكروي الإيطالي الصعب، وفي الحقيقة فإن لعبي فيه لمواسم كان له الأثر الإيجابي في مساري الكروي الذي أصبح غنيا بانضمامي إلى الميلان وإلى الدوري الإيطالي الذي يحتاج فيه اللاعب، مهما كانت قوته، إلى تجربة أكبر وأعتقد أن كلمة أقوى يمكن أن نعتمد عليها لوضع مقارنة بين الدوريين، فكلاهما قويان، والدليل على ذلك توفرهما على أقوى الفرق في العالم مثل البارصا و الميلان و الريال و الإنتر. - لكن البارصا انتصرت على الكل وأظهرت أن الدوري الإسباني أقوى؟ بكل صراحة، فظاهرة الموسم الماضي وهذا الموسم، وبدون منازع، يبقى هو فريق البارصا الذي تمكن من الفوز بعدد من الألقاب كان آخرها لقب بطولة العالم للفرق بأبوظبي، وأعتقد أن جلب هذه الألقاب يرجع الفضل فيه إلى العناصر الكاتالونية الشابة وإلى مدربهم الجيد والمقتدر غوارديولا، وليس إلى تميز الدوري الإسباني عن الدوريات الكروية الأخرى، الدليل على ذلك هو أن الفرق الإسبانية الأخرى وعلى رأسها الريال لم تحقق أي شيء يذكر. - ما هي قراءتك لخصم الميلان في منافسات عصبة الأبطال الأوربية وهل الرسونيري قادرون على تخطيه ؟ لقب أوربي جديد يعني الشيء الكثير بالنسبة إلي، وأنا متفائل مع مجموعة ليوناردو بالفوز بلقب عصبة الأبطال، لأننا مجموعة متفاهمة ومنسجمة تضم لاعبين صغارا وموهوبين وآخرين كبارا بتجربتهم في الملاعب، وبقدرتهم على التعامل مع أجواء المقابلات الأوربية، المهمة بطبيعة الحال لن تكون سهلة المنال خصوصا أن خصمنا من العيار الثقيل ويمثل إحدى دعامات كرة القدم الإنجليزية، لكنني أعرف أن الميلان لاعبين ومدربا ومسيرين يتمتعون بثقافة التعامل مع الفرق القوية، خصوصا الأوربية منها، لهذا فأنا متفائل وسأدافع عن ألوان الميلان لتحقيق النصر، و لتفنيد أقوال كل من يدعي أن الميلان أصبح أضعف من السابق وغير قادر على حصد الألقاب. - كيف هي علاقتك بمدرب منتخب السامبا دونغا؟ هي علاقة جيدة يسودها الاحترام المتبادل، وأنا أكن كل التقدير لهذا المدرب الشاب الذي أظهر كفاءة وقدرة على تدريب المنتخبات الكبرى. - علمنا أنه استدعاك للقاء الثاني من مارس الذي سيجمع منتخب السامبا بنظيره الأيرلندي؟ رغم أنني لا أريد الخوض في هذا الموضوع لكوني منشغل بأمور أخرى. فإنني لا أخفي سعادتي بدعوة دونغا لي للانضمام إلى زملائي وأصدقائي بالمنتخب. شيء جميل أن تعود إلى مستواك والأجمل منه أن يعترف الآخرون بهذا الأمر لتعود المياه إلى مجاريها. - سمعنا أن رونالدينهو معجب بغاتوزو وتجمعه به صداقة قوية ؟ نعم، أنا معجب بصديقي غاتوزو وأحب أن أرافقه ويرافقني إلى أي مكان، فعلاقتي به بدأت عندما كنت بالبارصا لتتشعب وتتقوى بوصولي إلى الميلان، أعتز بصداقته واعتبرها كنزا ثمينا، لكن هذا لا يعني أن هناك فقط غاتوزو، بل هناك أصدقاء آخرون داخل النادي والفريق وحتى خارجهما، فمثلا تجمعني علاقة صداقة قوية بمايكون لاعب الإنتر مثل العلاقة التي تجمعني بجوليو سيزار حارس مرمى نفس الفريق. دينهو المهاجم الذي لا يقهر كانت أهداف دينهو دائما حاسمة واستعراضية، فمنذ أن لعب مع فريق مدرسة الحي الذي كبر فيه وهو يظهر هذه الموهبة، ففي سنة 1993 سجل في مقابلة واحدة مع فريق المدرسة 23 هدفا. وفي مقابلة تاريخية لفريقه برشلونة ضد غريمه الكلاسيكي ريال مدريد في موسم -2005 2006 سجل هدفا رائعا في مرمى فريق المرينيغي بقي محفورا في أذهان مشجعي البارصا بعد أن انطلق من وسط الملعب ليراوغ ثلاثة خصوم، أمام ذهول جمهور ملعب بيرنابيو بمدريد الذي وقف للتصفيق للنجم البرازيلي. في تلك المقابلة انتصر البارصا على الريال بثلاثة أهداف نظيفة. نفس الفرجة والتألق أظهرها رونالدينهو في مقابلة البارصا ضد الميلان برسم منافسات عصبة الأبطال الأوربية لموسم 2004 حين سجل هدفا استعراضيا في الدقائق الأخيرة من عمر المقابلة في مرمى الروسو نيري. في الموسم الماضي زأر و ثأر رونالدينهو وبقوة لفريقه الجديد الميلان في مقابلة الديربي حين سجل هدفا رأسيا رائعا في مرمى حارس الإنتر جوليو سيزار بعد تمريرة محكمة من زميله ومواطنه ريكاردو كاكا. أهداف دينهو الاستعراضية وقدرته على اختراق دفاعات الخصوم بمراوغات سحرية مكنته من الحصول على عدد من الجوائز والألقاب الشخصية، كان أولها لقبا هداف دوري غاوشو بالبرازيل و كأس الكونفدرالية للفيفا سنة 1999 ليحصل في موسم 2004 2005- على لقب الفيفا «ورد بلاي» لأحسن لاعب، وعلى لقب لاعب السنة «ورلد ساكر» وفي نفس الموسم حصل على جائزة الاتحاد الأوربي لأحسن مهاجم وعلى الكرة الذهبية، قبل حصوله في 2006 على لقب لاعب السنة. وفي سنة 2009 حصل على جائزة «غولدن فوت» الدولية مؤكدا أن رونالدينهو مازال بخير، ومازالت لديه القدرة على إمتاع جماهيره والمعجبين به في جميع أرجاء العالم.