لم يكن بمقدورهم أن يستمتعوا برقصة الطانغو أمام نظرائهم البرازيليين، لأن رقصة السامبا هذه المرة خدشت كبرياءهم على ملعب روساريو وأمام الآلاف من المشجعين الأرجنتينيين، وهم يرون بأم أعينهم كيف اندحر أصدقاء أغويرو (31) أمام البرازيل· لم يكن يتوقع أشد المتشائمين أن يسقط المنتخب الأرجنتيني بذات الصورة أمام غريم يجمعهما صراع أبدي، كان الأرجنتينيون ينتظرون الخسارة داخل قلاعهم أمام أي منتخب إلا البرازيل، فعندما يتعلق الأمر بالسيلسيساو، فالأكيد أن الخسارة ستعقبها ردود فعل قوية، وهو ما كان عندما وجهت أصابع الإتهام للمدرب مارادونا الأسطورة الأرجنتينية الذي سحر عشاق الطانغو بلمساته وعروضه الجميلة· مارادونا اليوم يعيش أصعب أيامه منذ أن بدأ في مداعبة الكرة كلاعب لا يشق له غبار، ولم تنجب بعده المستديرة لاعبا مثله، كل الأرجنتين اليوم تعبر عن سخطها لما آل إليه المنتخب الأرجنتيني، حيث بات مهددا وعلى غير العادة بعدم التأهل إلى المونديال، إذ يحتل المركز الرابع وأمامه ثلاث مباريات سيلعب منها مبارتين خارج عرينه أمام الباراغواي والأوروغواي ويستضيف البيرو، ما يؤكد أن المرحلة القادمة لن تكون سهلة ومريحة لمنتخب مطالب بعدم إهدار مزيد من النقاط ومواصلة السقوط· العديد من المتتبعين لن يصدقوا أن ينظم مونديالا من دون الأرجنتين، فهناك من المنتخبات التي تعطي رونقا وجمالا لمثل هذه المنافسات، وحضورها يضمن نجاحا آخرا، فيما غيابها يفقد النهائيات نقاطا ثمينة، والمنتخب الأرجنتيني وعلى غرار مثل البرازيل أو ألمانيا يعد رقما صعبا في معادلة كأس العالم، ومن اللازم أن يكون حاضرا بجنوب إفريقيا· والأكيد أن مارادونا سيكون المسؤول الأول في حالة الإقصاء، ولو أنه ومن الآن يطالب أغلب الأرجنتينيين بإقالته لتفادي حدوث كارثة·· لقد تغيرت اليوم صورة مارادونا، فهو لم يعد ذلك البطل الذي رفع من شأن بلده في مختلف المحافل الدولية، اليوم يطلب منه الأرجنتينيون الرحيل والإبتعاد عن المستديرة التي صنعت له إسما كبيرا في عالم الكرة· الموقف الذي يتواجد عليه مارادونا يؤكد أن للكرة يومان، يوم لك ويوم عليك، فبعد أن كانت كل أنواع المديح والإشادة والعشق تنهال على مارادونا، بات اليوم سببا في ما تتعرض له الكرة الأرجنتينية من مهازل، لكن بين مهنة لاعب الكرة والتدريب مساحة شاسعة تؤكد مجددا أنه ليس كل لاعب ونجم كبير يستطيع أن يصبح مدربا ناجحا، وليس كل لاعب فاشل لا يستطيع أن يتحول إلى مدرب كبير، ولنا في البرتغالي خوسي مورينيو أكبر مثال، حيث توقف مساره الكروي في سن مبكرة مع أحد أندية الدرجة الثانية البرتغالي، لأنه كان لاعبا عاديا، لكنه أصبح اليوم أحد أشهر وأمهر المدربين، ولا مجال لمقارنة الإثنين كلاعبين سابقين أومدربين· لم تنفع نجومية مارادونا لإنقاذ الأرجنتين ولا إسمه الذي كان يهابه جل المدافعين والحراس، مارادونا النجم واللاعب ليس هو مارادونا المدرب، وسحر الأقدام لا يمت بسحر الطقوس التكتيكية ودهاء وحنكة التدريب· منتخب الأرجنتين اليوم بحاجة لمدرب كبير بتجربته وعبقريته لينتقذه، وليس بحاجة لنجم كرة سابق على بنك الإحتياط يدير منتخبا مدججا بالنجوم والمواهب، بل بحاجة لربان محنك يقودهم نحو شط التأهل·· الأرجنتينيون اليوم يصرخون في وجه مارادونا ويطالبونه بالرحيل·· فشكرا مارادونا على الذكريات في ملاعب الكرة، فمنتخب الطانغو يريد أن يحضر في جنوب إفريقيا·