هل هي رجل في ثوب امرأة؟ هذا هو السؤال الذي طرح على كل من شاهد المتسابقة الجنوب أفريقية كاستر سيمينايا في نهائي مسابقة 800 متر سيدات خلال بطولة العالم التي جرت مؤخرا بألمانيا. حققت هذه المتسابقة أحسن رقم في هذه المسافة هذا العام، وأثارت جدلا واسعا بسبب قوتها البدنية الخارقة رغم حداثة سنها، فهي لا تبلغ من العمر سوى 18 سنة وطريقة ركضها الشبيهة تماما بركض رجل حتى بات البعض يشكك في هذه البطلة وفي جنسها الحقيقي هل هي أنثى أم ذكر، فشكل العداءة يميل إلى الرجولة أكثر من الأنوثة. وبدأت الشكوك تحوم حول الهوية الجنسية لكاستر منذ بطولة العالم للشبان بجزر الموريس حيث حققت أرقاما جيدة، آنذاك الكل بدأ يتساءل هل هو بزوغ عداءة خارقة أم أنثى تتوفر على هرمونات ذكورية. ويوضح المتحدث باسم الاتحاد الدولي لألعاب القوى نيك ديفيس في هذا الخصوص: «بعد أرقامها اللافتة في بطولة إفريقيا للشابات، حيث حسنت رقميها في سباقي 800 م و1500 م، راجت شائعات وتكهنات بخصوصها. اتصلنا بأعضاء الاتحاد الجنوب إفريقي لألعاب القوى لمعرفة ما إذا كان لديهم وثائق لتأكيد جنس سيمينايا وهم الآن بصدد جمعها، لكن يجب أن نعرف أنها عملية معقدة ومكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً». وتابع «إنها مسألة نأخذها على محمل الجد». حكاية كاستر سيمينايا تعود بالذاكرة إلى أحداث ووقائع مماثلة. خلال الألعاب الأولمبية ببرلين سنة 1936 لبس هرمان راتين خلال تلك الألعاب لباس امرأة باسم دورا راتين. ولكي يداري ملامحه الذكورية، ويبرر شاربه، تحدث عن أنه خنثى. ولكن في حقيقة الأمر لم يكن خنثى. في عام 1938 تمكن من تحطيم الرقم القياسي في القفز الطولي. قال “كنت دائما رجلا، لكن النظام النازي (الذي منع أحسن رياضية في القفز يهودية الأصل من المشاركة) فرض علي أن أشارك باعتباري امرأة”. غير أن هرمان/دورا لم يتمكن من تجاوز مراقبة الجنس التي قامت بها الوكالة الأولمبية الدولية سنة 1968. غير أن هذه المراقبة لم تعد إجبارية منذ سنة 2000. لقد فرضت الحركات النسائية أن يتم إلغاء هذه المراقبة. فهذه الحركات تعتقد بأن الجنس سواء ذكوري أو أنثوي لشخص ما لا يتعلق فقط بالجسم أو الهرمونات أو بالكرومازومات، بل هو شيء معقد وتتدخل فيه التربية التي يتلقاها الشخص وبشكل خاص الاعتبار الخاص للشخص تجاه جنسه. الخلاف الذي نشب حول تحديد الهوية الجنسية لكاستر سيمينايا، نشب أيضا حول لاعبة كرة المضرب الألمانية سارة غرونيت. ولدت هذه الشابة البالغة من العمر 22 سنة، خنثى، وكانت تحمل جهازا تناسليا ذكوريا وأنثويا. في سن التاسعة عشرة قررت أن تغير جنسها عبر عملية جراحية، استئصل بموجبها الجهاز التناسلي الذكوري واختارت أن تكون أنثى. وتوجهت إلى لعب كرة المضرب وبدأت ترتقي المراتب في التصنيف الألماني والعالمي. وفي الملاعب وخارجها أصبحت تتعرض سارة للسخرية. فقررت أن تتوقف عن اللعب، ولكنها ستعود في ما بعد إلى المنافسات. وأصبحت تحتل حاليا المرتبة 539 عالميا. وخلال لقاء في إسرائيل، تمكنت من الفوز بكأس تلك الدورة. وبدأت التعليقات تكثر حول هويتها الجنسية. وقال مدرب إحدى اللاعبات الإسرائيليات التي انهزمت أمام سارة: «لا توجد امرأة يمكن أن تلعب مثلها حتى ولو كانت دونيس وليامز (لاعبة كرة المضرب الأمريكية الشهيرة). إنها ليست امرأة، إنها رجل. لا توجد امرأة يمكن أن تلعب مثلها. لا توجد امرأة لها نفس التقنيات».