في البرازيل اكتشفت أمريكا. نعم، أنا أيضا اكتشفت أن البرازيل تقع في قارة أمريكا، ولكن في المدينة البرازيلية الكبرى، ريو دي جنيرو، «اكتشفت أمريكا»: دعتني الأممالمتحدة، مثلما دعت صحافيين إسرائيليين آخرين إلى السفر 15 ساعة من الطيران من مطار بن غوريون للمشاركة في حلقة بحث في الموضوع غير الأصيل «الشرق الأوسط والسلام» بهدف ردم الهوات في الآراء والمواقف، وخلق حوار. عندما انتهى يوم المباحثات، شعرت بأن مساهمة الأممالمتحدة في «ردم الهوات» بين الطرفين كان معاكسا: تعميق الهوة، وليس فقط عقب المواجهة السياسية، وإن كانت قتالية. علي أن أقول هنا ببساطة لمن دعاني (ولست ناطقا بلسان زملائي الصحافيين الآخرين من إسرائيل): سيدي، السيد كيو إكسكا، نائب الأمين العام للأمم المتحدة، وقفت على رأس مؤتمر يرمي إلى تعميق الكراهية لدولتي، إسرائيل. حتى في داخل دولتنا يوجد شرخ حول الحل المرغوب فيه للنزاع طويل الأمد والمدرج بالدماء، ويحتمل أن يتقلص الشرخ قليلا عقب استعداد نتنياهو الاعتراف بحل «الدولتين». ولكن مؤتمر ريو ذاك، بإشراف وتنظيم الأممالمتحدة بالنسبة إلى كل التفاصيل في جدول الأعمال، كان يرمي إلى وضع إسرائيل في قفص الاتهام دون منحها الحق في الدفاع النزيه عن نفسها، حق الكلام المتساوي لمن لا يعتقدون بأن القيادات الفلسطينية، على مدى السنين، أسمى، من ناحية أخلاقية، من دولة إسرائيل. وعليه فبودي أن أصف على حد انطباعاتي مؤتمر ريو ببساطة تامة: «عرض للكراهية» لإسرائيل برعاية الأممالمتحدة. حين يكون معظم المتحدثين يمثلون الجانب الفلسطيني، وعندما يكون رؤساء المداولات يعرفون لمن بين الجمهور ينبغي السماح بالحديث، عفوا، التشهير بدولة إسرائيل؛ وعندما يكون رئيس إحدى المداولات لا يسمح للنائبة رونيت تيروش، العضو في المجلس التشريعي الإسرائيلي، وليس في كتلة يمينية متطرفة، بإكمال كلمتها بالعبرية أو بالإنجليزية؛ عندما يكون الرؤساء بشكل عام يتصرفون بسخاء في القلب (وفي الزمن) تجاه من «يقدمون البضاعة» أي وضع إسرائيل كهدف في مرمى النار- بمن فيهم أيضا شخصيات يهودية محلية – فقد فهمت لماذا لم تستقبل كلماتي فقط بالتصفيق بغرض المجاملة. بالنسبة إلي كانت هذه مجرد إشارة. قلت، وبشكل مباشر أمورا لم يستسغها 99 في المائة من المشاركين. وشعرت برضى هائل لاستقبالهم كلامي بتهكم، ولا سمح الله ليس بحماسة. وكنت سأشعر بالإهانة لو أنني أنا أيضا على سبيل العادة، أطلقت نشيد الكراهية لبلادي، الأمر الذي كان سينتزع بالتأكيد تصفيقا حادا. ولكنني إجمالا، من سأل مثلا ضمن أمور أخرى لماذا أقيمت «منظمة التحرير الفلسطينية» في العام 1964 قبل أن تكون إسرائيل إمبراطورية، قبل «الاحتلال»، قبل أن تقام المستوطنات خلف الخط الأخضر؟ أي «فلسطين» سعت المنظمة «إلى تحريرها»، أم أنها سعت قبل حرب الأيام الستة إلى خراب إسرائيل؟ حقق مؤتمر ريو بالفعل هدفا واحدا لعله لم يقصده حقا: توسيع الهوة بدلا من تقليصها. في الإجمال الختامي للمؤتمر أعرب أكسكا، نائب الأمين العام للأمم المتحدة، عن أمنيته في أن نكتب نحن الصحافيين المشاركين، عن المؤتمر، فقال: «أطلب منكم أن تكتبوا عما سمعتم في هذه الحلقة الدراسية». وكأحد المدعوين إلى هذا المؤتمر في ريو، فمن واجبي كصحافي مشارك أن أنقل إلى القراء تقريري فأنفذ بذلك أمنية واحد من كبار جهاز الأممالمتحدة. في السنة القادمة يفترض في هذه الحلقة الدراسية بمشاركيها، أن تجتمع في الرباط في المغرب. عندها، لا أظن أن تصدر أحد في الأممالمتحدة دعوة إلى الموقع أدناه أيضا. ولكن مشاركة أولئك الذين استقبلت كلماتهم بتصفيق عاصف في ريو دي جنيرو سيكون مرغوبا فيها كثيرا. وأنا سأكتفي بلقاء، دون وساطة الأممالمتحدة، دون بطاقة سفر، في القدس، في بئر السبع، في سديروت أو في رام الله.