أجمع الفاعلون السياسيون على ضرورة مراجعة وظيفة الغرف المهنية، حتى تواكب عصر التكنولوجيا، والاتصال متعدد الوسائط، وتخرج من نفق تبادل المنافع الشخصية والحزبية، إلى وظيفة أوسع، من خلال مراجعة تركيبة مجلس المستشارين، ووظيفته الدستورية، بغاية تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي. ونص دستور سنة 1996، في الفصول 93 و94 و95، على إحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وأعطى للحكومة ومجلس النواب، ومجلس المستشارين حقَّ استشارته في جميع القضايا التي لها طابع إقتصادي، وإجتماعي، حيث يدلي المجلس الاقتصادي والاجتماعي برأيه في الاتجاهات العامة للإقتصاد الوطني. ونص الفصل 95 على ضرورة إصدار قانون تنظيمي يوضح تركيبة المجلس وتنظيمه وصلاحياته. وبما أن الغرف كان لها بالإضافة الى أدوار مهنية، دور استشاري محض، فإن المجلس الإقتصادي والاجتماعي هو الذي سيتكفل بها وقال الملك محمد السادس، في خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش، « نؤكد على ضرورة تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، كإطار مؤسسي للحوار، وكقوة إقتراحية لبلورة الميثاق الاجتماعي، بما يخدم تنمية بلدنا ويمكنها من مواصلة مسارها الإصلاحي ويجعلها قادرة على مواجهة الظرفيات الصعبة والحفاظ على ثقة شركائنا وتعزيز جاذبية المغرب للاستثمارات والكفاءات»، مؤكدا أنه سيتصدى لما اعترض مبادرة التنمية البشرية، من عراقيل وصعوبات وقرر إعطاء دفعة قوية لهذا الورش الدائم، انطلاقا من توجيهات واضحة، منها توخي المزيد من النجاعة وتحقيق مكتسبات، حيث دعا الفاعلين عند إعداد المشاريع، إلى ضرورة مراعاة نوعيتها واستمراريتها والتقائها مع مختلف البرامج القطاعية ومخططات التنمية الجماعية، مشددا على التقييم والمراقبة والاهتمام بالمشاريع الصغرى الموفرة لفرص الشغل والدخل القار. وبتركيز ملك البلاد على أهمية مواصلة الورش الاقتصادي والاجتماعي، وحديث الأمناء العامين للأحزاب السياسية سواء المشاركة في الحكومة، أو المعارضة لها، ممثلة في البرلمان أو غيره، على أهمية تعديل الدستور وإتفاقهم على مراجعة تركيبة مجلس المستشارين وغيره وتفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، يكون المغرب بدأ يخرج من دائرة الديمقراطية البرلمانية، الى دائرة الديمقراطية الاقتصادية المجتمعية، التي ستقف في المدى القصير عند حدود إرساء دعائم الاقتصاد الترابي، والجهوية الموسعة، التي ستولي إهتماما كبيرا لتنمية الإنسان، ومجاله مهما كانت طبيعته، سواء في البوادي أو الجبال، المداشر أو المدن. و في هذا الصدد، كان الملك محمد السادس قد حث الحكومة على مضاعفة جهودها، بالتدخل من خلال مخططات وقائية واستباقية ومقدامة، للتحفيز الاقتصادي، وتوفير الحماية الاجتماعية. وبهذا الخصوص قال «بقدر ما نحن مؤتمنون على مقدساتنا الدينية والوطنية، فإننا حريصون على التزام الجميع بثوابت اقتصادية واجتماعية، تعد من صميم الحكامة التنموية الجيدة، التي يتعين التشبث بها، في جميع الأحوال، ولا سيما في مواجهة الظرفية الدقيقة». ويبقى على الأحزاب السياسية منح التزكية الانتخابية سواء البرلمانية أو الجماعية أو الغرف المهنية، لمن يستحقها، كفاءة ونزاهة، وهذا غالبا ما جعل مؤسسات المغرب الدستورية معاقة، لأن المحاباة، تقضي على الفعالية، وهي نموذج صارخ لمقولة « إن هذا المسؤول مزيان، كونه لم يسرق المال العام»، بدلا من القول « إن هذا المسؤول مزيان، لكونه ساهم في تحقيق إقلاع اقتصادي واجتماعي» وهذا يتطلب بدوره القطع مع ثقافة الحملات العشوائية للمراقبة، التي تنزل في وقت معين، وتتبعها تغطية إعلامية واسعة، إلى أن يخمد دخانها، ويرجع الجميع إلى سلوك نفس الممارسات، فدور المؤسسات الرقابية هام لتقويم السياسيات، سواء أكانت مؤسسات منتخبة، مثل البرلمان، أو حكومية، مثل مفتشيات وزارة الداخلية والمالية، أو قضائية، مثل المجالس الجهوية للحسابات، أو المجلس الأعلى للحسابات، أو مدنية مثل جمعيات حماية المال العام، ووسائل الإعلام، وكذا الجمعيات الحقوقية.