قال لحسن عاشي أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي إن التقرير الأول للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية حول الأزمة الاقتصادية العالمية نجح في تشخيص الداء في الاقتصاد المغربي ولكن فشل في وصف الدواء. وأوضح الباحث الاقتصادي في تحليل نشره موقع «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي» قبل بضعة أيام أن المعهد اقترح إحداث وكالة للتنسيق مهمتها تقوية الانسجام والتلاؤم بين القطاعات الحكومية والبرامج الحكومية، وهو مقترح يثير التخوف من أنه سيضيف مؤسسة أخرى إلى واقع بيروقراطي أصلا، فضمان الانسجام وممارسة القيادة حسب عاشي هي من المهام الجوهرية لمؤسسة الوزير الأول، في حين أن مراقبة وتقييم السياسات الحكومية على مستوى التنفيذ موكولة للمؤسسة البرلمانية، وبالتالي من شأن إحداث مؤسسة جديدة أن تتداخل مهامها مع مهام مؤسسات قائمة. ويخلص الباحث إلى أن المغرب ليس في حاجة إلى مؤسسة جديدة، بل إلى وجود مؤسسات رسمية فاعلة على رأسها الوزير الأول والبرلمان حتى تضطلع فعلياً بالمهام الملقاة على عاتقها، ولا يمكن أن تقوم هذه المؤسسات بدورها إذا لم تكن تتمتع بكافة الصلاحيات الضرورية على مستوى اتخاذ القرار. وبالتالي فالتقرير حسب عاشي فشل في التوصل إلى الاستنتاجات المنطقية والمتمثلة في الحاجة الملحة للمزيد من الديمقراطية وإلى مؤسسات ناجعة وذات مصداقية، وإنشاء مؤسسة جديدة لن تقدم حلا للإشكالية الأساسية المطروحة، وهي تقوية السلطة التشريعية والتنفيذية. التحليل الذي قدمه المعهد ليس بالجديد، حسب أستاذ الاقتصاد، فهو يكرس ما تم التوصل إليه سابقا من خلاصات من لدن باحثين ومنظمات دولية، ومن أبرزها أن المشكل المطروح في المغرب ليس هو ماذا نفعل، بل كيف نفعل. وحسب المعهد فإن التحديات المطروحة على المغرب نابعة أولا من ضعف القيادة في مستويات اتخاذ القرار، والسياسات الاقتصادية غير الملائمة، وغياب تواصل فعلي من لدن الحكومة. ويضيف عاشي أنه لأول مرة، بعد طول صمت، يتخذ المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية موقفا واضحا إزاء التحديات التي تواجه المملكة بنشرها لأول تقرير له حول انعكاسات الأزمة العالمية على المغرب والإشكاليات الكبرى الملقاة على سياسات الدولة مستقبلا. وبعدما حدد المنافذ التي وقع من خلالها تأثر الاقتصاد المغربي بالأزمة الاقتصادية العالمية، أشار التقرير إلى خمسة مخاطر محتملة تهدد البلاد في حال استمرار تراجع الاقتصاد العالمي لمدة أطول، على رأسها تراجع الاحتياطي من العملة الأجنبية، وتناقص موارد الدولة بما يضر بقدرتها على تمويل مشاريعها، وانخفاض الطلب الداخلي وازدياد نسبة الفقر والبطالة. بالمقابل اقترح المعهد خارطة طريق من 5 نقاط لمواجهة هذا الوضع. أولها، تقوية الانسجام الاجتماعي من خلال الديمقراطية والحكامة الجيدة وتقوية الحماية الاجتماعية من خلال سياسات اجتماعية فاعلة وناجعة، وثانيها، تقوية الحكامة من خلال ترشيد وحسن تنفيذ الخطط الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يستدعي قيادة ووضع استراتيجية للتواصل تمكن الشعب من الاطلاع على المكاسب والتضحيات المبذولة. وتتجلى النقطة الثالثة في تقوية تنافسية المغرب بتحديث القطاعات الإنتاجية وتطوير تنوع الاقتصاد واستخدام التكنولوجيا الحديثة، فيما النقطة الرابعة تقتضي التركيز على الاندماج الجهوي مع أوربا في المقام الأول، مع تمتين العلاقات مع دول جنوب الصحراء...