شكك الباحث الاقتصادي المغربي «لحسن أشي» في المرتبة التي احتلها المغرب ضمن مؤشر الحرية الاقتصادية الذي أصدرته قبل أسابيع مؤسسة «هيريتيج» الأمريكية، وقال الباحث خلال لقاء مناقشة حول هذا المؤشر بالدار البيضاء إن بعضاً من المؤشرات العشر التي استند عليها واضعو التصنيف العالمي الشهير لمنح المغرب المرتبة 101 من أصل 183 دولة «غير مرتبطة بمعطيات واضحة ودقيقة، ولا تعكس حقيقة الواقع الاقتصادي بالمغرب». وأشار المتحدث في الندوة، التي نظمتها مجلة «اقتصاد ومقاولات» بتعاون مع مؤسسة «هيريتيج»، إلى أن مؤشر حقوق الملكية الفكرية والمادية والحرية المالية لم يتم وضعه بناء على معطيات واضحة، بل استند على إدراك وإحساس المقاولات المستجوبة للدرجة التي يوجد فيها المغرب، وهو ما أدى إلى حصول المغرب على مرتبة متدنية في مؤشر حقوق الملكية الفكرية والمادية، حيث منح 35 نقطة من أصل 100. وبرر أصحاب المؤشر، الذي يصدره أحد أكبر مراكز البحث في العالم، هذه النقطة السيئة بأن الجهاز القضائي ما زال تحت تأثير القصر، وتساءل الباحث المغربي كيف يتم الاستناد على هذه الحيثية في وقت أشاد تقرير «هيريتيج» حول هذا المؤشر بالملك محمد السادس لأنه شجع إجراء الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. وبخصوص المؤشر العاشر الخاص بحرية العمل، والذي نال المغرب فيه نقطة سيئة (30,8 من أصل 100)، أوضحت المؤسسة الأمريكية أن السبب وراء هذه النقطة هو أن مدونة الشغل متشددة في ما يخص مبدأ مرنة العمل الذي ينص على ضرورة اعتماد البلدان تشريعات مرونة في التشغيل والتسريح، بما يتيح حرية في التوظيف تبعا للظروف الاقتصادية للمقاولات، وهو مبدأ تنتقده بشدة النقابات المغربية. إلا أن الباحث المغربي «أشي» كان له رأي آخر، إذ قال خلال الندوة التي حضرها مدير البحث في مؤسسة «هيريتيج» جيمس روبيرت إن واقع مؤسسات الشغل في المغرب يدل على أن عمليات التشغيل والتسريح ليست بالصرامة المنصوص عليها في مدونة الشغل، لأن هذه الأخيرة صعبة التطبيق ووضعت لإرضاء النقابات على حد قوله. هذه الاعتبارات دفعت أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء التطبيقي إلى مراجعة التنقيط الممنوح للمغرب في مجالي حرية العمل، وحقوق الملكية، بالقول إن البلاد تستحق 50 نقطة عوض 30 في كلا المؤشرين، وهو ما سيحسن رتبتها بين البلدان المصنفة. نقطة أخرى أثارت حفيظة الباحث، وهي تتعلق بالحرية المالية التي تعبر عن مدى وجود تسهيلات في ولوج المقاولات للقروض البنكية وحضور الدولة في القطاع البنكي، فقد حصل المغرب على 50 نقطة، وذكر لحسن أشي عدة أسباب تدفع إلى القول إن هذه النقطة لا تعكس واقع ما يجري في المغرب، ومنها أن حجم القروض البنكية الممنوحة للاقتصاد ارتفعت السنة الماضية ب 20 %، مضيفا أن عموم المقاولات لم تعد تجد عراقيل للحصول على القروض. وجاء في التقرير أن حضور الدولة ما زال قوياً في القطاع البنكي، حيث تمتلك حصصا كبيرة في أكبر البنوك المغربية، وهو ما نفاه الباحث، محيلا على التقرير الأخير لبنك المغرب لسنة 2007، والذي قال فيه إن حجم القطاع العام في القطاع البنكي لا يتعدى 23 %.