هي قصص لمشارقة ألفى بعضهم في المغربيات ما افتقدوه في بنات بلدهم الأصلي وقصص لآخرين وجدوا في الفتاة المغربية الجسد الرخيص الذي يفرغون فيه أمراضهم السلطوية التي تغيب عن معاملتهم مع بنات جلدتهم. هي حكايات لشابات مغربيات اخترن أن يدخلن القفص الذهبي رفقة خليجيين وأن يخضن المغامرة بأحلام وردية، أملا في أن يهبهن هذا القفص الحضن الذي لطالما حلمن به، أو أملا في أن يُخرج هذا الزواج - الحلم- بعضهن من ويلات الفقر والعنوسة الثقيلة على وجودهن وعلى عائلاتهن. أمل جميل وتلقائي في بعض الأحيان يواجه - في غالب الحالات- بمشاكل ترتبط بنظرة المشرقي للمرأة ويخضع لمنطق العادات والتقاليد والقوانين المختلفة المرتبطة بمنشأ الزوجين التي تفتح الباب أمام حالات من الطلاق التعسفي والطرد والتعنيف والتخوين وانكسار الأحاسيس. «الله يعطي للبنات سعد بنتي» «أنا ديما تنطلب من الله يعطي للبنات كاملين سعد بنتي»، هذه الكلمات تواجه بها فاطمة كل امرأة صادفتها، تسمعها للفتيات في السوق وتحكي في فضاءات نسائية خاصة (الحمام)، عن تجربة ابنتها في الزواج من السعودي هيثم، تحكي عن اللقاء -الحدث الذي غير مسار عائلة الشابة نادية، لقاء، تقول عنه فاطمة: «الأمر كان بسيطا للغاية، الله كتبو ليها وصافي، دون أن تبذل مجهودا، إذ شاءت «الظروف» أن تصر صديقتها منال على مرافقتها لملاقاة خطيب لها، هذا الأخير جاء مصحوبا بصديقه السعودي الذي وبمجرد ما رأى ابنتي أحس بأنه منجذب إليها، وبعد أيام قليلة تحول هذا الانجذاب الأولي – مع توالي لقاءاتهما- إلى علاقة غرامية توج باقترانهما في المغرب في أجواء احتفالية مميزة». أجواء - تضيف فاطمة- لم تكن لتحلم بها لو انتظرت فارس الأحلام المغربي أن يأتي ب«الدبالج» و«المضمات» و«السراتل» و«البراسليات» تتربع بها الفتاة المغربية على العمارية الغالية على كل فتاة.. فرحة هيثم بنادية وصل إلى الحد الذي أغدق فيه العطاء على الوالد وجعل من أخيها الموظف البسيط إنسانا آخر، في حين أن الأخت وصلها من جميل المعاملة والعطاء الذي كان لا ينفك يزداد مع توالي الأيام، هكذا مرت السنون على حياة هيثم ونادية، قبل أن يتمخض الزواج عن ابنين أضاءا البيت الذي كان أساسه الأول مغربيا وكان الثاني مشرقيا، ليبقى دعاء فاطمة «الله يعطى سعد بنتي لكل البنات»، الدعاء الذي يعكس حالة من حالات نجاح زواج مغربيات بشباب مشرقي، مع بقاء السؤال مطروحا: «ما الذي منح المغربيات الصفة التفضيلية لدى المشارقة، ولاسيما الخليجيين»؟ «حيت أنا مغربية وقادة بشغلي «جرَّيت» عندي السعودي» بين المشرقي والمغربية مسافة من التباعد خلقه التاريخ والجغرافيا والعادات والأعراف والذهنيات، تباعد أمكن أن يقلص بالنسبة إلى البعض الذي رأى في المغربية الأنيس أحيانا وشريك العمر في حالات عدة، في حين رأت بعض المغربيات في المشرقي فرصة العمر التي يجب ألا تفوتنها. «المغربية دايما قادة بشغلها»، بهذه الكلمات تعلق سميرة على تجربتها في الزواج من رجل خليجي رفضت الكشف عن هويته، «قادة بشغلها» تختزل ما يمكن أن يمنح المغربية الحظوظ الأوفر للزواج من المشارقة أو تختزل ما يمكن أن تلجأ إليه ل«القبض» على الخليجيين، هي المرأة- في نظر بعضهن- الأجمل والأذكى والأدهى والقادرة على استمالة المشارقة بشكل يختلف عما يعيشونه رفقة بنات بلدهم الأصلي. وهي الفتاة المغربية «الدلوعة» التي تتقن فن الدلال والحنان، التلقائي أو المصطنع، الذي يسيج القلوب ويعطل لغة العقل، ليمنح لغة الإحساس الحق في اتخاذ القرارات الحاسمة. هي المرأة الرشيقة والراقية، المثقفة التي أدركت قيمة التكوين وتعرف كيفية التعامل مع الرجل، هي من تمرست على «الطقوس» الغريبة التي تلجأ إليها بعض النساء لاستمالة الحبيب أو «تطويع» الخليل أو الرفيق، هي بين هذا وذاك مغربية وقادة بشغلها مزيان، إلا أن السؤال الذي يفرض ذاته هل تشفع للمرأة المغربية كل هذه المقومات لتظل المرأة التي يتعلق بها المشرقي بعد الزواج؟ «قطران بلادي ولا عسل بلادات الناس» شهدت فترة الثمانينيات من القرن الماضي موضة اقتران الخليجيين بالمغربيات، ومع انفتاح الشباب الخليجي على «صبايا» لبنان و«دلوعات» مصر وتونس، هذا إلى جانب مشاكل بعض المغربيات في الخليج تقلصت بشكل تدريجي زيجات الخليجيين من المغربيات. ففي سنة 2003، حسب إحصائيات أنجزها قسم قضاء الأسرة بالرباط، سجلت 334 حالة زواج مختلط، هذا دون نسيان الإشارة إلى الرقم غير المعلن من الزواج العرفي أو الزواج بالفاتحة. تقلص الزيجات تعزوه شابات مغربيات إلى نظرة المشرقي إلى المرأة بصرف النظر عن جنسيتها- نظرة فوقية تلغي وجودها أو حقها في اتخاذ القرارات الأسرية أو الكلام في بعض الأحيان، كما أن حرمان المرأة المغربية- حسب حالات سنأتي على تحليلها في الملف- من حقوقها، بما في ذلك حق اعتراف سلطات بعض الدول الخليجية بهذا الزواج أصلا يذيب بعضا من أحلام البداية، إذ يدفعها الحرمان إلى القبول بصفة خادمة للسفر رفقة زوجها، وهذا ما يضعها في موقف ضعيف، إذا ما استجد طارئ أو اختلفت مع زوجها، وتتحول إلى ما يشبه الخادمة تستجدي عطف المرأة الأولى أو تلتمس رحمة أم زوجها أو تنتظر حضن زوجها من شبح الطرد والتعسف، وفي حالات عدة يحن الرجل المشرقي إلى زوجته الأولى فتتحول المرأة المغربية في هذه الحالة إلى ضيف غير مرغوب فيه، ويكون التعويض المادي الفيصل بين الماضي والحاضر أو يكون الطرد ثاني الاحتمالات دون نفقة أو حقوق أو يكون المكر قويا بتلفيق تهم الخيانة أو الشعوذة للتخلص من المغربيات اللائي يعلن بعضهن في نهاية حلم الزواج المشرقي: «اللهم قطران بلادي ولا عسل بلادات الناس».