كشفت مصادر مهنية في أوساط التجار أن مشروع الدورية التي تعدها وزارة الداخلية لوضع حد لعشوائية الترخيص للمعارض التجارية يخول لجهة واحدة صلاحية السماح بإقامة مثل هذه المعارض التي يوجه إليها عموم التجار والجمعيات والنقابات انتقادات لاذعة، واصفين إياها بالمنافسة غير الشريفة للتجارة المنظمة، وبأنها بوابة لمن هب ودب لعرض منتجات لا تخضع لأي نوع من المراقبة. وفي هذا الصدد أوضح أحمد أبوه، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين ل «المساء»، أن الدورية التي لم تصدر بعد تنص على إحداث لجان ثلاثية مختلطة على مستوى العمالات، وتضم ممثلين عن غرف الصناعة والتجارة والخدمات وممثلين عن السلطة المحلية وممثلين عن الجماعات المحلية، وستقوم هذه اللجن بدراسة طلبات تنظيم المعارض التجارية وفق دفتر تحملات محدد وبرمجة سنوية لتجنب تكدس هذه التظاهرات في فترة قصيرة. وفي حال رفض طرف من الأطراف الثلاثة الترخيص لعقد هذا المعرض أو ذاك، فإنه لا يسمح بإقامته حتى ينال موافقة جميع الأطراف. هذه المنهجية مغايرة لما جرت عليه الأمور إلى حد الساعة، إذ إن الكثير من الجهات الرسمية بإمكانها الترخيص للمعارض التجارية تحت مسمى تشجيع الأنشطة الاقتصادية، فالجماعات المحلية ومجالس الجهات والعمالات وغرف الصناعة والتجارة كلها تملك صلاحية الترخيص، «مما يضعنا أمام عبثية تضر بقطاع التجارة الداخلية»، على حد قول أبوه. وقد حاولت «المساء» أخذ توضيحات من مديرية الشؤون الاقتصادية بوزارة الداخلية حول سبب تأخر إصدار الدورية ومضامينها، إلا أن المحاولات المتكررة للاتصال بمديرها السماحي باءت بالفشل، وهو المسؤول ذاته الذي وعد خلال اليوم الوطني للتجارة الداخلية المنعقد في الرباط، أواخر يونيو الماضي، بأن الدورية ستوجه قريبا للجماعات المحلية مرفقة بدفتر تحملات، وتحدد بوضوح التزامات وحقوق منظمي تلك التظاهرة، وذلك بغرض القطع مع التدبير العشوائي التي تتسم به، وبموجب هذه الدورية ودفتر التحملات الجديد سترخص الجماعات لهذه التظاهرات. من جانب آخر، أبدى محمد السبها، رئيس جمعية المهنيين التجار والحرفيين والحرفيين لولاية الدارالبيضاء، تحفظا شديدا إزاء تنظيم المعارض التجارية برمتها، والتي تنشط كثيرا خلال أشهر الصيف وشهر رمضان وإبان الأعياد الدينية، مضيفا أنها بوابة لغزو الأسواق المغربية بالسلع الصينية ذات النوعية الرديئة، وامتداد للباعة المتجولين الذين يعرضون سلعا غير مفوترة ولا مراقبة صحيا أو قانونيا. ودعا السبها إلى تخويل التجار المنظمين الذين يسددون الضرائب لخزينة الدولة الحق في تنظيم مثل هذه التظاهرات، ونقل صلاحيات تأطير هذا المجال من وزارة الداخلية إلى وزارة التجارة والصناعة بحكم الاحتكاك اليومي لهذه الأخيرة مع التجار وممثليهم من النقابات والغرف والجمعيات... ورصد رئيس الجمعية مساوئ المعارض التجارية بالشكل الذي تتم به حاليا في نقط على رأسها ممارستها لمنافسة غير شريفة للتجارة المنظمة، وكونها مجالاً خصباً لترويج السلع المهربة والمزورة بحكم أنها لا تخضع لمراقبة صحية وقانونية، بحيث يعمد البعض إلى تزوير تواريخ انتهاء صلاحية السلع بغرض بيعها في المعارض. كما يلاحظ أن الفراغ القانوني القائم في ما يخص تنظيم المعارض التجارية يفتح الباب على مصراعيه على عدد من الاختلالات في التنظيم والتسيير، منها أن منظمي المعارض لا يلتزمون بالمدة الزمنية للتظاهرة المعلن عنها في لافتة المعرض، ويقومون بتمديد فترته لجني الأرباح بسرعة.