هيمنت مواضيع تفاقم ظاهرة الباعة المتجولين وثقل العبء الضريبي وهزالة الدعم المقدمة في برنامج «رواج» على تدخلات التجار وممثليهم النقابيين والمهنيين وغرف الصناعة والتجارة مساء أول أمس الاثنين بالرباط، بعدما قدم وزير الصناعة والتجارة في صبيحة اليوم الوطني للتجارة والتوزيع حصيلة أولية لبرنامج «رواج» لتنمية التجارة الداخلية. فقد اتهم أحد التجار القادمين من خريبكة السلطات المحلية والجماعات المحلية بالفشل في تثبيت الباعة المتجولين، مضيفا أن هؤلاء الباعة يحاصرون الباعة في محلاتهم التجارية، معتبرا أنه لا فائدة ترجى من دعم الدولة لمشاريع عصرنة محلاتهم دون محاربة هذه الظاهرة واقترح أن تحول الأموال المخصصة لذلك أولاً لوضع حد للظاهرة. فيما قال عضو في غرفة الصناعة والتجارة بطنجة إن الغلاف المخصص لكل تاجر، وهو 25000 درهم بما فيها مصاريف الخبرة التقنية (5000 درهم)، مبلغ هزيل مقارنة بالمتطلبات الأساسية لتحديث المحل التجاري. وأضاف تاجر آخر من مدينة الدارالبيضاء أن بعض المشاكل الأساسية التي يعاني منها التجار ما زالت قائمة وعلى رأسها التغطية الصحية، فبعد فشل برنامج «ضمان الحرفي» لم يعرف برنامج «عناية» النجاح المرجو، متسائلا عن مصير الأموال التي دفعها بعض المنخرطين في البرنامج دون أن يستفيد بالمقابل من أي تغطية صحية. وانتقد بعض التجار عدم تطبيق السلطات للقوانين التي تفرض إجبارية مرور كل الخضر والفواكه عبر أسواق الجملة، موضحا أن كميات ضخمة تقدر بأكثر من 50 في المائة تمر عبر مسالك موازية هرباً من أداء الالتزامات الضريبية، وهو ما يلحق ضررا بالتجار الملتزمين بالأداء الضريبي. وبخصوص أسواق الجملة، تساءل حميد لوعال رئيس الفدرالية المغربية لأسواق الجملة عن سبب عدم استفادة تجار هذه الأسواق من برنامج «رواج»، مضيفا أن الأسواق الممتازة استحوذت على جزء مهم من تجارة التقسيط والجملة في ما يخص الخضر والفواكه. وأشار إلى أن دراسة قامت بها الجمعية كشفت أن هذه الأسواق الممتازة تستأثر ب 30 في المائة من تسويق الخضر والفواكه عند مرحلة التقسيط وستصل بسرعة إلى نسبة 50 في المائة، كما أن مسؤولي هذه الأسواق صاروا يمارسون دور تاجر الجملة بالاتصال المباشر بالمنتجين. من جانب آخر، ركز أكثر من تاجر على ثقل العبء الضريبي وما يشكله من هاجس لمهنيي القطاع، وفي هذا الصدد دعا محمد السبها، رئيس جمعية المهنيين التجار والحرفيين بولاية الدارالبيضاء الحكومة إلى مباشرة إصلاح ضريبي للتخفيف من ذلك العبء على التجار، الذين تشكل الضرائب والجبايات وما تخلفه من ديون متراكمة هاجسا حقيقيا لما بين 70 إلى 80 في المائة من التجار. وزير الصناعة والتجارة أحمد رضا الشامي وأمام هذه الانتقادات المتوالية، رد بالقول إن برنامج «رواج» لم يوضع لحل كل مشاكل قطاع التجارة الداخلية، ولكنه جزء من الحل وليس من المشكل، منبهاً إلى أنه لأول مرة تقدم الدولة دعماً لتمويل مشاريع للتجار سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. وأضاف أن الكرة في ملعب النقابات والجمعيات التجارية وغرف الصناعة والتجارة بتنظيم التجار وإعداد المشاريع قصد الاستفادة من دعم صندوق رواج الذي تصل الاعتمادات المرصودة له إلى 900 مليون درهم. وفي حصيلة أولية للبرنامج المشار إليه، صرح الوزير الشامي أن قرابة 1024 تاجرا استفادوا من برنامج عصرنة تجارة القرب إلى غاية منتصف السنة الجارية، وهو ما يعني تحقيق 49 في المائة من الهدف المسطر، وهو استفادة 2100 تاجر من دعم صندوق تنمية التجارة الداخلية بالتزامات وصلت إلى 26 مليون درهم، ويتصدر لائحة المستفيدين تجار التغذية العامة ب 78 في المائة، ثم تجار مواد البناء ب 7% فتجار الألبسة ب 6 %. وفي محور تأهيل الفضاءات التجارية، خصوصا القيساريات، بلغت نسبة إنجاز الأهداف المسطرة 41 في المائة وخصص لها 28 مليون درهم، ويتوقع أن ترتفع إلى ما يفوق 158 في المائة في نهاية السنة الجارية. وبخصوص برنامج «عناية» للتغطية الصحية الذي يعرف تعثرا، اعتبر الوزير أنه من الضروري الانكباب على آليات تنفيذ هذا البرنامج لإزالة أسباب تعثره، وقال إنه دون اعتماد نظام إجباري للتغطية الصحية لا يمكن ضمان نجاحه أو مراقبة تنفيذه. ورفض الوزير الشامي الحديث عن نظام ضريبي خاص بالتجار، موضحا أن فئات مهنية بالمغرب ستطالب بالشيء نفسه، إلا أنه حث التجار بالمقابل على الاستفادة من التسهيلات التي تقدمها إدارة الضرائب، داعيا إياهم إلى عدم اختيار النظام الجزافي في احتساب الضرائب المفروضة عليهم وإنما التصريح بأرباحهم. وأضاف الشامي أنه تلقى من وزارة الداخلية تطمينات بالنظر في موضوع الجبايات المحلية واختلاف النسب المطبقة بشأنها من جماعة إلى أخرى، وهو ما وصفه ب «الوضع غير المقبول»، والمطلوب هو توحيد النسب المطبقة.