فاجأ وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس نظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري عندما أعلن في لقاء مشترك بمدينة طنجة عن موعد اللقاء غير الرسمي بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية يوم تاسع غشت الجاري بإحدى القرى الواقعة بالعاصمة النمساوية فيينا. وقال مصدر مطلع ل«المساء» إن إعلان وزير الخارجية الإسباني عن موعد اللقاء في ندوة صحفية مشتركة وبحضور الطيب الفاسي الفهري جعل هذا الأخير في موقف حرج ومأزق حقيقي، وبالرغم من ذلك التزم الصمت عوض الرد. ووصف رضا الطاوجني، رئيس «جمعية الصحراء المغربية» في اتصال مع «المساء» صباح أمس الاثنين، أن ما قام به موراتينوس «غير لائق ديبلوماسيا» و عمل «يخلو من اللياقة». وأضاف الطاوجني قائلا: «لو قال ذلك الكلام في العاصمة الإسبانية مدريد لكان الأمر مقبولا، ولكن أن يعلن عن ذلك من الأراضي المغربية فهو غير لائق ديبلوماسيا. كان عليه على الأقل أن يستشير المغاربة قبل أن يعلن عن ذلك، أو يترك المغارب يفضلون أن يظل هذا اللقاء سريا، ولكن انفضح أمرهم». ومن جهته، اعتبر عبد المجيد بلغزال، عضو المجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية في اتصال مع «المساء» صباح أمس، أنه كان من المفروض «أخلاقيا» أن تعلن الأممالمتحدة عن موعد اللقاء غير الرسمي بين المغرب وجبهة البوليساريو، أو حتى أحد الطرفين اللذين فضلا أن يبقى مكان اللقاء وتاريخه في طي الكتمان. وأضاف عبد المجيد بلغزال قائلا: «موراتينوس ليس طفلا صغيرا أو شخصا مبتدئا، فهو ديبلوماسي محنك وله تجربة طويلة، ولا يمكنه أن يقع في مثل هذا الخطأ. المؤكد أن الأممالمتحدة أعلنت عن تاريخ ومكان انعقاد اللقاء غير الرسمي وأخبرت الأطراف المعنية بذلك عبر الرسائل والقنوات الديبلوماسية. ولكن موراتينوس تعامل مع الأمر بوضوح وأعلن عن التاريخ، فهو اكتفى بإشهار الخبر للعموم». واعتبر بلغزال أن الإشكال الأساسي هو مسألة الوضوح لدى الدولة المغربية التي كان من الأولى أن تعلن وتخبر الرأي العام عبر بيان رسمي بتاريخ ومكان انعقاد اللقاء، عوض التستر عليه. غير أن رأي خالد الناصري الناطق الرسمي باسم الحكومة كان مخالفا لكل الآراء التي انتقدت إعلان وزير خارجية دولة أجنبية عن لقاء يهم المغاربة من فوق الأراضي المغربية. واعتبر تلك التحليلات والآراء «سطحية». وإشار الناصري، في اتصال مع «المساء» صباح أمس، إلى أن ما قاله وزير الشؤون الخارجية الإسباني لا يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية للمغرب على اعتبار أن «قضية الصحراء هي موضوع دولي وإسبانيا تلعب فيه دورا محوريا وإيجابيا بقصد إيجاد الحل الجدي الذي نناضل من أجل الوصول إليه. كون وزير الخارجية الإسباني أعطى تفصيلا دقيقا هو في علم الحكومة بطبيعة الحال لا يجب قراءته على أنه تدخل في شؤوننا الداخلية». وحول ما إذا كان من الأولى بالنسبة للمغاربة أن يعرفوا المعطيات بشأن قضية الصحراء من المسؤولين المغاربة أنفسهم، قال الناصري إن موضوع المفاوضات غير الرسمية يتسم بكثير من الحساسية وأن الحكومة المغربية تعاملت معه بهذه الصفة. وأضاف قائلا: «كان من الطبيعي ألا يتم الإفصاح عن التاريخ والمكان إلا بعد أن تستوفى الإجراءات الدبلوماسية. وبطبيعة الحال فالحكومة المغربية على بينة تامة بملابسات التحضير للقاء فيينا، ولكنها اعتبرت أن الظروف لم تكن مواتية حينها للإعلان عن تاريخ ومكان اللقاء». واعتبر أن الإفصاح عن هذه المعطيات، سواء عن طريق الحكومة المغربية أو الإسبانية أو الموريتانية أو الجزائرية، لا يغير في شيء من جوهر المسألة، مضيفا أنه لا مجال للحديث عن المس بالسيادة المغربية.