علمت «المساء» من مصادر مطلعة أن عودة القيادي البارز في صفوف البوليساريو وأحد مؤسسيها، في بداية سبعينيات القرن الماضي، أحمدو ولد السويلم، أدت إلى «حالة ارتباك كبرى» في صفوف الجبهة، نظرا إلى وزنه على مستوى القيادة وإلى رمزيته، حيث يعتبر أحد أبرز شيوخ قبيلة أولاد الدليم، ونظرا أيضا إلى كونه يعتبر أحد مؤسسي البوليساريو سنة 1973 في الوقت الذي كان لا يتجاوز 22 سنة، لكنه كان وقتها العضو الوحيد في الجمعية الإسبانية (البرلمان) في المناطق الجنوبية المحتلة، بينما كان والده عضو (الكورطيس)، البرلمان الإسباني، وهو ما يدل على وزن العائلة المتحدر منها ولد السويلم. وكان أحمدو ولد سويلم التحق، يوم الأربعاء الماضي، بالمغرب واستُقبل يوم الخميس الموالي من طرف الملك محمد السادس، بتزامن مع الاحتفال بالذكرى العاشرة لعيد العرش. واعتبر الداهي أكاي، أحد المعتقلين السابقين في سجون مخيمات تندوف ورئيس جمعية المفقودين لدى البوليساريو، أن عودة ولد السويلم خلفت «زلزالا» في صفوف الجبهة، لأن عودته «لا يمكن مقارنتها بعودة كل الأسماء الذين التحقوا بالمغرب، لما يمثله من وزن داخل الانفصاليين، لكونه كان أحد قياديي تيار خط الشهيد المعارض، كما كان أحد أبرز المناوئين لقيادة البوليساريو، خاصة منذ انتفاضة سنة 1988، حيث كان، إلى جانب ثلاثة قيادات أخرى، يشكلون الجبهة المعارضة داخل الجبهة». وأضاف أكاي، في تصريحه ل»المساء»، أن التحاق أحمدو ولد السويلم بأرض الوطن، هو ترجمة حقيقية لما يروج داخل صفوف عدد من قياديي الانفصاليين حول مقترح المغرب بمنح حكم ذاتي للصحراويين، في إطار جهوية موسعة، وهو ما كرسه خطاب العرش الأخير، يقول الداهي أكاي، الذي أكد أن عودة عدد من الأسماء البارزة من قبائل أولاد الدليم وقبائل الركيب الساحل وقبائل أولاد تيدارلين والعروسيين، هي «إشارة إلى انتماء هؤلاء إلى الوطن وهو ما سيجعل مخيمات تندوف مملوءة بصحراويي الجزائر فقط، في الوقت الذي ستتم فيه عودة قياديين آخرين بالنظر إلى أنهم يفضلون فكرة الحكم الذاتي على بقائهم في مخيمات تندوف». في سياق ذلك وصف ما يسمى «وزارة الإعلام» في جبهة البوليساريو، في سابقة هي الأولى من نوعها حسب مصادر مطلعة، أحمدو ولد السويلم، ب«الخائن» الذي فضل الالتحاق بالمغرب، متهمة إياه بأن عطاءه في إطار المهام النضالية المسنودة إليه بات سلبيا وغير ذي فائدة في الآونة الأخيرة. وأشارت مصادر «المساء» إلى أن التحاق هذا القيادي والعضو المؤسس للبوليساريو، يعتبر «ضربة قوية» وجهتها المخابرات المغربية لنظيرتها الجزائرية، بالنظر إلى «حجم» العائد إلى أرض الوطن وإلى توقيت العودة، التي تزامنت مع احتفالات المغرب بالذكرى العاشرة لتولي الملك محمد السادس العرش، وكذا مع الخطاب الملكي الذي تطرق إلى البدء في التفكير في آليات تطبيق «الجهوية المتقدمة» مع الأخذ بالأقاليم الجنوبية كنموذج، وهو ما «يشكل خطوة لمنح الصحراويين إدارة محلية تمكنهم من تسيير شؤونهم». إلى ذلك وصف عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، مصطفى ناعمي، عودة أحمدو ولد السويلم إلى المغرب ب»الحدث المدوي» في صفوف البوليساريو، مضيفا قوله، «لا تعتبر العودة حدثا عابرا بل سيكون من السذاجة التفكير في كون البوليساريو لن تتأثر بهذا الانشقاق»، داعيا المسؤولين المغاربة إلى «استغلال هذا الحدث من أجل السير قُدما نحو منح الصحراويين حكما يستطيعون به إدارة شؤونهم، في إطار وحدوي، وهو الشيء الوحيد الكفيل بتفتيت جبهة البوليساريو»، ومعبرا عن أمله في نفس السياق، عن «الإسراع برفع توصيات اللجنة التي دعا إليها الملك في الخطاب الأخير، في أقرب الآجال، من أجل بلورة نظام جهوية متقدمة». ظل القيادي في جبهة البوليساريو، أحمدو ولد السويلم، يتقلد مناصب مهمة في قيادة الانفصاليين، إلى غاية آخر اللحظات قبل التحاقه بالمغرب، منتصف الأسبوع الماضي، نظرا إلى ما يمثله من مركز على مستوى الانتماء القبلي، حيث يتحدر من قبيلة أولاد الدليم، إحدى أهم قبائل الصحراء، وكذلك إلى ما يمثله من توجه يتعارض مع قيادة الجبهة في غالب الأحيان، ما جعله ينخرط في زعامة «تيار خط الشهيد» إلى جانب قيادات أخرى كالمحجوب السالك. وفي سنة 1973 عندما انخرط إلى جانب أسماء أخرى من أجل التأسيس لجبهة البوليساريو كان عمره لا يتجاوز 22 سنة، وكان وقتها يتمتع بعضوية الجمعية الإسبانية في الأقاليم الجنوبية (البرلمان)، وكان أحمدو لا يخشى في إعلان معارضته لقيادة الجبهة ولتوجهاتها، خاصة في ولائها غير المشروط للجزائر، تقول مصادر مطلعة، وهو ما جعله يقود انتفاضة سنة 1988، إلى جانب كل من عبد القادر الطالب الذي يشغل حاليا ما يسمى الوزير الأول في البوليساريو، ومنصور عمر ممثل للجبهة في فرنسا وحمدي براي ممثل الجبهة في تينيريفي. وبالنظر إلى تجذر نسبه في الصحراء بانتمائه إلى قبيلة أولاد الدليم، فقد تقلد عدة مناصب مهمة في الجبهة وكان آخرها منصب وزير مستشار لدى رئاسة «الجمهورية الصحراوية» المزعومة، وقبلها كان أحد الشيوخ المكلفين بعملية تحديد الهوية للصحراويين، من الجانب الآخر، قبل أن تتوقف هذه العملية بعد التأكد من استحالة إجراء استفتاء.