«هذه مذبحة وانقلاب حقيقي على القانون»، كان هذا أول تعليق يصدر عن النقيب خالد الجامعي مباشرة بعد انتهاء القاضي بنشقرون من تلاوة الأحكام في ملف أثار الكثير من الجدل عنوانه «قضية بليرج»، هذا الأخير الذي قُضي في حقه بالمؤبد من أجل تهم تتعلق ب«المس بأمن الدولة والقتل العمد»، فيما كانت 25 سنة سجنا نافذا من نصيب كل من مصطفى المعتصم، الأمين العام لحزب البديل الحضاري المنحل، ومحمد المرواني، الأمين العام لحزب الأمة غير المرخص له. معالم الصدمة بدت على وجوه جميع الحاضرين، وورقة الإدانة كانت تهتز بين يدي القاضي المرتعشتين وهو ينطق - بعد مداولات استغرقت 15 ساعة، امتدت من الواحدة زوالا إلى الرابعة صباحا من يوم أمس- بالحكم ب20 سنة سجنا نافذا على كل من محمد أمين الركالة، الناطق الرسمي باسم البديل الحضاري، والعبادلة ماء العينين، عضو حزب العدالة والتنمية، وعبد الحفيظ السريتي، مراسل قناة «المنار» التلفزيونية، وبسنتين حبسا نافذا على حميد نجيبي، عضو الحزب الاشتراكي الموحد، بعد إدانتهم ب«تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف ومحاولة القتل بواسطة أسلحة نارية مع سبق الإصرار والترصد، ونقل وحيازة أسلحة نارية وذخيرة بغرض استعمالها في تنفيذ مخططات إرهابية، وتزييف وتزوير وثائق رسمية وانتحال هوية وتقديم وجمع أموال وممتلكات وقيم منقولة بنية استغلالها في تنفيذ مشاريع إرهابية، وتعدد السرقات، وتبييض الأموال»، كل حسب ما نسب إليه. كما قضت المحكمة ب30 سنة سجنا نافذا في حق كل من رضوان الخليدي وجمال باي وعبد الصمد بنوح والحسين بريغش وعبد الله الرماش وعبد اللطيف بختي، وبخمس سنوات في حق العميد محمد الشعباوي . وتوزعت باقي الأحكام ما بين 15 سنة وسنتين حبسا نافذا، فيما قضت المحكمة بسنة موقوفة التنفيذ في حق كل من علي السعيدي ومحمد عبروق اللذين توبعا في حالة سراح مؤقت، مع رفض جميع ملتمسات المطالب بالحق بالمدني التي تقدم بها دفاع أرملة جوزيف ويبران، وشركة نقل الأموال «برينكس». أسر وعائلات المعتقلين استقبلت الأحكام بالتصفيق والزغاريد وترديد كلمة «برافو»، في الوقت الذي كانت فيه الهيئة تغادر قاعة المحكمة التي عرفت إنزالا أمنيا مكثفا، قبل أن ينخرطوا، رفقة المتهمين، في ترديد عدة شعارات تندد بالأحكام الصادرة. الذهول والغضب الشديد سادا وسط هيئة الدفاع، حيث لم يتمالك توفيق الإدريسي، محامي عبد القادر بليرج، دموعه فبكى بحرقة، قبل أن يعتذر عن تقديم أي تصريح، فيما بدا على موكله، الذي سجلت القضية باسمه والتمست النيابة العامة إعدامه، علامات حزن وارتباك، بعد الحكم الذي سيجعله يقضي ما تبقى من حياته داخل أسوار السجن ليرسم بيده شارة النصر. النقيب الجامعي قال إن المحكمة قدمت «هدية» إلى كل من شكيب بنموسى، وزير الداخلية، وخالد الناصري، وزير الاتصال؛ وأضاف بلهجة حادة قائلا إنهم «يضحكون على المغاربة» و«هذا انقلاب حقيقي على القانون»، فيما صرخ أحد المتهمين لدى مغادرة القفص الزجاجي «هذه البلاد فيها ظلم كبير»، و«المغرب بحاجة إلى رجال» قبل أن يواصل كلامه وهو محاصر برجال الأمن: «لا توجد عدالة ولا قضاء». عائلات المتهمين في هذا الملف نظمت بعد ذلك وقفة احتجاجية خارج المحكمة استمرت إلى حدود الساعة الخامسة صباحا، ورددت فيها عدة شعارات تهاجم وزير الداخلية، منها: «هذا مغرب التردي بنموسى ولا قاضي» و«بنموسى سير بحالك القضاء ماشي ديالك». خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي حضرت جلسة النطق بالأحكام، عبرت، في تصريح ل«المساء»، عن إدانتها لهذه الأحكام التي «تفضح التراجعات الخطيرة في مجال الحقوق والحريات بالمغرب»، وأضافت أن القضاء بالمغرب «منحط» و«مجرد وسيلة وآلية تستغل من طرف الدولة». من جهتها، قالت سكينة السريتي، عن تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين، إن القضاء «استجاب «لطلبات شكيب بنموسى»، وإن ملف القضية أصبح يتطلب «حلا سياسيا».