سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جمال براوي: كنت على وشك إجراء حوار مع ولي العهد سيدي محمد لصالح «لوجورنال» لولا «التبرهيش» الذي قام به فاضل العراقي لم يسبق لمجلة «لوجورنال» أن دفعت المستحقات المالية العالقة في ذمتها من ضريبة على الدخل أو صندوق الضمان الاجتماعي
صُنفت مجلة «لوجورنال» خلال العشر سنوات الأولى من نشأتها في خانة الصحافة المستقلة، المدافعة عن التوجه الديمقراطي المناهض لكل ما هو مخزني في المغرب. كما لعبت أدوارا مهمة إبان بداية العهد الجديد. ومع صدور كتاب «محمد السادس : سوء الفهم الكبير»، لأحد مؤسسي المجلة، الصحافي علي عمار، تم الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها مؤسسو المجلة مع رموز دار المخزن ورجالات العهد الجديد. «المساء» تكشف أسرارا تنشر لأول مرة، من خلال سلسلة من الحوارات مع فعاليات ساهمت في تأسيس التجربة، وتعيد تجميع عناصر القصة الكاملة لمجلة اسمها «لوجورنال». إليكم التفاصيل... - إذن، ما هو السبب الحقيقي لخروجك من «لوجورنال»؟ > بتزامن مع إصدار الحوار مع بنيامين نتنياهو، كانت أسبوعية «ماروك إيبدو» قد نشرت، لغاية في نفس يعقوب، مقالات حول الأنشطة الاجتماعية للملك في شهر رمضان، خصوصا عملية إفطار الفقراء وتوزيع المؤن عليهم. اتصل بي حسن أوريد، ولازال على قيد الحياة، وقال لي: «سمية سيدي يريد أن يجري لقاء معك ويفسر لك تصوره حول التضامن والعمل الاجتماعي بالمغرب». بالنسبة إلي، اتصال أوريد بي وطرحه لهذا المقترح عليّ لم يكن سبقا صحافيا لجمال براوي وحده، بل كان سيعتبر مكتسبا للصحافة المغربية ككل، إذ كنت قريبا من أن أكون أول صحافي مغربي يحاور الملك محمد السادس. أخبرت فاضل العراقي بفحوى الاتصال الهاتفي مع حسن أوريد وبرغبة ولي العهد آنذاك في إجراء اللقاء معي، والذي كان يفترض أن يكون على شكل حوار صحافي. ومباشرة بعد خروجي من مكتب العراقي، قام هذا الأخير بالاتصال بحسن البرنوصي واستفسره حول ما إن كان الأمير هو من طلب، فعلا، الحوار، أم إن «لوجورنال» من كانت سباقة إلى طلبه. - ماذا حدث بعد ذلك؟ > بعد أيام اتصل بي فؤاد عالي الهمة، مدير ديوان ولي العهد آنذاك، يخبرني بأنه تم إلغاء اللقاء وأخبرني بما قام به العراقي، وقال لي إن ولي العهد أغضبه هذا التصرف. في اليوم الموالي، قدمت استقالتي من «لوجورنال» وعللت ذلك أمامهم. بالتأكيد أنا شخص لدي نقائصي وإيجابياتي لكنني «ماشي برهوش»، وأنا اعتبرت ما قام به العراقي شيئا من «التبرهيش» فقررت المغادرة نهائيا، وجاء ذلك أياما بعد نشر الحوار مع نتنياهو. كان تصرفا غير مسؤول من العراقي لأن الجميع كان يعرف أن الحسن الثاني كان يعيش أيامه الأخيرة وأن ولي العهد سيصل إلى سدة الحكم بعد بضعة أسابيع. البعض الآخر قال إنني تركت «لوجورنال» من أجل المال، وأريد أن أوضح أنني كنت مساهما بتسعة في المائة من حصة الرأسمال منحني إياها فاضل العراقي، وعندما غادرت لم أطلب شيئا، لكنه لم يسبق لهم أن دفعوا المستحقات المالية العالقة في ذمتهم إن بخصوص الضريبة على الدخل أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو الضريبة وذلك شأن الدولة. - ما هو، في اعتقادك، نوع العلاقة التي كان يريد ولي العهد تأسيسها مع الصحافة المستقلة في المغرب؟ > أعتقد أن محمد السادس حينما كان وليا للعهد كانت لديه رؤية للتعامل مع الصحافة المغربية لإنجاح الانتقال الديمقراطي في المغرب، وكان يطمح، فعلا، إلى أن تكون هناك صحافة قوية وجادة ومستقلة. وقناعتي أن أكبر تصور للصحافة في المغرب هو الذي كان يحمله ولي العهد آنذاك، وتبين ذلك من خلال مجموعة من المحطات. وهنا، أريد أن أكشف شيئا، وهو أنه قبل أشهر قليلة من موت الملك الحسن الثاني، كانت هيلاري كلينتون وابنتها شيلسيا قد حلتا بمراكش في زيارة خاصة. حينها، استدعى ولي العهد حوالي 20 صحافيا مغربيا. وبعد استقباله لزوجة كلينتون، انتقل رفقة صديقيه، فؤاد عالي الهمة والمنصوري، إلى فندق السعدي، وهناك استدعى بشكل خاص حوالي 6 صحافيين وتناولوا معه وجبة العشاء. - لكن الأمور تغيرت بعد اعتلائه العرش... > في زيارته الأولى لفرنسا كملك للمغرب، قام بتوفير طائرة خاصة للصحافيين، ولم أكن مدعوا إليها لأنني كنت من المغضوب عليهم. وقال حسن أوريد، الذي كان ناطقا رسميا باسم القصر، أمام مجموعة من الصحافيين، لازالوا جميعهم على قيد الحياة: «إن الملك يفكر في تنظيم لقاء مع ثلاثة أو أربعة صحافيين»، لكنه لم يحدد شكل اللقاء وما إن كان الأمر يتعلق بحوار صحافي أم فقط بلقاء لتدارس بعض الأمور. - من الصحافيون الذين كانوا حاضرين وألقى أوريد على مسامعهم ما قاله؟ > بوبكر الجامعي وأحمد بنشمسي وغيرهما.... - ماذا وقع بعد ذلك؟ > في فرنسا، كانت هناك صحافية شابة من جريدة مغمورة استدعيت لحضور الزيارة الملكية بفرنسا. في باحة الفندق، سألها أوريد إن كانت قد كتبت مقالها أم لم تقم بذلك بعد، فردت عليه قائلة: «لا، لم أكتب شيئا، أنا لست هنا بصفتي صحافية.. أنا هنا مدعوة صاحب الجلالة». واقعة أخرى حدثت، وذلك في زيارة الملك لواشنطن، حيث استدعيت لمرافقته.. اتصلوا بي وأعطيتهم جواز سفري من أجل التأشيرة. بعد ذلك، اتصل بي شكيب العروسي، وأحسست بأن الرجل محرج. مرت حوالي ساعة وهو يحدثني عن كرة القدم والضباب الكثيف في السماء والشمس التي قد تأتي وقد لا تأتي، قبل أن يخبرني بأنني لن أرافق الملك في رحلته إلى واشنطن. وبعد ذلك، علمت بأن مستشارا سابقا لفؤاد عالي الهمة -كان يتقاضى أجره من عند كاتب الدولة السابق في الداخلية، وهو اليوم يكيل له السب والشتم- قال له (للهمة) إن براوي يشتم الملك.. كذب في ما قاله في حقي فأصبحت من المغضوب عليهم ثانية. بالنسبة إلى القصر في بداية العهد الجديد، كانت هناك رغبة أكيدة في أن تكون هناك صحافة مستقلة في المغرب، لكن اليوم يجب أن تتم محاسبة من ساهموا في تراجع الملك عن هذه الرغبة.