تعرض «المساء» خلال فصل الصيف جانبا خفيا من حياة محمد الجامعي، أول لاجئ رياضي إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، فالرجل تحول من رئيس لفريق أجاكس القنيطري لكرة القدم داخل القاعة، إلى نزيل في السجن المدني بالقنيطرة بتهم متعددة. في سيرته الذاتية يتحدث الجامعي من الولاياتالمتحدةالأمريكية عن مساره من التألق المطلق واستقباله من طرف كبار القادة في العالم إلى إقباره بين القضبان. في حلقات نتابع تفاصيل قصة يمكن أن تتحول إلى سيناريو لفيلم يأسر المشاعر، على امتداد شهر يوليوز نعيش فصولا أخرى في حياة رجل عاش من أجل الكرة واعتقل من أجلها قبل أن يعيش اغترابا قاسيا في الضفة الأخرى للمحيط الأطلسي. استطاع الجامعي مواجهة العقبات القانونية، وبدأ سيناريو حياة جديدة حملت معها العديد من أسباب النسيان التي خولت له التأقلم نسبيا مع ظروف العيش الجديدة، منها نجاحه في مشروعه الخاص بالأكلات الخفيفة الذي شكلت فيه زوجته نعم السند والدعم، وذلك بعد تحملها أعباء تدبير المشروع إلى جانبه، ولم يكن حضن الزوجة والأولاد كفيلا بأن ينسيه دفء الوطن والعيش تحت سمائه رفقة الأهل والأصدقاء. واستمرت صيرورة الحياة التي أبت إلا أن تصالح الجامعي، فبعد أن حرمته لحظات استقبال مولودته الأولى هاجر عوضته ولادة ابنه ريان عن ذلك الحرمان، وظل ريان قبس النور الذي شاء القدر أن يكون هو السراج المنير قي سنوات الغربة المريرة. خلال هذه الحلقة يسرد الجامعي كيف استمرت صيرورة الحياة بأمريكا التي فيها ريان خيط الأمل الذي تمسك به الجامعي بعد طول محنة. مهما توفرت متطلبات الحياة في المهجر، لا يمكن أن يتغير حبي لوطني وعشقي لأناسه الطيبين، ويبقى المغرب دائما مصدر حنيني وشجوني بكل ما عشته فيه من ذكريات، ويكبر الحنين لدي حينما أستحضر حقبة من الزمن عشتها. وحاولت جاهدا التكيف مع حياتي الجديدة بأمريكا محاولا تخطي العقبات النفسية، التي كانت تزيد من مرارتها لحظات استحضاري للتحليق بعيدا عن وطني، وأصرت سنين الغربة مصالحتي بتعويضي عما فاتني، وهوما كنت أستشعره كلما نظرت إلى هاجر وريان اللذين حرصت على تشبثهما بمغربيتهما رغم أنهما قد رأيا النور ببلد المهجر، وهو الخطاب الذي كنت أصر على تمريره في كل المناسبات لأن المغرب يظل دائما وطن الآباء والأجداد. وحينما بلغ ابني ريان السنتين ونصف، تحركت حبة رمل صغيرة في آخر النفق، وسمحت للضوء بأن يتسرب من الفتحة التي انفجرت ثم تسرب نور ليضيء طريقي، أدركت من أول لحظة أن مصدر النور لم يكن شمسا أو قنديلا ، لكنه ابني ريان الملقب برياندينهو، الذي راهنت عليه لأفتح صفحة جديدة من تاريخي الكروي، وترميم أسطول تجربتي الرياضية التي كانت قد دمرت. وترسخت لدي قناعة بأنه إذا كانت أجاكس قد شكلت البداية فرياندينهو قد يشكل تتمة المشوار، وحينها أدركت أنني هنا من أجل تحقيق مولد نجم مستقبلي، وكان هذا اختيارا لازمني طيلة الوقت ووضعته نصب عيني وحرصت على أن أهيئ له كل الأسباب. راهنت نفسي قبل غيري على تحقيق ذلك، و بدأت أمارس مع ابني لعب كرة القدم في سن مبكرة، وحين بلغ ريان سن الخامسة تم استدعائي لتأطير شبان أحد الأندية بعد ما حصلت على ثلاثة دبلومات ،وقد تناسبت أعمار الأطفال مع عمر ابني أمضيت مع هذا النادي سنتين إلى حين تم اختياري من طرف، جوفنتوس بور سان لوسي لتأطير الفئات الصغرى. كنت أرى في ابني مواصفات لاعب كبير، حيث كان يتميز بالسرعة المراوغات ثم التركيز،أما القذفات فهو يتوفر على قوة أكبر من سنه، و لم أكن الوحيد الذي لمس الإمكانيات الكروية لريان بل إن الكل هنا يتنبأ له بمستقبل كروي زاهر لأن لديه من المقومات، ما يخول له ذلك، ولهذا انتخب ضمن أجود اللاعبين الذين تم اختيارهم لمعسكر تدريبي مع فريق برشلونة الإسباني العام الماضي، وهذه السنة كان الوحيد الذي حظي بحضور معسكر تدريبي للاعب الألماني المشهور رومينيكن. وكنت كلما لمست تقدم ريان في المجال الكروي أحسست وكأن القدر شاء أن يصالحني بعدما أدرك أنني كنت ضحية عشق وولع بفريق أحببته بتفان فكان سبب شقائي.