بين الفينة والأخرى تنتفض الآلة الإعلامية الجهنمية للغرب الأوربي والأمريكي، ليس ضد صواريخ إسرائيل النووية وتجاربها على كل أنواع أسلحة الدمار والفتك الشامل، ولكن كلما أجرت كوريا الشمالية تجارب على بعض الصواريخ التي عملت على تطويرها بوسائلها الخاصة، وهي فرصة ينتهزها البعض من أجل شيطنة نظام بْيُونْغْ يانغ، وتصويره على أنه مَارِدٌ آثِمٌ يستحق العقاب الكبير. الغرب الأوربي والأمريكي يَغُضٌّ الطّرف عن حلفائه وأصدقائه الذين يمتصون دماء شعوبهم وينكلون بها. وقد فشل «الكبار» في إسقاط هذا النظام أو حتى في التواصل مع الشعب الكوري بأي شكل من الأشكال، ففضلوا اللجوء إلى سياسة فرض العقوبات وكافة أنواع الحظر على كوريا الشمالية وشعبها، حيث إن الكبار اعتادوا على معاقبة الشعوب قبل معاقبة الحكام. ثم إن كوريا الجنوبية واليابان شاركتا في حرب ظالمة لاأخلاقية، وخارج القانون الدولي والأمم المتحدة، ضد شعب العراق لإرضاء أمريكا وإسرائيل. والمدهش أن بعض العرب تحمسوا لمسلسل الإجراءات العِقابية ضدّ كوريا الشمالية، بالرغم من أن هذه الأخيرة لم تكن أبدا طرفا في أي نزاع أو ملف عربي، إذ إن للكوريين ما يكفيهم من الهموم التي تغنيهم عن استيراد الكم الهائل من الهمِّ العربي الممتد من الخليج إلى المحيط. وكان حَرِيًّا بهؤلاء العرب أن يدركوا أنهم أول من يبرع في إطلاق الصواريخ من كافة الأصناف والأحجام، وهي صواريخ لم يحدث أبدا أن قصفت العدو، إذ إنها موجهة لقصف الشعوب العربية بالأراجيف والأكاذيب والوعود التي تظل حبرا على ورق. وإذا اختار بعض العرب الانضمام إلى جوقة المُنَدِّدِينَ بتجويع نظام بْيونْغْ يَانْغْ لشعبه، فإن الشعوب العربية، بدون استثناء، تعاني من مذلة الفقر، بما فيها شعوب الدول النفطية العربية الكبرى. كما أن هذه الشعوب تعاني من المجاعة الديمقراطية والمجاعة الحقوقية والمجاعة العلمية، وكافة أنواع المجاعات في مجال الاجتماع والاقتصاد والتنمية والتدبير الرشيد للشأن الوطني والمحلي وللعلاقات الدولية. لقد فشلوا في الكَنْسِ بالشّطابة أمام أبواب بيوتهم، فهبوا إلى «التشطاب» أمام الأبواب الكورية لعلهم يحصلون على رضى ومباركة أولياء نعمتهم في البيت الأبيض.