نفى محمد الوحداني، رئيس المجلس البلدي لسيدي إفني، ومنسق السكرتارية المحلية لسيدي إفني وآيت بعمران، أن تكون السلطة المحلية قد قدمت الدعم لأعضاء السكرتارية المحلية للوصول إلى رئاسة المجلس البلدي، في محاولة منها لإطفاء شرارة الاحتجاجات. وقال في حوار مع «المساء» إن «الشرعية الديمقراطية والشعبية والنضالية التي نمتلك هي التي مكنتنا من الحصول على 20 مقعدا من أصل 25 مقعدا من مقاعد المجلس البلدي، وهي نتيجة لم تتحقق بفعل تزوير الإرادة الشعبية أو استعمال المال أو أي تصرف يهدف إلى تغيير تلك الإرادة، وإنما بفضل دعم الجماهير التي كانت تشارك في الوقفات والقوافل التضامنية والإضراب العام». - في 10 أبريل تم الإفراج عنكم بعد قضاء ثمانية أشهر وراء القضبان، على خلفية أحداث سيدي إفني ل 7 يونيو 2008 وأحداث غشت من نفس السنة. وفي 12 يونيو الماضي فزتم بدائرة الودادية بسيدي إفني، ثم بعد ذلك برئاسة المجلس البلدي. بين التاريخين ما الذي تغير حتى نرى الحقوقي والجمعوي محمد الوحداني الذي أقسم أمام الجماهير بأنه لن يترشح للانتخابات، يقبل على خوض غمارها؟ < لا أظن أن هناك تغييرا، فبعد أن كنا في السكرتارية المحلية لسيدي إفني وآيت باعمران نولي كبير اهتمامنا للشأن العام ومطالب المواطنين والمواطنات من خلال الجمعيات والسكرتارية المحلية، انتقلنا بمناسبة خوض غمار الانتخابات الجماعية الأخيرة إلى تحمل المسؤولية داخل المؤسسة المنتخبة، لإدراكنا أولا أن عدم المشاركة في الانتخابات سيكرس واقع تهميش المنطقة، ولإيماننا ثانيا بأن دورها في تنمية المنطقة كان ضعيفا، فباستثناء بعض التجارب في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كانت المؤسسة المنتخبة في واد ومطالب الساكنة في واد آخر، جراء بعد النخب التي كانت تدير الشأن المحلي عن احتياجات المدينة ومطالبها، ودفاعها فقط عن مصالح لوبيات معينة، وعملها على تنفيذ إملاءات جهات متعددة كان هدفها الرئيس هو الإبقاء على التهميش والحصار الممنهج على المنطقة، وحتى في اللحظات التي كان من المفروض فيها أن تدافع المؤسسات المنتخبة وممثلو السكان عن مصالح المنطقة وساكنتها، كنا نجد عكس ذلك، ولنا في المجلس البلدي السابق أسطع مثال على ذلك، إذ كان يقف ويوقع ضد الساكنة والحركة الاحتجاجية والنضالية التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة، مما أعطى صورة خاطئة وشوش على نضالات الجماهير من خلال بيانات متعددة كانت دائما ضد الساكنة وتؤول الدفاع عن مطالب عمرت أكثر من 50 سنة، والمتعلقة بالعمالة وإنشاء الطريق الساحلي سيدي إفني، طانطان والخدمات الاجتماعية والصحية والشغل، بقراءات بعيدة كل البعد عن الحقيقة. - لكن كنتم قد رفعتم في السكرتارية المحلية شعار «لا انتخاب ولا تصويت حتى تحقيق المطالب» طيلة السنوات الثلاث الماضية؟ < بالنسبة للمطلب الرئيسي الذي كنا نركز عليه في السكرتارية المحلية لسيدي إفني - آيت باعمران، والمتمثل في إحداث العمالة، فيمكن التأكيد على أنه تمت الاستجابة إليه، حيث تم الإعلان عن ذلك، مؤخرا، بمناسبة التقسيم الإداري الجديد، كما أن المطالب الأخرى التي تروم تحقيق التنمية في المنطقة وتأهيلها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، تمت مناقشتها وإدراجها في إطار البرنامج التأهيلي لمنطقة سيدي إفني آيت باعمران، الذي تم خلال الاجتماع الحكومي الذي ترأسه الوزير الأول في نونبر 2008، كما تم وضع أجندة لتنفيذ هذا البرنامج وتخصيص ميزانيات، فالمسألة مسألة وقت وإجراءات مسطرية وإدارية. وتبعا لما تحقق يمكن القول إن شعار «لا انتخاب ولا تصويت حتى تحقيق المطالب» أصبح غير قائم، لا نريد أن نكون عدميين، فالجميع يدرك جيدا أن الدولة، ولاسيما بعد الأحداث التي وقعت منذ 2005 وما تبعها من أحداث السبت الأسود وغشت 2008، أصبحت واعية بأن المطالب التي رفعت ليست مطالب ال 35 عضوا في السكرتارية أو أنها مطالب تحكمها حسابات سياسية كما كانت تدعي ذلك مجموعة من الفئات واللوبيات النافذة اقتصاديا بالمنطقة. كما تبين لها أن التأويل الذي كان يعطى لتحركاتنا هو تأويل متهافت ومجانب للصواب، وأن المطالب التي دافعنا عنها كانت مطالب شعبية. - يرى البعض أن السلطة المحلية قدمت لكم الدعم وسهلت طريقكم للوصول إلى المجلس البلدي، في محاولة منها لإطفاء شرارة الاحتجاجات؟ < الشرعية الديمقراطية والشعبية والنضالية التي نمتلك هي التي مكنتنا من الحصول على النتيجة الكاسحة التي تمثلت في حصد 20 مقعدا من أصل 25 من مقاعد المجلس البلدي، وهي نتيجة لم تتحقق بفعل تزوير الإرادة الشعبية أو استعمال المال أو أي تصرف يهدف إلى تغيير تلك الإرادة، وإنما بفضل دعم الجماهير التي كانت تشارك في الوقفات والقوافل التضامنية والإضراب العام. فهذا الدعم الشعبي هو الذي وفر لنا شروط الحصول على أغلبية مريحة داخل المجلس البلدي. لكن، بالمقابل، كانت هناك محاولات للمجموعة التي كانت تسير المجلس البلدي من خلال استعمال المال والدعاية والإشاعات، وللوبيات التي كانت تنتفع وتعتبر المنطقة بقرة حلوبا وتنتهز فرصة بقائها في وضعية التهميش، من أجل إقصاء أعضاء السكرتارية ومجموعة من المناضلين والحيلولة دون تمكنهم من الوصول إلى المجلس البلدي، فأين هو دعم الدولة الذي يتحدث عنه البعض؟ - يتهمكم البعض باستغلال الرصيد النضالي للسكرتارية للوصول إلى رئاسة المجلس البلدي؟ < هذا الاتهام لا يقوم على أي أساس، إذ كيف يمكن اتهام شخص باستغلال الرصيد النضالي للسكرتارية، وهو جزء من الحركة الاحتجاجية، وشارك إلى جانب أعضاء السكرتارية وساكنة سيدي إفني في النضال من أجل تحقيق مطالبنا المشروعة، واعتقل في سبيل ذلك في سنوات 2005 و2006 وتم التحقيق معه في سنة 2007، وكان أول المعتقلين بمعية ثلاثة من إخوته سنة 2008؟ - يبدي بعض المتابعين المحليين مخاوفهم من تكرار تجربة رئاسة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بقيادة حسن البوجرعادي وبعوش، من حيث كثرة الوعود وقلة الإنجازات؟ < لا يمكن أن نقارن بين التجربتين لوجود اختلاف كبير بينهما، سواء من حيث البرنامج والتصور أو الشروط التي أنتجت النخبة المسيرة للمجلس البلدي، فخلافا لتجربة الاتحاد الاشتراكي الذي قاد المجلس البلدي لولايتين 1997 و2003، بتحالف مع الحركة الشعبية والحزب الوطني الديمقراطي، فإن التجربة الحالية تقودها نخب جديدة قادت وشاركت في الحركة الاحتجاجية، وتتوفر على مشروع لتأهيل المنطقة، وبالتالي فلا مجال للمقارنة مع وجود الفارق. أما بخصوص الوعود الكثيرة، فأقول إن وعودنا للمواطنين والمواطنات تم تحقيقها من خلال البرنامج التأهيلي، وأن رهاننا الآن هو الحفاظ على المكتسبات التي ناضلنا من أجلها بمعية ساكنة وأبناء المنطقة في الداخل والخارج، لقطع الطريق على وصول نخب تمارس النهب والتسيير السيء للمجلس البلدي. فهدفنا هو المحافظة على المكتسبات والمال العام ومتابعة الأوراش التي ستؤهل المدينة. - هل تعتقدون أن الطريق سالكة أمامكم لتحقيق الأهداف التي تحدثتم عنها؟ < نحن واعون بأن اللوبيات التي ظلت تستفيد لما يربو عن خمسة عقود، أصبحت تشعر الآن، بعد وصول حركة انتقلت من وضع النضال إلى المؤسسة المنتخبة، أن البساط يسحب من تحت قدميها وأن مصالحها باتت مهددة، وبأنها لن تقبل بالوضع، ولن تقف في موقع المتفرج. كما أننا واعون بوجود لوبيات داخل الدولة ستعمل على إفساد تجربتنا، بيد أننا متيقنون بأن المواطنين والمواطنات في المنطقة سيدافعون عن مشروعهم، مشروع المستقبل، وعن مطالبهم كما عاهدناهم على مر التاريخ. نحن واعون بأن عراقيل عدة ستوضع في طريقنا، لكن إرادة التغيير والتاريخ والمستقبل والحلم بغد كريم للمواطنين كفيلة بتحقيق أحلامنا التي تعود إلى ما يربو عن نصف قرن، وبتأسيس تجربة جديدة في التدبير الجماعي تعتمد على رؤية تشاركية مع الجميع. وفي هذا الصدد، نؤكد أننا نمد أيدينا إلى الدولة لكي تكون هناك مصالحة منصفة وعادلة للمنطقة، وأن عليها أن تتحمل مسؤوليتها في ما يخص طي صفحة معتقلي سيدي إفني. - في البداية، كان هناك حديث عن ترشح أعضاء السكرتارية المحلية باسم الاتحاد الاشتراكي، ثم بعد ذلك باسم حزب الخضر، قبل أن تستقروا في نهاية المطاف على الترشح باسم الحزب الاشتراكي. ما سبب هذا التردد في الترشح؟ < كنا في البداية قد طرحنا الترشح باسم الاتحاد الاشتراكي، ولكن بعد نقاشات بين أعضاء السكرتارية تبين لنا أنه لا يمكن أن نشارك في الحزب محليا بشروطنا، خاصة في ظل وجود أسماء في الفرع المحلي للاتحاد لها تاريخها النضالي، وساهمت في تسييره لعقود. وبعد أن تبين لنا كذلك صعوبة الترشح كمستقلين استقر الرأي على أن يكون ترشحنا باسم حزب صغير لا تفرض قيادته علينا حساباتها، لوعينا بأن بعض الأحزاب قد تستغل الرصيد النضالي لأعضاء السكرتارية. وفي هذا السياق، كانت لنا نقاشات مع قيادة الحزب الاشتراكي، أكدنا خلالها على أننا لا نريد أن تمارس علينا وصاية من طرف المركز، على اعتبار أننا الأقرب إلى مشاكل المنطقة وتاريخها وساكنتها ومطالبها، وألا تتدخل لفرض إملاءات مركزية علينا، وقد توجت هذه النقاشات بقرار خوض غمار الانتخابات الجماعية ضمن لائحة الحزب الاشتراكي، ولاسيما بعد الرد الإيجابي للأمين العام بوزوبع على مطالبنا.