قال الناشط الحقوقي إبراهيم سبع الليل إنه غير آسف على الشهور الستة التي قضاها في السجن، لأنها أطلعته على حقائق لم يكن يعرفها من قبل. وأوضح سبع الليل في حوار مطول مع «المساء» «أن تحضر شخصا وتتابعه بجريمة هو لم يرتكبها، دون تقديم أية أدلة ورفض جميع الدفوعات الشكلية التي قدمت حول الموضوع من طرف الدفاع، فهذا ما ميز ربما هذه المحاكمة وجعلها تحظى بنوع من الاهتمام من طرف الإعلام والحقوقيين». - قدمت الدولة إشارات إيجابية بخصوص التعاقد التنموي الذي سيوقع مع الساكنة في غضون الأيام القليلة المقبلة ما تعليقك؟ < على كل حال، هناك إشارات إيجابية نحن واعون بها من طرف الدولة، ونحن كذلك لدينا إشارات إيجابية، وسنرد بإشارات أخرى إيجابية، ونحن ملتزمون بالتهدئة وبإعمال القانون واحترام مؤسسات الدولة، والمطلوب من هذه المؤسسات والأحزاب السياسية والمنتخبين أن تكون لديهم الجرأة والقدرة على تحمل المسؤولية في هذه المرحلة التاريخية الخطيرة، وأن يعطونا خارطة طريق لكي نتبعهم فيها، ونحن نقول هذا الكلام علانية. - في حالة ما إذا تأخر إخراج خارطة الطريق إلى الوجود، وتأخرت مرة أخرى الوعود التي قدمت للساكنة مرات عديدة، هل ستعود السكرتارية إلى الاحتجاج من جديد؟ < لا شك في ذلك، لا شك أننا سنحتج، وهذا حقنا لأنه لا يمكن أن يكذب علينا أحد، ونحن لدينا مطالب اجتماعية تنموية بسيطة، رفعها أجدادنا منذ ثلاثين سنة ونحن نرفعها الآن منذ أكثر من ثلاث سنوات، فهذه المطالب لن تعجز الدولة وعليها الانكباب على تنفيذها. - ولكن، ألا تعتقد أن الاحتجاج أصبح سمة لآيت باعمران تؤثر سلبا على المستثمرين الذين يرغبون في الاستثمار بالمنطقة؟ < هذه حجة واهية، فالكلام الذي ينبغي أن يوجه إلى المستثمرين هو أنهم مسؤولون عما حدث في 7 يونيو، لأنهم لو قاموا بالاستثمار في الأراضي التي استفادوا منها بدرهم رمزي بالحيين الصناعيين التابعين للميناء، لما وقعت أحداث السابع من يوينو الماضي، فلا أحد منهم فكر في بناء مصنع بالحي الصناعي «أ» والحي الصناعي «ب»، فالمستثمرون يتحملون المسؤولية وهذا كلام واضح، ولا أحد يستطيع منع أي فرد من الاستثمار بالمنطقة، والشباب المنتفض يريدون العمل ولا يريدون التخريب، والدليل على أن الشباب بسيدي إفني لا يخربون هو أنه لم يتم الاعتداء على أي من مؤسسات الدولة بالتخريب أو الحرق، دون أن نتحدث عن سيارة القائد الذي تواجد في مكان الاحتجاج واستفز المتظاهرين. - ألا تعتقد بأن السكرتارية وقعت في أخطاء أدت الساكنة ثمنها في السابع من يونيو الماضي؟ < أولا ما يجب أن نعرفه هو أن السكرتارية ليست لها علاقة بأحداث 7 يونيو، وهذه مغالطة يجب الرد عليها، والدليل أن الجميع يعلم أن الذين حاصروا الميناء لا علاقة لهم بالسكرتارية لا من قريب ولا من بعيد، والذين خرجوا للميناء بعد قرعة المناصب التي أجريت بمقر البلدية أغلبهم شباب عاطل يبحث عن فرص الشغل، وهم الذين بادروا بمحاصرة الميناء، والسكرتارية حاولت ما أمكن أن تلعب دور الوسيط بين المحاصرين والأجهزة، ولكن تم تجاوزها لأنه منذ ثلاث سنوات ومجموعة من الأشخاص والأجهزة أزعجهم هذا البريق الذي أصبحت تتمتع به السكرتارية في الساحة، وبالتالي كانوا يحاولون طيلة الوقت ضرب مصداقيتها وتقويض دورها، وأنا أعتقد بأن هذا هو الخطأ، كما أن السكرتارية ارتكبت أخطاء ولكن ما وقع في 7 يونيو لا دخل لها فيه، وأنا أستغرب أن يتم اعتقال أعضاء السكرتارية في الوقت الذي لم يسأل أحد عن الذين حاصروا الميناء، وهذا يؤكد بالواضح أن هناك رغبة في تصفية الحسابات مع السكرتارية. - ما هي الأخطاء التي وقعت فيها السكرتارية؟ < هناك أخطاء كثيرة، ولكن ينبغي أن نفهم أولا ما هي السكرتارية، فالسكرتارية في الأصل كانت مجرد إطار تنسيقي بين فروع لأحزاب وطنية ونقابات وفروع لجمعيات وطنية وأخرى محلية، والمشاكل وقعت بعد المسيرة الناجحة يوم 22 ماي بقيادة جميع الإطارات التي ساهمت في السكرتارية، حيث بدأت مشاكل الصراعات السياسوية بين الأحزاب السياسية، فبدأت السكرتارية تدفع ثمن نجاح تلك المسيرة، وبدأت الفجوة تتوسع، فانسحبت الأحزاب وبعض النقابات التابعة لها بعد أن قرر مجلس التنسيق تنظيم مسيرة أخرى يوم 7 غشت التي قمعتها السلطة، فكانت تلك لحظة فاصلة في تاريخ السكرتارية، ثم برزت مكونات أخرى وظهر صراع بين مكونات السكرتارية حول من له الحق في قيادة الاحتجاجات، والخطأ الثاني الذي وقعت فيه السكرتارية هو عدم الحسم في مجموعة من الصراعات في الوقت المناسب، مما جعل الهوة تتسع بين المكونات وبالتالي خلق نوع من الفراغ الذي استغلته جهات عديدة في التشويش على الساحة وإدخالها في مجموعة من المتاهات التي كان من واجبنا الحسم فيها بشدة وبقوة في إبانها. - ما تعليقك على تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية؟ < التقرير في نظري هروب إلى الأمام من طرف الأحزاب السياسية بالأساس، واستغربت في الحلقة الأخيرة من شؤون برلمانية، على التلفزة المغربية، التحامل الكبير الذي أبدته ممثلة الفريق الحركي داخل مجلس النواب، التي قالت كلاما خطيرا جدا اتهمت فيه السكرتارية وكادت تقول إنها سبب مشاكل المغرب، وأننا نعرقل عملهم كأحزاب، وأنا أذكرها بأن سبب مشاكل سيدي إفني هو المجلس البلدي الذي تسيطر عليه أغلبية من حزب الحركة الشعبية، وهو المسؤول على ما وقع بالمدينة، وهذا أمر حقيقي، لأن أول بيان صدر عن السكرتارية كان ضد المجلس البلدي لسيدي إفني، بسبب سوء تدبيره لشؤون المدينة، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان، وبسبب مجموعة من الخروقات التي عرفها الحساب الإداري الذي ضغطت السلطة من أجل تمريره سنة 2004، وكانت أول وقفة نظمت من طرف المكونات التي شكلت السكرتارية فيما بعد، ضد المجلس البلدي الذي كانت فيه أغلبية حركية. - ولكن بعض الفاعلين المحليين أو الوطنيين قالوا إن التقرير أخذ العصا من الوسط؟ < أنا لا أفهم كيف ذلك! خاصة عندما يأتي التقرير ويقول لك إن سبب المشاكل هو السكرتارية المحلية، التي لم تترك الأحزاب والمنتخبين يقومون بدورهم، ويقول إن الخروقات المرتكبة قليلة، وإن القوات العمومية ضربت من قبل المواطنين، وبالنسبة إلي فهذا شيء فظيع جدا، وما تعرضت له النساء داخل مخفر الشرطة كان كذلك خطيرا جدا، وهذه مأساة تؤكد أن التقرير غير موضوعي وجاء ليبرئ مجموعة من الأطراف والأجهزة الأمنية من الفظاعات التي ارتكبوها، ويهدف إلى تجميل صورة المغرب بعد التشويش الذي تعرضت له سمعة المغرب بعد التصريحات التي أدلينا بها والحملة الإعلامية التي واكبت الحدث، ولم نكن نتوقع منه ما هو أفضل. - نحن على بعد شهور من إجراء الانتخابات الجماعية، هل ستدعون الساكنة مرة أخرى إلى مقاطعة الانتخابات على غرار ما وقع سابقا، أم إنكم ستشاركون هذه المرة؟ < ليس هناك قرار للسكرتارية في هذا المجال، لأن السكرتارية كانت تتحدث عن الانتخابات الماضية وأصدرت بشأنها قرارا، ولكن عموما فموقفي الشخصي ضد الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات الجماعية، على اعتبار أن أزمة المدينة تكمن في أن النخبة التي تسيرها ليست في المستوى، وبالتالي فأعتقد أننا كلنا معنيون بدخول هذه المعركة والدفاع بشكل كبير عن أن تكون لدينا مجموعة في المستوى تسير المدينة، وأعتقد أنه لو كان لدينا مجلس بلدي في المستوى لتفادينا مجموعة من الأمور التي وقعت، ولكن للأسف النخبة التي كانت تسير المجلس البلدي كانت ضعيفة، وضعفها أثر بشكل سلبي على الأحداث، وزاد الطينة بلة... لنتذكر جميعا أن المجموعة المسيرة بعد أحداث يونيو 2006 بدل أن تتفهم الأمور طالبت في بيان لها السلطات الأمنية باعتقال أعضاء السكرتارية، وهددت بتقديم استقالتها، وهو ما لم تفعله فيما بعد. - هل طالبت باعتقالكم بشكل صريح؟ < بالتأكيد هناك بيان مكتوب، تلي مضمونه في الجلسة التي عقدها عامل الإقليم بعد الأحداث، وقد قام بتسريبه شخص من عمالة إقليمتيزنيت. - هل ستقدم ترشيحك لعضوية المجلس البلدي لسيدي إفني؟ < لا أعتقد، وإلى حد الآن أقول إنني لن أترشح للانتخابات، لأسباب قانونية وأخرى تتعلق بضرورة توفير فريق قوي يسير البلدية، لأنه إذا كنا سندخل في إطار فريق هش فلا داعي للترشح في الانتخابات، ومن الأفضل أن يكون هناك حزب أو حزبان يتم التعاقد معهما على برنامج واضح، وهو أفضل من أن نجمع شتات مجموعة من الأشخاص الذين لا رابط بينهم. - أفهم مما قلته بأنك لست مقتنعا بأي لون سياسي معين؟ أم إن الحكم بالسجن النافذ هو المانع؟ < طبعا هناك مانع قانوني، وإذا كنت سأترشح فلن أترشح باسم أي لون سياسي وهذا واضح، لأنه بالنسبة إلي لدي موقف من الأحزاب السياسية المتواجدة حاليا، وليس هناك حزب سياسي معين سأقتنع بأنه سيدافع على مشاكل المدينة بالشكل المطلوب، حيث لنا تجربة معهم للأسف الشديد. - هل ستدعمون مرشحين معينين أم ستقدمون مرشحين موالين للسكرتارية المحلية؟ < الاحتمالان واردان في نظري، وأنا مع تقديم الدعم لمرشحين نزهاء وصادقين وأقوياء يمكنهم الذهاب بعيدا في الشأن المحلي، كما يمكن كذلك تقديم الدعم لمرشحين من داخل السكرتارية، حيث هناك مجموعة من الناس الذين لهم تجربة والذين سبق لهم أن كانوا في المجلس البلدي يمكن دعمهم، إذا رأينا أن ذلك في مصلحة المدينة. - ما هي علاقتكم بفؤاد عالي الهمة؟ < شخصيا ليست لي به أية علاقة، إلا أنني التقيته على هامش اللقاء الذي عقد بأكادير من طرف جمعية «حركة لكل الديمقراطيين»، وقدمنا له رفقة فعاليات من سيدي إفني ملفا يخص مطالب سيدي إفني آيت باعمران، وطلبنا منه تقديم الدعم من أجل تحقيق هذه المطالب. - ولكنك أتيت من الرباط لحضور هذا اللقاء؟ < نعم، أنا تلقيت دعوة بهذا الخصوص فحضرت. .- البعض يتحدث عن بدء تحضيرات لعقد صفقة معينة بينكم وبين الهمة، من أجل إطلاق سراح المعتقلين، وبالتالي دعم مرشحيه في الانتخابات الجماعية المقبلة، ما مدى صحة هذا الكلام؟ < ليست هناك أية صفقة من هذا القبيل، لأن الحديث الآن مع الدولة، فهناك لجنة تحاور الدولة استقبلت من طرف الوزير الأول، وإذا كان شيء ما سيحدث فهو مع الدولة فقط، وما يقال عن صفقة مع المرشحين يبقى مجرد كلام.