اختار زعيم جبهة البوليساريو، محمد عبد العزيز، جمهورية كوبا التي يقوم فيها حاليا بزيارة عمل خاصة ليكشف عن المكان المحتمل أن يحتضن المباحثات غير الرسمية بين المغرب وجبهة البوليساريو. حيث يتعلق الأمر بعاصمة النمسا فيينا باعتبارها مكانا محايدا وتحتضن أحد مقرات الأممالمتحدة. لكن مصدرا مأذونا بوزارة الخارجية المغربية أوضح أنه لم يحدد حتى الآن لا مكان ولا تاريخ هذه المباحثات، وأن الشيء الوحيد والمؤكد أن أطراف النزاع اتفقت على عقد هذه المباحثات، أما باقي التفاصيل المتعلقة بتوقيت إجرائها ومكانها « سيناقشها الوسيط الاممي كريستوفر روس مع الأطراف عن طريق القنوات الديبلوماسية». وبالمقابل أكد المصدر ذاته أن المكان الأرجح أن يحتضن هذه المباحثات هي عاصمة النمسا فيينا، مضيفا، في السياق ذاته، أنه يتداول أن تتم هذه المباحثات نهاية الشهر الجاري مستبعدا أن يشرع الطرفان المغرب والبوليساريو في إجرائها خلال شهر غشت القادم موعد العطلة السنوية. ويشير المصدر ذاته إلى أنه إذا لم يعقد هذا اللقاء في نهاية الشهر الجاري، فإن المرجح أن يعقد بداية شتنبر القادم موعد الدخول السياسي. وعن رمزية المكان الذي اقترحه الوسيط الأممي الأمريكي كريستوفر روس، على أطراف النزاع لعقد المباحثات غير الرسمية أوضح مصطفى ناعمي الباحث في شؤون الصحراء وعضو الكوركاس، أن الهدف من هذا الاختيار يبقى مسألة تقنية وبسيكولوجية بالأساس، باعتبار عاصمة النمسا مكانا محايدا وأن المفروض في محادثات غير رسمية بين أطراف تنتفي فيها الصفة الرسمية أن يختار لها مكان تتوفر فيه ضمانات توفر هذا الشرط. وحول ما إذا كان رجوع كل من المغرب والبوليساريو إلى صيغة التفاوض بصفة غير مباشرة فيما بينهما هو نوع من الرجوع إلى نقطة الصفر، حيث سبق للدبلوماسية المغربية أن عبرت عن عدم استعدادها للرجوع إلى هذا المستوى من التفاوض، أوضح ناعمي في تصريح ل«المساء» انه بخلاف هذا الطرح، فإن الصيغة التي اقترحها روس تنطوي على تطور كبير في مسلسل التفاوض بين الطرفين، حيث سيتخلصان من هيمنة الجانب الرسمي مما سيساعد على تقارب في الرؤى، ويخلص المفاوضين الصحراويين من هيمنة القيادة العليا للبوليساريو. ولا يستبعد ناعمي أن تشارك في هذه المباحثات بعض الدول التي يثق فيها الجانبان كليبيا وقطر نظرا للعلاقات الطيبة التي تربطهما بالطرفين. مشيرا في السياق ذاته إلى أن ليبيا تلعب حاليا دورا أساسيا في حل عدد من النزاعات بإفريقيا، ولم يسبق لها أن ساندت قيام دولة رغم أنها دعمت جبهة البوليساريو بكونها حركة تحرر وليس كدولة. وبخصوص تشكيلة الوفود التي ستشارك في هذه المباحثات أبرز ناعمي أن الشخصيات التي ستختار لهذه المهمة من قبل كل من المغرب أو البوليساريو لن تكون لها الصفة الرسمية. واستبعد ناعمي بالمقابل أن يتم تكليف أعيان قبائل الصحراء بهذه المهمة، مرجحا أن يتم تكليف نخبة من الفعاليات والمثقفين الصحراويين للقيام بهذا الدور. وأن احتمالا كبيرا بألا يكشف عن الأسماء المفاوضة إلا في آخر لحظة وفي موضوع ذي صلة أكد الرئيس الأمريكي باراك اوباما للعاهل المغربي محمد السادس في رسالة وجهها إليه نهاية الأسبوع الماضي استعداد حكومة بلاده للعمل مع «حكومتكم ومع أطراف أخرى بالمنطقة من أجل التوصل إلى حل يستجيب لحاجيات السكان في ما يخص الحكامة الشفافة والثقة في دولة الحق والقانون وإدارة عادلة ومنصفة». مضيفا في الرسالة ذاتها «أن المفاوضات التي تجري تحت إشراف الأممالمتحدة تشكل الإطار الملائم الذي من شأنه أن يفضي إلى حل يحظى بالقبول المتبادل»، معربا عن أمنيته في أن يتمكن «كريستوفر روس، الدبلوماسي المحنك الذي يتوفر على تجربة واسعة بالمنطقة، من تعزيز حوار بناء بين الأطراف».