سؤال طفا على السطح، فشغل الدارسين وأسال حبر الكثيرين... إلى درجة أن النقاش الدائر لم يتمكن إلى حد الآن من الخروج من جحيم السؤال بجواب فصل. إذا ما أعدنا صياغة السؤال فكأننا نقول: هل يجوز تقسيم الأدب باعتبار الجنس؟ وحتى إذا ما أخذنا بهذا القول، فعلى أي أساس بني؟ هل اللغة التي يستعملها الرجل مخالفة للتي توظفها المرأة؟ هل المواضيع التي يناقشها الرجل لا تستطيع المرأة أن تناقشها؟ تبقى الجرأة في الكتابة إن اتخذها البعض مبررا نسبية بين الرجال أنفسهم، مادام الأمر كذلك، فمن أين إذا تسلل هذا المصطلح وما الغرض منه؟ هكذا وجدتني أتساءل كما يتساءل الكثيرون _ ربما باستنكار أكثر_ لأن الأدب لا يجب أن يخضع لمثل هذه التقسيمات لا باعتبار الجنس ولا حتى باعتبار الجغرافيا، لأن هذا من شانه تمييع قيمة الأدب وإضعافه... وجعله محط نزاع هو في غنى عنه، لأنه يخاطب بدون جوازات سفر عابرا بذلك كل القارات التي يراها وهمية، لذا فالقول بوجود أدب نسائي هو قول مردود لا لشيء سوى لأن الأدب طيع لمن يجيده رجلا كان أو امرأة، إذ كما يمكن أن يبدع الرجل يمكن للمرأة أن تفجر اللغة لتبقى نسب التفاوت، إن وجدت، مثل درجات التفاوت التي قد نصادفها بين مبدعين من جنس واحد ذكور وهو الأمر الذي لا بد وأن نتوقف عنده بعمق... هذا إذا ما اعتبرنا المراد بالأدب النسائي ذاك الأدب المكتوب بقلم امرأة، أما إذا قصدنا به الأدب الذي يكون مضمونه الحديث عن المرأة... فإن الموقف أكيد سيختلف... فمثلا نزار قباني وإن أمطر الدنيا دواوين شعر اتخذت من المرأة موضوعا، إلا أنه أبدا لم يستطع أن يجسد إحساس المرأة، لأنها تبقى الأقدر على رسم زوايا مملكتها الخاصة بأناقة وتفرد.. هنا أستحضر قول شاهد من أهلها هو الأستاذ الكاتب والصحافي إدريس الواغيش حين سألته عن رأيه في الموضوع فكان جوابه بأن «الأدب كالفن لا لون له. صحيح أنه من واجب امرأة أن تدافع عن المرأة والرجل عن الرجل لكن في إطار التكامل» ... بهذا القول أنهي المقال وأفتح النافذة على كل الاحتمالات...