اعتبرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أن الظروف التي جرت فيها الانتخابات الجماعية الأخيرة، لم تكتمل فيها شروط المنافسة الشريفة، ولم تسمح بالتعبير الحر عن إرادة الناخبين في كثير من الجماعات، عبر مختلف أنحاء المغرب، كما تميزت باستغلال الدين واسم الملك وبتكوين عصابات وميلشيات من المرتزقة لخدمة هذا الطرف أو ذاك، متهمة الأحزاب السياسية بتحملها القسط الوافر من المسؤولية في ما أسمته العبث والانحرافات التي تطبع العمليات الانتخابية. وأرجعت العصبة المغربية هذا «العبث» في العملية الانتخابية الأخيرة إلى عدة أسباب منها؛ الاستعمال الواسع للمال المشبوه في شراء الذمم وكسب الأصوات واستغلال ما تعانيه فئات عريضة من المغاربة من فقر واحتياج، وكذا إلى انتشار العصابات والميلشيات ممن وصفتهم العصبة ب «المرتزقة»، واستعمال جميع أنواع العنف والضغط والاحتيال للتأثير على إرادة الناخبين وتقييد حريتهم في الاختيار. وأضاف بيان للعصبة، توصلت «المساء» بنسخة منه، في سياق إبرازها لمظاهر فساد جماعيات 12 يونيو الماضي، ما وصفته ب«استغلال» الدين وتوظيف المساجد للاحتيال على المشاعر الدينية للمغاربة خلال الحملة الانتخابية وفي يوم الاقتراع، وإقحام اسم الملك، الذي يمنحه الدستور مكانة فوق الأحزاب، في الدعاية الانتخابية وفي التأثير على إرادة واختيارات الناخبين، بالإضافة إلى وقوف السلطة أحيانا موقف الحياد السلبي في مواجهة التجاوزات والخروقات المرتكبة من طرف الكثير من الهيئات المتنافسة خلال الحملة الانتخابية وفي يوم الاقتراع، وانحيازها في أحيان أخرى بشكل يخالف القانون، كما قالت العصبة التي رصدت أيضا، «الخلل» في عدد من لوائح الناخبين؛ حيث فوجئ بعض المواطنين بغياب بطائقهم الانتخابية وغياب أسمائهم من اللوائح ما حرمهم من الإدلاء بأصواتهم وبحقهم الدستوري في الاقتراع. وأشار المصدر نفسه إلى أن الظروف التي جرت فيها عمليات انتخاب الرؤساء وتشكيل المكاتب، شابتها تدخلات غير مبررة للسلطة، في عدد من المناطق، وعرفت استعمالا مكثفا للمال وأعمال عنف وشغب، كما تميزت بغياب ممارسة ديمقراطية سليمة لدى معظم الأطراف، وبانعدام المنطق والعقلانية وطغيان الهواجس المصلحية الضيقة، مما أدى إلى القيام بعمليات تزوير واسعة وغير مباشرة لإرادة الناخبين في عدة جماعات، فكانت النتيجة، بحسب العصبة، هي إسناد المسؤوليات الرئيسية للتدبير الجماعي إلى منتخبين من أحزاب لم تحظ سوى بعدد قليل من المقاعد، وإقصاء أحزاب أخرى أكثر تمثيلية وفق النتائج المعلن عنها. واتهمت العصبة بشكل مباشر الأحزاب السياسية بتحملها مسؤولية العبث والانحرافات التي تطبع العمليات الانتخابية، بسبب الهاجس الكمي والعددي الذي يدفعها إلى تقديم أكبر عدد من المرشحين دون الالتزام بشروط النزاهة والاستقامة لديهم، بل دون التشبع أو حتى التعرف أحيانا على المبادئ والبرامج التي تدافع عنها الأحزاب التي ترشحهم، يقول المصدر نفسه، الذي خلص إلى أن الظروف التي تمر فيها الاستحقاقات الانتخابية في المغرب، ومنها انتخابات 12 يونيو الأخير، لا تساهم في بناء مجتمع الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل تكرس فقط العزوف وعدم التوجه إلى صناديق الاقتراع من طرف نسب عالية من المسجلين في اللوائح الانتخابية، أو التصويت بأوراق ملغاة وتكريس ظاهرة عدم الانخراط في العمل السياسي بصفة عامة، والتخلي الاضطراري عن حق المشاركة في تدبير الشأن العام، مما يفسح المجال ل«الانتهازيين والفاسدين» للسيطرة على مقاليد الأمور، وهو ما ينعكس سلبا على الحقوق والحريات الأساسية للمواطنات والمواطنين.