عرفت سنة 2008 أرقاما قياسية في عدد المحاكمات غير العادلة بطبيعتها لمساسها بحقوق أساسية من قبل الحق في الأمان الشخصي والسلامة البدينة والحق في الرأي والتعبير، حسب ما ورد في التقرير السنوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان خلال سنة 2008. وقالت خديجة رياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في ندوة صحافية نظمت أمس بالرباط، «إن القضاء تم توظيفه من جديد للانتقام من المنابر الصحافية باستصدار أحكام جائرة وقاسية وممارسة التضييق على الصحافيين والاعتداءات الجسدية عليهم». وذكرت ب«تخلي القضاء عن مسؤوليته في ملفات تتعلق بذوي النفوذ، مما يكرس مبدأ عدم المساواة أمام القانون وعلى رأسها ملف حسن اليعقوبي الذي لم يتابع بعد إطلاقه النار على شرطي، وأفراد عائلة أمحزون بخنيفرة الذين لم يتعرضوا لأي مساءلة رغم وضع الشكايات من طرف ضحاياهم». وطالبت الجمعية بإعادة محاكمة أو إطلاق سراح معتقلي ما يسمى ب«السلفية الجهادية» الذين لم يتمتعوا بشروط وضمانات المحاكمة العادلة ومن بينهم حسن الكتاني ومحمد عبد الوهاب رفيقي الملقب ب«أبو حفص» والمعتقلون السياسييون الستة في الملف المعروف ب«بليرج»، موضحة «أن الجزء الأكبر من هؤلاء المعتقلين اعتقلوا بسبب آرائهم أو معتقداتهم وأنه لا علاقة لهم بالعنف وما يسمى ب«الإرهاب» كما جاء في التقرير. ومن جهة أخرى، سجلت عدم حصول أي تقدم بخصوص الكشف عن الحقيقة المرتبطة بملفي المهدي بنبركة والحسين المانوزي وغيرها من الملفات المشابهة، وعدم نشر لائحة أسماء المختطفين ال742 الذين أعلنت هيئة الإنصاف والمصالحة عن توصلها بحقائق بشأنهم. كما سجل التقرير «استمرار ممارسة الاختطاف من طرف الأجهزة الأمنية والمخابراتية المغربية بعيدا عن أي مساءلة أو متابعة»، معتبرا أن «الدولة تتلكأ في المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري». وقالت خديجة رياضي، « إن الجمعية تابعت 26 حالة اختطاف جديدة خلال سنة 2008، تتراوح مدة اختطافهم ما بين بضعة أيام إلى بضعة شهور قبل أن يحال 25 منهم على القضاء». وفي ما يتعلق بالأوضاع العامة في السجون، أشار التقرير إلى أن السجون لم تعرف إلا بعض التحسن الجزئي، وذكرت أن اعتماد المقاربة الأمنية في تدبير وتسيير الشأن السجني ستفاقم من المشاكل المطروحة وستحول دون توفر السجون على الحد الأدنى لسياسة التأهيل، وإعادة الإدماج المساعدة على الحد النسبي من حالات العود التي أضحت مرتفعة، إلى جانب الاستمرار في تجاهل العنصر البشري القائم بمهمة الحراسة. وتطرق التقرير إلى تجاهل المندوبية العامة للسجون لأدوار أن الحركة الحقوقية المتتبعة للأوضاع بالسجون سيجعل من هذه المعاقل مراكز مغلقة. وبخصوص حقوق المرأة، تطرقت الجمعية إلى أنه بالرغم من إعلان الملك محمد السادس رفع التحفظات عن الاتفاقية الدولية بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة فلم تباشر بعد أي خطوة رسمية لتجسيد ذلك التصريح في الواقع مما يجعل التحفظات ماتزال قائمة. أما مجال حقوق الطفل، فإن أخطر الانتهاكات التي واكبتها الجمعية تلك المتعلقة بالاعتداءات الجنسية على الأطفال بما تلحقه من أضرار جسدية بليغة تصل حد انتهاك حقهم في الحياة. وقدمت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، موجزا عن أبرز الملفات التي تابعتها خلال الشهور الأولى لسنة 2009، ومن بينها الانتخابات، حيث ذكرت رياضي برأي الجمعية، والذي سبق أن أعلنت عنه في بلاغ سابق، حيث وصفت حزب الأصالة والمعاصرة ب«حزب الدولة الذي تمكن قبل استكمال سنة عن تأسيسه من الحصول على أكبر عدد من المقاعد والأصوات». وأشارت إلى تراجع نسبة المشاركة الرسمية مقارنة مع الاستحقاقات الجماعية لسنة 2003 من 54 في المائة إلى 52 في المائة وتسجيل نسبة 11 في المائة من الأصوات الملغاة، إلى جانب تزايد انتشار ظاهرة شراء الأصوات مع تنامي الجرأة في اللجوء إلى هذا السلوك وتساهل السلطات واستعمال الممتلكات العمومية واستغلال النفوذ. كما ذكرت ب«قمع الأصوات الداعية إلى المقاطعة مقارنة مع سنة 2007، والذي تجسد في تصريح وزير الداخلية بمنع حزب النهج الديمقراطي من حقه في استعمال وسائل الإعلام العمومية للتعريف بموقفه من الانتخابات. يذكر أن التقرير، الذي يحتوي، على 180 صفحة تطرق إلى العديد من الملفات من بنيها الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق المهاجرين وطالبي اللجوء والحق في البيئة السلمية