جاء تصنيف الملك محمد السادس ضمن لائحة أثرياء العالم للمجلة الأمريكية «فوربص» ضمن أغنى الأسر الأمريكية الخمس عشرة التي زادت ثروتها خلال العالم الماضي، ببلوغ ثروته 2,5 مليار دولار. ويبقى لهذا التصنيف ماله وما عليه، علما أن ملك البلاد ورث عن والده المرحوم الحسن الثاني ثروة طائلة في مختلف المجالات، لكن المجانب للصواب هو ما ذهبت إليه الكاتبة الأمريكية ديفون بندلتون عن المجلة ذاتها، وما نقلته عنها بعض الجرائد المغربية، حين ربطت الكاتبة الأمريكية زيادة ثروة الملك من 1,5 مليار دولار إلى 2,5 مليار دولار إلى «انتعاش صادرات المغرب من الفوسفاط» لتتوسع بعد ذلك في الإشارة إلى حاجة العالم إلى هذه المادة أكثر من حاجته للبترول، وتخلص أخيرا إلى أنه «رغم تراجع أسعار الفوسفاط إلى ما دون مائتي دولار للطن فإن ذلك مازال كافيا لمحمد السادس ليتقدم بنقطة إلى الأمام ليصبح في المرتبة السابعة ضمن أغنى الملوك في العالم» وهي إشارة غير بريئة، لكن واضحة تماما بأن الملك محمد السادس يستعمل عائدات هذه المادة للرفع من ثروته. يبدو أن كاتبة المقال تجهل الشيء الكثير عن المغرب لذلك تضعه في نفس السلة مع جمهوريات الموز وبعض الديكتاتوريات التي تسير ببزات عسكرية! ومن خلال هذا التحليل السطحي الذي يجعل الحاكم لا يفرق بين خزينة الدولة وبين جيبه يتضح سوء نية بعض الكتبة الغربيين الذين يصنفون المغرب ضمن أنماط عتيقة للحكم، بحيث يبدو أن البلد لا يعرف شيئا اسمه ميزانية البلاط الملكي التي يصادق عليها برلمان البلاد، ولا يعرفون كذلك بأن مداخيل المكتب الشريف للفوسفاط تمر عبر مكتب الصرف وتدخل عائداته ضمن معايير تحديد ميزانية البلد وقانون ماليته، ولا يعرفون بأن المكتب تحول مؤخرا إلى شركة مساهمة خاضعة لأدق المعايير المحاسبية وهي IFRS، وبأنه صار ينشر بياناته المحاسبية في الصحف ويقدمها في ندوات صحفية. نعم هناك مشاكل في المغرب، هناك جيوب فاسدة لا تريد أن تفهم بأن العالم تغير، وهناك اقتصاد ريع يجب أن ينتهي، لكن هناك كذلك أشياء أنجزت وأخرى في طور الإنجاز.. المغرب لم يعد بتلك الصورة النمطية التي يتخيلها صحفيون أجانب من مكاتبهم الوتيرة في باريس ولندن وواشنطن ونيويورك. لقد أشفقت على كاتبة هذا المقال وهي تخلط بين المغرب وليشنتشتاين وقلت في نفسي لو كان الأمر كما تصورت لما كانت ثروة الملك محمد السادس 2،5 مليار دولار وإنما ضعف ذلك عشر مرات أو أكثر، ثم تساءلت لماذا تركز هذه المجلة على العائلات الملكية فقط، في حين أن هناك رؤساء اغتنوا لدرجة التخمة، بل إن أرقام ثرواتهم تجعل بعض الملوك يخجلون من «مدخراتهم». يمكن لهذه الكاتبة أن تتجول عبر خريطة إفريقيا مثلا لتجد رؤساء جاؤوا إلى سدة الحكم عبر دبابات وبرتب عسكرية جد بسيطة، ومع ذلك صار أبناؤهم يتجولون بباريس على متن سيارات الفيراري، وبناتهم يصفعن الشرطة بلندن وآخرون يشترون حصصا هامة في أندية أوروبية كبرى لكرة القدم، ويقدمون التعويضات بسخاء يفوق ملايير الدولارات.. ! من حق المجلة الأمريكية أن تتحرى في ثروات كبار الشخصيات العالمية، ولكن ليس من حقها أن تتبنى الانتقائية والتحليل السطحي والإشارات الكاذبة.