باستثناء بعض الجماعات بإقليم القنيطرة، التي سارت فيها التحالفات بشكل طبيعي، واتضحت المعالم الكبرى للمجالس المسيرة لها، إما عن طريق التوافق والتراضي، أو انصياعا لما أفرزته صناديق الاقتراع، التي منحت لهيئات سياسية الأغلبية المطلقة لتسيير الشأن العام المحلي دونما اللجوء إلى التفاوض لتشكيل الأغلبية، فإن جماعات أخرى، لا زالت تشكيلة مجالسها لم تر النور بعد، رغم مرور خمسة أيام عن تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية لانتخابات 12 يونيو الجماعية. وعزت مصادر «المساء»، أسباب التأخر في الإعلان عن تشكيلة المكاتب المسيرة إلى الصراع الدائر على أشده حول الرئاسة، بين مجموعة من المستشارين الفائزين، الذين لم يتوانوا، منذ ظهور النتائج، في استعمال وسائل غير مشروعة قصد كسب تأييد ودعم بعض المنتخبين لهم، في إطار تحالفات مشبوهة، للظفر بكرسي رئيس الجماعة. وفي هذا السياق، وجه ثمانية مستشارين بالجماعة القروية «أولاد سلامة»، التي تتكون من 25 عضوا وعضوة، شكاية إلى كل من والي جهة الغرب الشراردة بني احسن، ووكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، بخصوص اختفاء مجموعة من المنتخبين الجماعيين منذ تاريخ الكشف عن النتائج إلى حدود الساعة. وقال موقعو الشكاية، التي توصلت «المساء» بنسخة منها، إنهم تفاجؤوا أثناء محاولتهم التواصل مع باقي المنتخبين، لأجل التشاور بشأن تشكيل مجلس متكافئ ومتوازن يتماشى مع طموح الساكنة والهيئة الناخبة، باختفاء أربعة عشر مستشارا، ممن نجحوا في الانتخابات، بينهم منتخبون ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، وهجرانهم لمساكنهم إلى وجهة مجهولة، بعدما أقفلوا هواتفهم النقالة، وكشفوا أن «الرئيس السابق للجماعة قد حضر إلى منازل المستشارين المختفين، ورافقهم إلى مكان لا تعلمه حتى أسرهم». وطالب المستشارون الثمانية الجهات المسؤولة بفتح تحقيق فوري نزيه وشفاف، ومتابعة المتورطين في ما وصفوه ب«الجريمة» التي تضرب في العمق المسلسل الديمقراطي، وتخرق بشكل مباشر ضوابط ونصوص قانون الانتخاب، وتحول دون تشكيل مجلس تداولي قادر على تلبية مطالب الساكنة وتحقيق التنمية المحلية. من جانب آخر، ورغم أن حزب الميزان فاز بأغلبية المقاعد بجماعة المناصرة، متقدما بفارق مريح على حزب الأصالة والمعاصرة، ما يخول لمستشاريه تسيير شؤون المجلس لوحدهم دون غيرهم، فإن حديث سكان المنطقة لا زال جاريا حول وجود منتخبين، يظهرون عكس ما يسرون، مستعدين لعرض أصواتهم، لتغليب كفة هذا أو ذاك، مقابل الحصول على مبلغ 5 ملايين سنتيم للفرد الواحد. وإذا كان الاستقلالي «الديش»، الرئيس السابق لنفس الجماعة، يبدو مطمئنا على استمراره في كرسي الرئاسة لولاية أخرى، فإن الأخبار الآتية من المنطقة، قد تقلب كل الموازين، بعدما دخل حزب «التراكتور»، بقيادة المستشار ميلود لخضر، في مفاوضات مع منتخبين محسوبين على الرئيس السابق، من شأنها، في حالة نجاحها، أن تمنح لحزب الأصالة والمعاصرة تسيير أغنى جماعة بالإقليم. أما على صعيد بلدية مهدية، التي يضم مجلسها 25 عضوا، فقد نفى خليل اليحياوين، الرئيس السابق للجماعة، في تصريح ل«المساء»، أن تكون أغلبيته، المشكلة في مجموعها من مستشارين ينتمون كلهم لحزب الاستقلال، قد تعرضت للتشتت والتفرقة، لفائدة منتخبي «التراكتور»، الذين يقودهم البرلماني العربي المهيدي، وفق ما يتداوله الرأي العام المحلي.