لم يتوقع أحد بالمقر المركزي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بشارع كنيدي بآسفي أن تسفر نتائج الانتخابات الجماعية الأخيرة عن قرار التشطيب عليه نهائيا من تاريخ وجغرافيا تواجده بالمجالس المنتخبة بالمدينة منذ سنوات الرصاص حتى آخر تجربة جماعية في وحدة المدينة. هذا وقد ساد جو رهيب عند عموم المنتسبين إلى حزب القوات الشعبية، وبدا الأمر شبيها بعزاء كبير اضطر معه وكيل اللائحة وفريق حملته الانتخابية إلى إخلاء مقر الحزب و إقفاله والاختفاء عن الأنظار، جراء فاجعة انمحائه من تمثيلية المجلس، الذي ظل يحرص في كل فترات الانتخابات الجماعية في المغرب على أن يظفر بمقاعد تؤهله إلى إسماع صوته. فمن أصل خمسة مقاعد حصل عليها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال الانتخابات الجماعية لسنة 2003 ، لم يستطع كسب ثقة الناخبين بعد 6 سنوات، زاوج فيها بين المعارضة الصامتة والمشاركة المستترة في التسيير وترجيح كفة التوافق والمهادنة مع رئيس المجلس السابق حتى بعدما التحق الأخير بحزب الأصالة و المعاصرة. وكان لافتا للانتباه أن الأصوات، التي عادة ما كانت من نصيب الاتحاديين والتي تعود إلى فئات واسعة من شرائح المجتمع متوسطة الدخل، قد امتنعت عن التصويت لصالح رمز الوردة، وقال اتحادي غاضب بهذا الخصوص «الحزب يجني نتائج استفادة أقلية منه في المجلس من امتيازات موجهة للفئات المستضعفة والفقيرة وبنيابة التعليم زمان الوزير الحبيب المالكي من خلال تنقيلات من الوسط القروي إلى الوسط الحضري خارج أي مسطرة». وفيما سجلت آسفي نسبة مشاركة هي الأضعف على الصعيد الوطني، حيث لم تتجاوز 28 في المائة مع معدل كبير من الأصوات الملغاة، فقد كرست نتائج الانتخابات المحلية منطق الأعيان الذين توزعوا وتنافسوا وفازوا. حيث حل حزب الاستقلال في المرتبة الأولى بحصوله على 15 مقعدا و4816 صوتا فقط من أصل 136 ألفا و627 ككتلة ناخبة مسجلة، وحزب العدالة والتنمية الذي حصل على المرتبة الثانية ب 14 مقعدا، وحزب الأصالة والمعاصرة ثالثا ب13 مقعدا، و حزب الأمل رابعا ب 8 مقاعد، فيما حصل حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية على مقعد واحد في اللائحة الإضافية. هذا وتسود حاليا أجواء استثنائية حيث دخل عدد كبير من الأعيان الفائزين في تحريك أوراق الاحتمالات والتحالفات، فيما يشير عدد من المؤشرات الأولية إلى أن رئاسة مجلس المدينة لن تخرج عن سيناريوهين، فإما أنها ستكون من نصيب حزب الاستقلال أو حزب الأصالة والمعاصرة، على أن يبقى حزب العدالة والتنمية الكفة المرجحة لكلا الطرفين، خاصة وأن مستشاري حزب بنكيران تربطهم علاقات وطيدة مع حزب الأصالة والمعاصرة على عكس حزب الاستقلال. معلوم أن الحملة الانتخابية بآسفي عرفت إنزالا مكثفا لقوة المال واستغلالا كبيرا للفقراء والفئات المستضعفة، ووضعت في هذا الصدد العديد من الأحزاب شكاوى لدى النيابة العامة وولاية آسفي، دون أن يسجل أي تدخل من قبل السلطات المحلية التي التزمت برأي العديدين «الحياد السلبي».