«أنا ألعب اللوطو بفرنسا. كما أني أصلي. هل هذا حرام أم لا؟ وهل النبي (ص) حرم ذلك؟ والسلام» يقول يوسف (هكذا ورد اسمه في موقع الوزارة) في رسالة إلكترونية بالفرنسية بعثها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لمعرفة رأي الشرع في المسألة، فكان جواب وزارة أحمد التوفيق أن «اللوطو نوع من القمار، الذي هو الميسر، والميسر حرام. يقول تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون». والشأن في المصلي أن صلاته تنهاه عن كل فعل قبيح حرمه الله». بالمقابل أكد وزير الداخلية شكيب بنموسى، في جوابه عن سؤال شفوي وجهه إليه الفريق الاستقلالي بمجلس النواب في السنة الماضية حول موضوع «تنامي ظاهرة القمار بالمغرب»، بأن «هناك أنواعا من الألعاب والرهانات ينظمها القانون». هذا التضارب بين وزارتين تنتميان إلى حكومة واحدة بخصوص موضوع واحد يوازيه تضارب آخر على المستوى التشريعي، إذ في الوقت الذي يؤكد الفصل 6 من الدستور المغربي بأن الإسلام هو دين الدولة، يعاقب الفصل 609 من القانون الجنائي في مادته العاشرة بغرامة من 10 إلى 120 درهما «من أقام أو وضع في الشوارع أو الطرق أو الساحات أو الأماكن العامة بدون رخصة صحيحة ألعابَ قمار أو يانصيب أو أية ألعاب قمار أخرى». كما أن الفصل 282 من نفس القانون يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة تتراوح ما بين 200 و10.000 درهم الأشخاص الذين «يديرون محلا لألعاب القمار ويقبلون فيه الجمهور، سواء كان هذا القبول دون شرط أو بناء على تقديم المنتسبين أو السماسرة أو من لهم مصلحة في استغلال المحل...» بالنسبة إلى عبد المالك زعزاع، المحامي بهيئة الدارالبيضاء، فإن «الفصل 288 والفصل 609 من القانون الجنائي يجيزان إدارة القمار شريطة إذن السلطات المحلية، أي الترخيص لهذا النوع من المحلات، وهذا يتعارض مع كون الدولة المغربية دينها الرسمي هو الإسلام، كما ينص على ذلك الفصل 6 من دستور المملكة لأن الإسلام يحرم جميع أنواع الميسر والقمار»، موضحا أن ذلك من بين «التناقضات الموجودة في المغرب بين الهوية الإسلامية للدولة وقوانينها المخالفة للشريعة». وأشار المحامي عبد المالك زعزاع إلى أنه «بدل أن تلتزم الدولة المغربية بهويتها الشرعية فتحرم القمار والرهان والميسر تبادر إلى احتكار اليانصيب الوطني والشركة المغربية للألعاب والرياضة وشركات أخرى لها علاقة بالقمار وتذيعه على القناة الثانية المغربية على شكل حصة رسمية مثل الأخبار». محمد أمغار، المحامي بهيئة الدارالبيضاء وأستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الثاني، يفسر وجود الرهان والقمار بشكل قانوني في المغرب بأنه «مرتبط بالتجربة التاريخية لبنية الدولة المغربية، التي عاشت تجربة الحماية وما ارتبط بها من ترسانة قانونية مستمدة في غالبيتها من القانون الوضعي الغربي... وهذا ما أدى إلى الحديث عن المجتمع المركب ومتعدد أنماط الإنتاج بالمغرب، حيث حافظ مشرِّع مغرب الاستقلال على سياسة الحماية في هذا المجال، الشيء الذي أدى إلى خلق نوع من التداخل ما بين البنيات التقليدية والبنيات العصرية في مجال الاقتصاد والاستثمار خدمة لمصالح النخبة»، مضيفا أنه «على الرغم من التنصيص في دستور الدولة على أن الإسلام دين الدولة وأن الإسلام مصدر التشريع، فإن القواعد القانونية المنظمة للممارسات التي قد تبدو مخالفة للدين، ومنها دور القمار وألعاب الرهان، تستبطن في ظل التزامات المغرب الاقتصادية وفي ظل التركيبة الهجينة للاقتصاد المغربي». ويؤكد محمد أمغار أن «هذا النوع من الاستثمار في عمقه ما هو إلا نظام واسع من التسويات والمبادلات والمصالح المتبادلة، والتشريع المنظم له وضع من طرف النخبة السياسية التي سيطرت على الحياة السياسية المغربية لما قبل وبعد الاستقلال وتشكلت من جماعة قليلة ينتمي أعضاؤها إلى أصل اجتماعي متجانس ولها تكوين عصري وأسلوب سياسي ذو طابع غربي سطحي، بحيث يرتبط بالليبرالية وبكل الأسس الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية التي تقوم عليها»..