- كيف تنظرون إلى تجربة مجلس مدينة الدارالبيضاء منذ 2003 إلى الآن؟ < بحكم تجربتي السابقة في إطار النظام القديم ومقارنة بالتعاليق وكيفية تقديم نظام وحدة المدينة للمنتخبين والدعاية الإعلامية التي واكبت هذا الحلم وانتظارات المواطنين والمنتخبين، يمكن القول، من خلال تجربة الست سنوات الماضية، أننا أحسسنا بصدمة وبخيبة أمل كبرى، وبخلاصة يمكن الإقرار بأن هناك بعض التغيير مقارنة بنظام الجماعات السابقة ونظام المجموعة الحضرية من حيث إن الرؤية أصبحت موحدة، ومن حيث إن المشاريع أصبحت لا تتكرر بعدة جماعات، ولأول مرة أصبح هناك مخاطب واحد ومجلس موحد، وهذا من المؤشرات الإيجابية، لكن يمكن القول إن الميثاق الجماعي 0078 تضمن سلبيات كثيرة، لا أرجعها إلى الرئاسة لوحدها، التي ارتكبت أخطاء كثيرة ولكن أحمل المسؤولية في فشل التدبير للمكتب المسير وللذين أشرفوا على تكوينه وتشكيل الأغلبية التي لم تحترم فيها ألوان حزبية ولا تصنيفات سياسية وأصبحت هناك طرق غير قانونية وأظن بل متأكد بأن المكتب المسير الذي ساند العمدة ساجد تم تشكيله بطريقة متعمدة أفرزت مكتبا فاشلا يتكون من أشخاص ليست لديهم تجربة وأغلبهم حديثو العهد بالسياسة، وأغلبهم غادروا المجلس ولم يعد لهم وجود، وللأسف فإن الفراغ الذي تركه غياب هؤلاء استغله بعض الأشخاص داخل المكتب بشكل بشع لم يكن في مصلحة المواطن ومصلحة سكان البيضاء، بل لقضاء مصالح شخصية. - كيف تقيمون المشاريع التي تم إنجازها خلال المدة الأخيرة بمجلس المدينة؟ < هذه المشاريع لو تم إنجازها بمدينة صغيرة في حجم سلا أو المحمدية لأمكنني القول إننا نجحنا، لكن بمدينة من حجم الدارالبيضاء القلب النابض للمغرب وقاطرة اقتصادية مهمة، فإن حجم المشاريع التي أنجزت بها تبقى قليلة جدا، وحتى لا أكون عنيفا في كلامي يمكن القول إن المرحلة الأولى من عمر مجلس المدينة هي مرحلة انتقالية لأنه لا يمكن الانتقال بسهولة من وضع إلى آخر، خصوصا أن الأشخاص الذين سيروا مدينة الدارالبيضاء ارتكبوا أخطاء فادحة والدليل أن مجموعة منهم يوجدون في السجن، وبالتالي يمكن لي أن أتفهم أن الأغلبية عملت على ترميم تلك المشاكل، لكنني لا أتفهم أن يتم تخصيص ست سنوات للترميم، بل كان من المكن بذل مجهود أكثر، ودائما أحمل المسؤولية للأشخاص (نواب/أغلبية) الذين كانوا يحيطون بالعمدة. - هل أنتم راضون عن تجربة التدبير المفوض بمدينة الدارالبيضاء؟ وهل أنتم مع تجربة التسيير عن طريق تأسيس الشركات التي تدار بأموال المجلس؟ < أنا شخصيا مع نظام التدبير المفوض كمبدأ. لماذا؟ لأن التجربة أثبتت أن أطر الجماعات لم تستطع تدبير مجموعة من القطاعات الحيوية وهذا لا يمس من قيمة الأطر التي تتوفر عليها الجماعات، بل لعدة اعتبارات, فهناك عدة مشاكل ترتبط بالمساطر الإدارية، ولكن يمكن القول إن تجربة التدبير المفوض بمدينة الدارالبيضاء كانت فاشلة وأنا أرجع الفشل للأشخاص الذين ساهموا في صياغة دفتر التحملات لأن روح المواطنة لم تكن توجد لدى هؤلاء في تلك اللحظة، وأعطي مثالا بمرفق الماء والتطهير، فعندما أردنا مراجعة عقدة التدبير المفوض مع شركة «ليديك» وجدنا أنفسنا مثل العبيد في فترة الاستعمار الأمريكي، إذ وجدنا أنفسنا, كمنتخبين، مكبلين بكرات حديدية في الأرجل وأصفاد في أعناقنا وأيدينا، والناس الذين أشرفوا على «تطريز» الاتفاقية جعلوا السكان والجماعة في موقف ضعف والشركة في موقف قوة. هذا عن مشكل «ليديك»، أما مشكل أماكن وقوف السيارات فقد وجدنا أن الاتفاقية تتضمن مجموعة من الثغرات والخروقات التي تصب في مصلحة الشركة التي حازت على صفقة تدبير هذا القطاع، بحيث إن الشركة الآن تؤدي ما يناهز 60 في المائة لمدينة الدارالبيضاء في حين لا نعرف أين تذهب 40 في المائة. كما تقوم الشركة باستغلال مجموعة من الأماكن غير المنصوص عليها في الاتفاقية في غياب أي لجان للمراقبة. من الأشياء التي سأناضل من أجلها في حالة عودتي إلى المجلس هي مراجعة العقود المبرمة مع جميع الشركات، التي أصبحنا نستجديها لإنجاز الاستثمارات المقررة في دفاتر التحملات. والخلل الثاني الموجود في التدبير المفوض هو غياب لجان لمراقبة هذه العقود، كما أن الموظفين بالمجلس يعجزون عن مسايرة عمل الشركة المتطور. ومن هنا أدعو المجلس القادم إلى السهر على تكوين فريق خاص من الموظفين ومن أطر تابعة لوزارة الداخلية للسهر على تتبع هذه الاتفاقيات. - المجلس الحالي انتقل في تدبيره لشؤون المدينة من نظام التدبير المفوض إلى نظام الشركات بأموال عمومية. < هذه الشركات التي تم تأسيسها مؤخرا من طرف مجلس المدينة، بشراكة مع باقي المجالس المنتخبة وبدعم من مؤسسات أخرى عمومية، هي من أخطر ما عرفه تدبير الشأن العام في السنتين الأخيرتين والتي تم تمريرها بمدينة الدارالبيضاء. ربما مثل هذه الشركات موجودة في أوروبا بحيث يتم تنظيم بعض القطاعات كالنقل في إطار شركات كبرى، ولكن الإشكال الموجود دائما يتعلق بضمان الشفافية والنزاهة في التسيير وما هو موقع مجلس المدينة وسط الشركة، وخير دليل على ما أقول هو ما يشهده المجلس من صراعات على أشدها بين الأعضاء لضمان مقعد بالمجلس الإداري، بحيث إن مستواهم التعليمي لا يسمح لهم بتمثيل المجلس أحسن تمثيل بالنظر إلى مستواهم التعليمي المتوسط، الذي لا يسمح لهم بتتبع مشاريع من مثل مشروع «الترامواي» أو مشاريع تهيئة المدينة. - كيف تنظرون إلى المجلس الجماعي القادم من خلال اللوائح التي قدمتها أحزاب المعارضة؟ < بصراحة أنا لست متفائلا ولدي تخوف كبير من تشكيلة المجلس القادمة. ما ألاحظه هو أن بعض وكلاء اللوائح في بعض الأحزاب لا علاقة لهم بالسياسة، فبالأحرى تسيير دواليب الشأن العام المحلي. ناس أميون وذوو سوابق خطيرة، ورغم ذلك تمت تزكيتهم من طرف بعض الأحزاب. هناك بعض المرشحين من حصل على 10 تزكيات طيلة فترة إيداع الترشيحات ولم يستقر على تزكية حزب معين إلا في اليوم الأخير من إيداع الترشيحات، والمشكل الآخر هو أن بعض الأحزاب وجدت صعوبة كبيرة في إتمام لوائحها وهناك من بحث عن الشباب وسط الملاعب لإتمام لائحته، وهذا يدل أن هناك إفلاسا في هذا الجانب، وهنا أحمل المسؤولية للأحزاب السياسية التي تغلق مقراتها مدة سنوات حتى تأتي الانتخابات، وهناك استثناءات طفيفة لبعض الأحزاب، أما الأغلبية الساحقة فتفتقر إلى تأطير أعضائها وشبيبتها.