سيدي الرئيس خلال 29 ساعة من الاعتقال في مخفر بوليس الاحتلال الإسباني بسبتة، تم تغيير التهمة الموجهة لزميلنا جمال وهبي ثلاث مرات. هكذا اتهموه أولا بالسرقة مع استعمال العنف في «مالقا»، مع أن كل من يعرف جمال وهبي يجمعون على استحالة لجوئه للعنف حتى في حالة الدفاع عن نفسه فبالأحرى استعمال هذا العنف بغاية السرقة. ساعات بعد هذا الاتهام ستعود سلطات الاحتلال إلى استبدال هذه التهمة بتهمة جديدة هي خرق قوانين الهجرة. مع أن جمال وهبي يحصل بانتظام ومنذ خمس سنوات على تأشيرة «شينغن» صالحة لمدة سنة. وعندما لم تنفع التهمتان عادوا مرة ثالثة ولفقوا له تهمة التحرش بفتاة إسبانية عبر الهاتف، وأخرجوا شكاية تعود إلى سنة 2006، مع أن الشرطة المغربية في مارتيل تحتفظ في أرشيفها بنسخة من شكاية تتعلق بسرقة هاتف جمال وهبي وضعها سنة 2005، ويحتفظ هذا الأخير بنسخة مترجمة إلى الإسبانية ومصادق عليها. وفي الأخير، بعدما تم حشر الصحافي المغربي الذي يشتغل في أكبر يومية مغربية داخل زنزانة قذرة تملؤها الصراصير والحشرات والقاذورات إلى جانب المهربين والمجرمين والمهاجرين السريين، بعدما تم حرمانه من الأكل والنوم والاتصال بعائلته وزملائه، يتم إطلاق سراحه وكأن لاشيء وقع. ليست هذه هي المرة الأولى التي تتعامل فيها سلطات الاحتلال بسبتة بطريقة مهينة وخسيسة مع صحافيين مغاربة، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة. لكن أن يصل الأمر إلى حد الاعتقال التعسفي في الأماكن القذرة والتجويع وتلفيق التهم الخطيرة من أجل تشويه السمعة، فإن الأمر يتطلب فتح تحقيق من الجانب المغربي لمعرفة الجهاز أو الأجهزة التي تنسج خيوط هذه المؤامرة ضد صحافي ينتمي إلى جريدة لم تتردد يوما في ضم صوتها للأصوات الحرة المطالبة بإعادة المدينتين المحتلتين إلى السيادة المغربية. إن ما يقوم به جمال وهبي في تطوان ومارتيل وسبتة المحتلة من تغطية إخبارية يومية للتجاوزات والكوارث والجرائم التي تحدث هناك، فضلا عن فضحه للمافيات بكل أنواعها، يجعله في عين الإعصار يوميا. وقد تحمل في سبيل هذه المهمة حملات التشويه والتشهير التي قامت بها ضده جهات إسبانية بتواطؤ مفضوح من جهات مغربية يعرف الجميع طبيعة العلاقة التي تجمع بينهما. إن ما وقع لزميلنا جمال وهبي يطرح على حكومة الرئيس «ساباطيرو» أسئلة ملحة، خصوصا حول طبيعة العلاقة التي يريد بعض الموظفين في قنصلية تطوان فرض شروطها على النسيج الصحافي بالمدينة. وعلى وزير الخارجية الإسبانية أن يفهم أننا صحافيون ونريد أن نبقى صحافيين، وليس لدينا أي استعداد لكي نتحول إلى «مساعدين» لبعض موظفيه. كما أن ما وقع لزميلنا يعتبر مخجلا لوجه إسبانيا، الدولة الديمقراطية التي تتباهى بانتمائها للاتحاد الأوربي، معقل الدفاع عن حقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في الاعتقال داخل شروط إنسانية تضمن الحد الأدنى لكرامة الإنسان. وإذا كان البوليس الإسباني يتعامل بهذه الطريقة المهينة مع صحافي مهني يتوفر على تأشيرة سفر قانونية، فيمكننا أن نتخيل كيف سيتعامل هذا البوليس مع المهاجرين السريين الذين لا يتوفرون على أية وثيقة. لذلك فليس مستغربا أن تصدر تقارير دولية تتحدث عن المعاملة الخالية من الإنسانية التي يتعامل بها بوليس الاحتلال مع المهاجرين والمغاربة الذين يدخلون مدينتهم المحتلة كل يوم. إنه ليس من دواعي الفخر بالنسبة لإسبانيا الديمقراطية أن تضاف إلى لائحة ضحايا بوليسها أسماء الصحافيين أيضا.