عندما قام رجال حزب الله باختطاف جنديين صهيونيين في يوليوز 2006، خرج بعض العقلاء العرب ليقولإن هذه مغامرة غير محسوبة. وعندما رمى الصحافي العراقي الشهير منتظر الزيدي حذائه نحو جورج بوش، خرج العقلاء مرة أخرى ليقولوا لقد خرج هذا الصحافي عن أصول المهنة كان عليه أن يحرج الرئيس بالأسئلة وليس بالحذاء. وعندما قامت طائرات العدو الصهيوني بقصف غزة بالفسفور الأبيض وقتل أطفال غزة وشيوخها ونسائها، خرجت أصوات العقلاء لتنتقد صواريخ حماس والمقاومة لأنها تقوم بأعمال طائشة، مع العلم أن أي حركة وأي تنظيم، سواء كان إسلاميا أو يساريا أو قوميا أو ديمقراطيا لن يظل صامتا على حصاره لسنتين وأكثر. جميع الكوارث التي حلت بالأمة هي بسبب عقلائها. لا هم يحاربون ولا يتركون الآخرين يحاربون، لا هم يحتجون ولا يتركون الآخرين يحتجون. هؤلاء العقلاء لسان حالهم يقول، من حق الصهاينة والأمريكيين أن يقتلوا ويذبحوا كيف ما أرادوا لكن يجب على الضحايا أن يكونوا عاقلين، وألا يكونوا عنتريين كما يصفونهم. الضحية يجب أن يتحلى بالأدب أمام قاتله. أما قاتله فعندما يضع السكين على رقبة الضحية عليه أن يتعقل وأن لا يحرك رأسه كي لا يزعج القتيل قاتله. اليوم وبعد فاجعة غزة استقبلت مصر والأردن عرَّابا عملية السلام في المنطقة، رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو، زعيم أكبر حركة يمينية متطرفة في شرم الشيخ والعقبة. استقبل على السجاد الأحمر علانية، لأن الواقعية والتعقل يتطلبان ذلك. أما الرئيس الفلسطيني عراب العقلاء وعميدهم فيقول إن الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية على المغتصبين عبثية ولعب أطفال. هو لا يريد صواريخ أكثر قوة ونجاعة لأنه لا يريد مقاومة حتى بالحجارة. هو يعتبر المقاومة رجسا من عمل الشيطان فاقتلعوه. جميع انتصارات الصهاينة كانت بسبب العرب أنفسهم وعقلائهم. ولو توفر قليل من الجدية والإرادة لتحولت ما يسمى بإسرائيل إلى مجرد خرافة وأساطير من الماضي.