يطرح كتاب «فكر على ورق» رهانات جديدة لأفق مغاير لفهم العلاقات وينتقد الخطابات الأيديولوجية واللاهوت السياسي ويطرح رؤية التنوعات الثقافية، عبر مستويات الواقع المتعددة في إطار مفهوم وحدة الوجود. الكتاب يقع في خمسة فصول مُهَّد لها ب«إضاءة أولى» شملت الأهداف المرجوة منه حيث تقول مؤلفته مروة كريدية: «لا أروم من هذا الكتيّب طَرح فلسفة جديدة ولست بصدد معالجة آراء النقاد تأكيدًا أو نفيًا، فلا أدَّعي امتلاك الحقائق المطلقة، كما أنِّني لا أؤمن بمنهج قدري أعتقد بقدسيته وأسعى إلى التبشير به، فكل ما يرسمه قلمي من حروف وكلمات ومعان يعبِّر عن وجهة نظرٍ، قد تكون مميزة في بحر واسع من الآراء وغابات كثيفة من الأفكار». الفصل الأول جاء بعنوان النقد وإستراتيجية التفكيك، حيث تمّ تناول عناوين ثلاثة، انطلاقا من مأزق النقد المعمول به حاليًّا لكونه لا يخرج عن الإطارات التيارية المشحونة بالخلفيات والمواقف المسبقة التي تستجلب نمطًا جدليًّا عقيمًا، لتشير المؤلفة إلى أن الفكر عندما يكون إيقاعا وجوديا فإن النقد لا يكون عندها متراسًا وبالتالي لا تُقابَل فيه الحقائق بالحقائق بل يكون خروجًا عن الذات للكشف عن اللا مفكَّر فيه في فكرنا. وتؤكد أن حرية الفكر ليست حلاّ توفيقيًّا أو توليفا كما الأطروحات «الترقيعية»، بل تقتضي الحرية التحرر حتى من توصيفات الحرية نفسها، لتصل إلى أن النقد هو نَقد للنَقد وتفكيك له أيضًا. الفصل الثاني، ينتقد واقع الفكر العربي وقد جاء بعنوان: «الواقع العربي بين الذات الحضارية المنفعلة والطروحات الفكرية العاجزة»، حيث تعرض الكاتبة «للإرث الفكري المرّ والإيديولوجيا المستعادة» للعرب الذين يحملون إرثهم الحضاري المشحون بالجراح ويتمسكون به، مما أدى بهم إلى نتاج فكري «انفعالي بائس» سببه تمسكهم بحقائق السماء وخزائن الأرض مما أعادهم إلى مرحلة ما قبل البداوة... وتعود فتتساءل عن ماهية جغرافيا الفكر العربي وما هو مستقبله في ضوء السياق العالمي في وقت انفتحت فيه الدول شكلا، فيما انغمست الشعوب ببناء سياج هوية عال يكرس حالة الانفعالية ولا ينتج إلا نفايات المنطق. أما الفصل الثالث فيتناول إشكالية بالغة الأهمية يسأل من خلالها عن «الفكر السياسي: أهو صراع حتميات أم تكامل وجودي؟» ليناقش ذلك من خلال محاور ثلاثة ويخترق «حدود الفكر السياسي المعاصر ويفكك الطروحات «الملفقة»، ويبين للقارئ أنه يكرس العنف والأنوية المتعالية، ثم تقوم الكاتبة بطرح مقاربة جديدة لدخول عالم السياسة من باب الجمال عبر مقاربة فكر سياسي «وجودي «يحترم الإنسان وحقوقه الضرورية الفطرية، من خلال دولة علمانية في مجتمع مدني «إيجابي »أو منسجم مع القيم الوجودية، يكون السياسي فيها «نخبة الصالح» يدير الحقوق المدنية ويعمل لإحلال «العدالة»، مستندًا على سياسة تنبذ العنف بالكامل.