توقع دومينيك ستروسكان، مدير صندوق النقد الدولي الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية في النصف الأول من السنة القادمة، غير أنه ربط ذلك بتطهير النظام المالي وتفادي المشاكل في الاقتصاديات الصاعدة. واعتبر ستروسكان، خلال ندوة دولية عقدها بنك المغرب بمراكش بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسه، حول دور البنوك المركزية وصندوق النقد الدولي في رصد الأزمات المالية وتدبيرها: دروس التجرية الأخيرة، أن الخروج من الأزمة لن يكون بدون تكلفة، بالنظر إلى ثقل المديونية والعجز الذي يطال الميزانيات جراء الدعم. وشدد ستروسكان، على أن عودة النمو الاقتصادي في العالم لا يعني نهاية تداعيات الأزمة التي يفترض الاستمرار في التصدي لها، معبرا عن تخوفه من الخروج غير المنظم وغير المنسق من الأزمة وانفراد الدول بالبحث عن الحلول. ودعا إلى ضرورة المعالجة الشمولية للأزمة، في إطار التنسيق والتعاون الدولي، محذرا من الحمائية التي بدأت تأخذ أشكالا حديثة، أبرزها وقف التمويلات الخارجية الشيء الذي يهدد البلدان النامية. وأشار إلى أن صندوق النقد الدولي بلور آلية مرنة من أجل توفير التمويلات لخمسة عشرة بلدا، في نفس الوقت الذي تم رصد ستة ملايير دولار من أجل دعم البلدان الأكثر فقرا. وتطرق ستروسكان للدروس التي تم استخلاصها من الأزمة الحالية، والتي كان أهمها ضرورة الحرص على أن تشمل المراقبة جميع البلدان المنخرطة في الصندوق، حيث قال في معرض حديثه عن فشل الصندوق في توقع الأزمة « كنا نركز اهتمامنا على مراقبة الدول الصاعدة، فإذا بالأزمة تندلع من قلب النظام، لذلك أصبحنا نرى أن مراقبة الدول المتقدمة أهم من مراقبة الدول النامية». ومن جانبه، قال جون كلود تريشي، رئيس البنك المركزي الأوربي، متحدثا عن الأزمة التي تخترق الاقتصاديات العالمية منذ فترة، إنه يجب التحلي بالحذر، لأن الوضعية مازالت صعبة. وأشار تريشي إلى أنه يجب تسريع تنفيذ القرارات التي اتخذتها الحكومات من أجل مساعدة القطاع المالي، في إشارة إلى بطء عملية إعادة الرسملة الجارية في منطقة الأورو. وشدد على ضرورة تدعيم مراقبة السياسات الماكرو اقتصادية للبلدان والاقتصاديات التي لها أهمية نسقية، ملحا على دور صندوق النقد الدولي في تتبع الحكامة في هذا المجال. وأكد على أن المجموعة الدولية، تعبأت من أجل استخلاص الدروس، حيث تم الاتفاق على التوجهات الكبرى، المتمثلة في محاربة هاجس المدى القصير وفرض الشفافية، ملحا على دور البنوك المركزية في تأمين الاستقرار النقدي والمالي على المدى الطويل. واستعرض تريشي الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي منذ اندلاع الأزمة والتي رامت مساعدة القطاع المالي والاقتصاد الأوربيين، والتي تمثلت أساسا في خفض سعر الفائدة، بما يضمن استقرار الأسعار، وهو الأمر الذي تأتى مع انخفاض سعر البترول والمواد الأولية في السوق الدولية. زيادة على ذلك سعت إلى توفير سيولة إضافية للبنوك في نفس الوقت الذي حل البنك المركزي الأوربي محل السوق في ما يتصل بتوزيع السيولة. واعتبر عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن مؤشرات إيجابية بدأت تظهر في السنة الجارية، وإن بدت هشة ومتفرقة، غير أنه يلح على ضرورة التحلي بالحذر من أجل ضمان الخروج من الأزمة في أقرب الآجال، وهو الخروج الذي يستدعي في نظره العديد من التساؤلات حول آفاقه. وأشار إلى أن الخروج من الأزمة يطرح مسؤوليات جسيمة على صندوق النقد الدولي، الذي ظهرت الحاجة الملحة إليه خلال الظرفية الحالية، خاصة في ما يتصل بالحكامة الجيدة والمراقبة التي يفترض أن تشمل جميع البلدان، مشيرا إلى أن البنوك المركزية يجب أن تنصت إلى نبض السوق وتتخذ القرارات التي تراها مناسبة وإن لم ترق للمعنيين بها.