إذا كان اقتفاء أثر الشخص من قبل المحقق الخاص أو «Filature» بالفرنسية مباحا ومرخصا به في فرنسا منذ مدة طويلة وتأخذه المحاكم الفرنسية بعين الاعتبار، فإن المشرع المغربي لم يتدخل بعد من أجل تنظيم مهنة المحقق الخاص، وبالتالي فإن اقتفاء الأثر يعد عملا غير شرعي لأنه يتدخل في أمور حميمية للأفراد التي يحميها القانون. ذات يوم اكتشفت إحدى النساء بمنطقة بروتان الفرنسية أن محققا يراقبها ويتتبع خطواتها، فقام بإخطار الشرطة، التي ألقت القبض عليه فقامت النيابة العامة بفرنسا بمتابعته، لكن فيما بعد تم إطلاق سراحه في الاستئناف وعللت المحكمة قرارها بأن المحقق الخاص لم يمارس إلا مهنته وعمله. وخلال التصويت على القانون الصادر يوم 18 مارس 2003، قام المشرع الفرنسي بإعطاء تعريف لهذه المهنة التي تخول للمحققين الخاصين الحق في عدم تقديم أنفسهم كمحققين، كما أن تقرير لجنة القوانين بالجمعية الوطنية الفرنسية أوضح بشكل لا لبس فيه أن: «هذا القانون يحدد أنشطة البحث والتحقيق الخاصة والمعروفة بأنها تلك التحقيقات التي تجرى من قبل المحقق الخاص بدون أن يقدم نفسه وبدون أن يكشف عن موضوع مهمته، من أجل جمع معطيات ومعلومات عن شخص لفائدة شخص آخر يريد الدفاع عن مصالحه الخاصة. ويمكن أن يتعلق الأمر باقتفاء الأثر في إطار خلاف بين الزوجين». في المغرب، برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة المحققين الخاصين الذين يحققون بطلب من شخص ذاتي أو معنوي في بعض القضايا والملفات. ومن بين الملفات التي يحققون فيها يوجد التحقيق في قضايا الخيانة الزوجية وغيرها، كأن يرسل رجل محققا لتتبع خطوات زوجته أو تكلف زوجة محققا من أجل معرفة العلاقات الخاصة التي يقيمها زوجها، أو أن يتعاقد أب مع محقق من أجل مراقبة أبنائه مخافة أن ينزلقوا إلى مهاوي الرذيلة والفساد. بالنسبة إلى المحامي عبد المالك زعزاع، عضو هيئة المحامين بالدار البيضاء، فإنه لا يوجد بالمغرب إطار قانوني يؤطر مهنة المحققين الخاصين، كما هو الحال في بعض الدول الغربية. ويرى عبد المالك زعزاع أن ظهور أشخاص يقومون بهذا النوع من التحقيق عمل لا يجد له سندا في التشريع المغربي مثل العديد من القطاعات غير المهيكلة كالحراسة الخاصة وغيرها، وأن المشرع قد لا يتدخل حاليا لتنظيم هذا النوع من المهن. ويضيف قائلا: «ومادام هذا النوع من المهن غير مستند على أي أساس تشريعي قانوني، فقد يعرض أصحابه إلى ملاحقات ومضايقات لما يقومون به من أعمال يرى من يتبعونهم أو يحققون بشأنهم أنها أعمال غير مشروعة قد تجرهم إلى ردهات المحاكم، فقد تفتعل إحدى النساء مع شخص يتبعها من أجل التحقيق بشأن الخيانة الزوجية نزاعا يؤدي به إلى ما لا تحمد عقباه». ويعتقد عبد المالك زعزاع أن هذا النوع من التحقيق الذي يجريه المحققون الخاصون قد يتعارض مع مهام مؤطرة قانونا مثل مهام الضابطة القضائية ودور النيابة العامة وقضاة التحقيق الذين أوكل لهم المشروع وحدهم التحقيق في الجرائم المرتكبة لا غيرهم. ويرى نفس المحامي أن اقتفاء المحقق لأثر شخص من الأشخاص والتدخل في خصوصياته يعد عملا غير مشروع يجرمه القانون. وقال بهذا الصدد: «نعم يحق للطرف الملاحق أو المتبوع من طرف محقق خاص أن يعتبر ذلك الشخص فضوليا يتدخل فيما لا يعنيه، خاصة أن عمله غير مؤطر قانونا، سيما إذا قام بأفعال يرى الطرف المتبوع أو المحقق بشأنه أنها أمور حميمية مثل الاطلاع على رسائله في البريد الإلكتروني أو في هاتفه المحمول أو أخذ صور له في وضع مخل بالآداب».