رسبت جامعة كرة القدم في أول اختبار، ولو أنه يتعلق فقط بامتحان تجريبي، فقد تبين من أول اجتماع أن فريق عمل علي الفاسي الفهري يعاني من تفكك في الخطوط، وضعف في التواصل. في أول اجتماع للمكتب الجامعي كان الأعضاء يتأبطون ملفات تحمل بين دفتيها التقريرين الأدبي والمالي لولاية الجنرال حسني بنسليمان، قيل إنها سلمت للمسؤولين الجدد والقدامى على سبيل الاستئناس، دون أن يفهموا سر تأبط وثائق انتهت صلاحيتها. قال زميل صحفي في بهو مقر الجامعة وهو يحاول أن يطفئ شرارة التخوف المرسومة في عيوننا، إن الفهري وعد بتبني سياسة الانفتاح على المحيط الإعلامي وقطع الصلة مع التعتيم والتضييق على عمل رجال الإعلام، ابتلعنا التطمينات كما يبتلع مريض أقراص إسبرين، لكن تبين أن أبناء عبد الواحد واحد، وأن الصحافة ستظل الغريم التقليدي للمسؤولين على الكرة، بعد أن أغلق أغلب الأعضاء على ألسنتهم داخل الثغور وأحالوا رجال مهنة المتاعب على موقع الجامعة على شبكة الأنترنيت، من أجل الاطلاع على بلاغ كتب بلغة الخشب. في مقر الجامعة كان كريم العالم يوزع التصريحات على من تبقى من الصحافيين، وفي لحظة انتشاء استعاد العضو، الذي يعاني من ضعف في التنافسية بسبب غيابه الطويل عن دائرة القرار، شهية الكلام ورسم خارطة الطريق بالإسمنت المسلح. وفي الشارع المتفرع عاش الحاضرون أطوار مباراة بين عضو جامعي، لم يتخلص بعد من شارة العضوية الجاثمة على صدره، وحارس سيارات على صدره «بادج» نحاسي بسبب رفض العضو الفيدرالي أداء واجب الحراسة، وهو مشهد يؤكد رهان المكتب الجامعي الجديد على التقشف. أما أحد الأعضاء الجدد فقد استغل الفرصة لتوزيع الإتاوات بسخاء نادر، في مشهد يصعب فهمه. يمكن أن نقبل لغة البلاغات الصماء، ونبتلع صراع الأوزان عير المتكافئة بين الحارس والعضو، ونشفع لبعض الوافدين الجدد فائض السخاء، لكن ما لا يمكن السكوت عنه، هو إلغاء مشاركة المنتخب الأولمبي في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط ، بجرة قلم. تعددت الروايات حول أسباب القرار الغادر، الذي أجهض أحلام لاعبين شباب كانوا يستعدون للالتحاق بمعسكر إعدادي في المعمورة، البعض يقول إن التقرير الذي قدمه روجي لومير حول المشاركة المغربية في بيسكارا قد كتب بحبر غارق في التشاؤم، مما جعل المقربين من الرئيس يهمسون في أذنه ويدعونه إلى التخلص من جثة فريق. لكن بعض المقربين من جامعة الكرة يتحدثون عن رواية أخرى، تؤكد أن غضبة الرئيس ليست وليدة تقرير لومير بل لشد الحبل القائم بين علي ولومير. أما السيناريو الثالث، وهو الأقرب إلى الصواب، فيعتبر اعتذار المغرب عن الحضور فرصة لإبعاد شبح الإخفاق من طريق الفهري ومن معه، لأنه إذا انهزم منتخب الكبار لا قدر الله في ياوندي، فستمسح الخسارة في جامعة بنسليمان، وإذا انتصر فتحسب على جامعة الفهري، أما إذا تبهدل المنتخب الأولمبي في إيطاليا فستكون أول خيبة في صحيفة سوابق المكتب الجامعي الجديد. اختارت الجامعة الصمت، ولم تصدر أي بيان ولو على سبيل الاعتذار للاعبين ناشئين أعدوا أنفسهم للسفر، واعتبروا ألعاب البحر الأبيض المتوسط فرصة للتألق وراء البحار، قبل أن يصدموا بمن يقول لهم عودوا إلى بيوتكم سالمين، أو اشربوا البحر إن كنت غاضبين.