أمسك بالورقة العذراء! هي ليست عذراء إلى هذا الحد. لقد دنسوها بشعاراتهم الحزبية الغريبة. رموز ورموز.. زخارف وقصص مصورة وحكايات وطنية. رمز (القادوس): حزبكم المفضل.. (بلومبي) و(جعبة) لكل مواطن. ادخل الحيز الضيق وحدك.. املأ الورقة سبابا، وأرسلها هدية مضمونة إلى النظام السياسي الحزبي. يتساءلون : لماذا يعزف الشباب عن الانتخابات؟ ربما لأنهم لم يجدوا قيثارة يعزفون عليها، فقرروا أن يعزفوا لحن الاستياء والثورة. السؤال الأجدى هو لماذا تعزف قنواتنا عن واقعنا؟ لماذا نقرأ أنهارا من الحبر فوق هكتارات من أوراق الصحف الصفراء والبيضاء والسوداء؟ انتخابات.. انتخابات.. صراعات وانتخابات.. في المقابل لا نرى شيئا على شاشاتنا.. أولئك الذين اخترعوا التلفاز وقنواته يؤخرون البث المباشر دقيقة أو دقيقتين، في حين تؤخر قنواتنا البث سنة أو سنتين. البث عندنا لا يزال في سنة 2008 يا سادة. رمز (الخراز): حدد أفضل خياطة ممكنة لفمك الكبير، وانضم إلينا! امسك بالورقة المدنسة وأضف رمزا جديدا.. فليكن رمز الهواء.. اترك المساحة فارغة واخترع لها حزبا! لن تغير من الأمر الشيء الكثير. هم أكثر من ثلاثين على أي حال.. أم الأحزاب عندنا ولود، ولا تمارس تنظيم الأسرة كما يجب.. أم الأحزاب عندنا أرنبة تخضع لرغبات الجمهور: ما يطلبه المشاهدون.. أم الأحزاب عندنا تلدهم بنفس شهادة الازدياد: برنامج حزبي متطابق.. يبدو أنهم جميعا قد دفعوا لنفس المؤلف أجر نفس الرواية. رمز الحمار: ركب أذنين كبيرتين، وعش حياتك! تسكع في الطرقات، وراقب المنصات والعربات! اصرخ بالهتافات واحفل بالولائم و(الزردات). احضر جميع المهرجانات وجميع الخطب وجميع اللقاءات! أدخل يدك في جيبك، وعد الأموال حسب الرموز! من قال إن ثمن البصل قد ارتفع؟ افتح مزادا غير علني! خذ العروض كلها من دون استثناء، وجهز صوتك للتسليم! ادخل قاعة الانتظار! تجاوز اللجنة واغمز بعين الخيال لكل ممثل حزب على حدة.. سيبتسم كل واحد منهم بداخله فرحا: هذا رجلنا! هذا صوتنا! ادخل الحيز الضيق! أغمض عينيك! وضع أصبعا فوق الورقة.. مبروك! (جا لك) ولد.. لقد اختار القدر مصيرك! صوت تسوّط! (بفتح الواو وتشديدها).