فجر قضاة المملكة غضبتهم في وجه محامي هيئة الدارالبيضاء في سابقة هي الأولى من نوعها، بسبب ما اعتبروه مسا بكرامتهم. غضبة القضاة التي جاءت على خلفية وقفة احتجاجية نظمها المحامون مؤخرا ضد قاضي التحقيق جمال سرحان تم التعبير عنها عن طريق جمع توقيعات وعرائض تدعو إلى حمل الشارة والاستعداد لتنظيم وقفة مضادة. وأكد مصطفى فارس، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، أنه بذل مجهودات كبيرة لإقناع القضاة الغاضبين بالعدول عن تنظيم وقفة احتجاجية ضد ما اعتبروه إهانة لهم بسبب الوقفة التي نظمها محامو الدارالبيضاء يوم 19 ماي الجاري بالقطب الجنحي بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء ضد قاضي التحقيق جمال سرحان. وأوضح فارس، في تصريح ل«المساء»، أن السلوكات التي صدرت عن بعض المحامين خلال تلك الوقفة خلفت غضبا وغليانا كبيرا في صفوف القضاة، حدت بهم إلى جمع توقيعات وعرائض من أجل حمل الشارة والاستعداد لتنظيم وقفة احتجاجية ترد على تلك الإهانة، «لكننا -يضيف فارس- اتصلنا بهم من أجل حثهم على الترفع عن هذه الأشياء». وكشف فارس أن الدافع إلى تنظيم وقفة المحامين كان خلافا شخصيا بين أحد المحامين وقاضي التحقيق، وهو الخلاف الذي كان يجب حله عن طريق اللجوء إلى المجلس الأعلى للقضاء أو عن طريق الاتصال بالودادية الحسنية للقضاة، لكن عوض أن يعتمد المحامون هذه المساطر التجؤوا –يضيف فارس- إلى حمل مكبر الصوت وترديد كلام ساقط، بل إن أحد المحامين عمد إلى طرق باب القاضي وهدده قائلا: «اخرج إلكنتي راجل». وأكد فارس أنه رغم كل هذه التطورات، فقد تم تطويق المشكل، حيث طلب من القضاة أن يباشروا عملهم، كما سيتم الاتصال بجمعية هيئات المحامين بالمغرب لحصر هذا الخلاف. وبالنسبة إلى عبد السلام البقيوي، الرئيس الجديد لجمعية هيئات المحامين، فإن من حق قضاة المملكة أن يدافعوا عن أنفسهم وعن كرامتهم. وفي تصريح ل«المساء»، أشار البقيوي إلى أنهم، كمحامين، كانوا دائما يدافعون عن كرامة القاضي لأن «كرامته من كرامة المحامين وإهانته تعد إهانة لنا. وقد دافعنا عن القضاة في مراحل حرجة عندما تعرضوا في فترة معينة للإهانات والاعتقالات». وبخصوص الوقفة التي نظمها المحامون احتجاجا على قاضي التحقيق جمال سرحان، أوضح رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب أن تلك الوقفة دعت إليها هيئة المحامين بالبيضاء. وعبر البقيوي عن أسفه على ما وقع خلال تلك الوقفة، مشيرا إلى أنه لم يكن حاضرا فيها وأن تعيينه على رأس هيئات المحامين كان يوم 23 ماي الجاري، أي بعد تنظيم تلك الوقفة، مبرزا في السياق ذاته أنه سيعمل جاهدا على تطويق هذا الحادث الذي عده حادثا عابرا لا يفسد العلاقة المتينة التي تربط المحامين بالقضاة، وأنه «لا يتصور أن ينشأ قضاء في المغرب بدون محامين ولا أن تقوم مهنة المحامين بدون قضاة». وأكد رئيس جمعية المحامين أن قدرهم هو التعاون لما تمليه مصلحة العدالة وأن هيئات المحامين ليست جزءا من أسرة القضاء كما أن المحامين ليسوا مساعدين بل هم شركاء. وحول التدابير التي سيتم اتخاذها لتطويق هذا المشكل، كشف البقيوي أنه سيتم الاتصال بالودادية الحسنية للقضاة باعتبارها تمثل جهازا قضائيا له وزنه من أجل تطوير العمل ووضع برنامج عمل من أجل الانخراط سويا في ورش إصلاح القضاء.