سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كريستين: كان على أبراهام أن يشترط حصولي على الجنسية المغربية قبل القبول بالعودة إلى المغرب الصحافة في المغرب هي التي أزاحت الخطوط الحمراء وليس الأحزاب السياسية
عُرفت بنضالها من أجل حقوق الإنسان، وارتبط اسمها في المغرب بنضالها من أجل الكشف عن مصير معتقلي تازمامارت الرهيب. عاندت السلطات المغربية في عز بطشها، ووهبت جزءا كبيرا من حياتها للنضال من أجل حرية التعبير بعد أن ارتبط مصيرها بمصير أبراهام السرفاتي والرفاق، وتوجت مجهوداتها بنشر كتاب «صديقنا الملك»، لجيل بيرو، الذي هيأت مادته الخام والذي أحرج نظام الحسن الثاني، فكانت بداية العد العكسي للإفراج عن سجناء تازمامارت. هي كريستين دور السرفاتي، التي وإن كانت بلغت اليوم عقدها الثامن، فهي ما تزال تحافظ على بديهة وذكاء كبيرين، وما يزال حبها للمغرب وشعورها بالانتماء إلى هموم الناس ومعاناتهم لم ينضبا. عاشت حياة صاخبة، لم ترتكن فيها أبدا، للجمود. ناضلت، شاكست، تضامنت وكتبت. سنوات العمر تقدمت بها، إلا أنها تأبى الخضوع لجبروت العمر كما رفضت دائما جبروت البشر. كريستين، التي تعيش اليوم بمراكش مع زوجها أبراهام السرفاتي، تتحدث ل«المساء» بقلب مفتوح. - هل من مقارنة شخصية بين عهد الملك الحسن الثاني وعهد الملك محمد السادس؟ < أكيد أن هنالك تغييرا حقيقيا، وإلا ما كانوا ليسمحوا لي بالإقامة الآن بالمغرب. كيف لي أن أقول العكس. الناس يمكنهم أن يدخلوا إلى المغرب متى شاؤوا، ويمكنهم أن يقرؤوا ما يريدونه من الصحف، والصحف تقول ما تريده، بل إن الصحافة في المغرب هي التي أزاحت الخطوط الحمراء وليس الأحزاب السياسية. فعلى مستوى حرية التعبير، هنالك تغيير حقيقي، وكبير، لم يعد البوليس يطارد الناس كما كان يفعل في السابق. لكن الأمور التي لم تتغير بشكل كبير هي الأمور الاقتصادية، فمازال هنالك بؤس في المغرب. أكثر من هذا، هنالك هوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء. الطبقة الوسطى مازالت لم ترق إلى المستوى المطلوب ولاسيما أنها هي التي تتحمل عبء تكريس الديمقراطية. - وأي مقارنة بين شخص الملك الحسن الثاني والملك محمد السادس؟ < أرى أن الملك محمد السادس يمتاز بقلب حساس جدا، هو رجل كتوم. وهو ما جعله يخلق حوله أسرة أخرى، أفرادها من رفاق الدراسة. شخصيا، أهنئه على هذا الأمر الذي أجده شيئا رائعا. وما يؤكد ذلك هو العلاقة الموجودة بينه وبينهم، فمهما حصل بينهم من خلاف تجدهم، في نهاية المطاف، قريبين من بعضهم البعض. صحيح أن هنالك بعض المآخذ على مستويات أخرى، إلا أنه يجب الاعتراف بأن 40 سنة من الحكم الديكتاتوري ليس من السهل تجاوزها. أعني أن الأشخاص الذين اعتادوا أن يكونوا ضمن الحاشية لن يتخلوا عن امتيازاتهم بسهولة، سواء في السياسة أو في الأمن... إلخ. وهنا أضيف أنني أخالف بعض المناضلين السياسيين الذين مازالوا لم يتخلوا عن أفكارهم الأولى. مازالوا يرون الأشياء من منظور الجمود لا من منظور التجدد والتغيير. يقولون إن كل ما يأتي به المخزن سيىء، أنا لا أقول هذا. هنالك أشياء جيدة ومهمة قام بها الملك، بينما بعض مناضلي الأمس لا يعترفون بذلك. - لنتحدث عن بعض هؤلاء المناضلين السياسيين الذين تكيفوا مع الوضع الجديد.. الراحل بنزكري، مثلا... < أحببت هذا الرجل دائما. وقد عرفته مبكرا قبل أن يعرفه الكثيرون. كان ذلك أيام النضال السري للرفاق. لم أعد أذكر المناسبات التي جمعتني به، لكنني أذكر أنني اتصلت به، ربما، لتسليمه شيئا ما بتوصية من الرفاق، والتقيته كذلك في السجن خلال زياراتي لأبراهام. أعرف أيضا زوجته السابقة ربيعة وخديجة الرويسي. كما أنني حضرت إحدى جلسات الاستماع الأولى في إطار منتدى الحقيقة والإنصاف. لكن هذا لا يعني أن الجميع ظلوا أوفياء لمبادئهم الأولى. الآن، لم أعد أتتبع كل ما يجري على هذا المستوى، كما أنني لا أنتمي إلى أي جمعية هنا مخافة أن يقولوا إنني لست مغربية. أنا أعرف أنني لست مغربية، لكن لا داعي إلى أن يقولوا لي ذلك. - ألا ترغبين في الحصول على الجنسية المغربية؟ < بالطبع، نعم. لكنهم دائما يشترطون شروطا لم أستطع الالتزام بها، مثل الإقامة في المغرب لمدة معينة بدون انقطاع. وقد كانت لي حكايات في هذه القضية مع إدريس البصري. لكني أتمنى أن يمنحوني الجنسية المغربية يوما ما من باب الهدية. في هذا الموضوع بالذات أؤاخذ أبراهام على شيء، وهو أنه عندما سُمح له بالدخول إلى المغرب، كان عليه أن يشترط منحي الجنسية المغربية. - أعتقد أن أبراهام السرفاتي ليس الشخص الذي يشترط طلبا كهذا...؟ < لست أدري.. ربما. لكن لو كانوا سيمنحونني إياها، فلا أريد أن يكون ذلك لكوني زوجة أبراهام السرفاتي ولا لكوني متزوجة من مغربي، بل أفضل أن يكون ذلك من باب تقدير أنني قمت بشيء ما لفائدة المغرب. - لو أعيدت عقارب الزمن إلى الوراء، هل كنت ستختارين نفس الطريق الذي سرت فيه حتى اليوم؟ < طبعا. والسبب هو حكاية المقاومة التي عشتها وأنا صغيرة رفقة والدي، وما عاشه هو من حياة سرية خدمة للوطن ضد النازيين وما آمنت به من قيم لمصلحة المضطهدين... - هل سبق لك أن التقيت بإدريس البصري؟ < أبدا. إلا أنني كنت أطلبه في الهاتف في مقر عمله في شأن قضية من القضايا، لكنه لم يكن هو من يرد، بل كان حفيظ بنهاشم من يقوم بذلك. بنهاشم هذا ذهبت للقائه مؤخرا، باعتباره مسؤولا عن السجون. مد يده لتحيتي، فقلت له: ما هذا التغيير، اليوم تمد إلي يدك بعدما رفضتَ دائما لقائي؟ ثم قام من مكانه وأخذ يقول: أنا أخدم ملكي. - وماذا كان سبب زيارتك له؟ < زرته لسببين اثنين، الأول هو أن أحتج أمامه على الظروف اللاإنسانية التي تعاني منها عائلات المعتقلين أثناء زيارتها لذويها في السجن. أبلغته أن هذه العائلات، التي تأتي من بعيد، لم ترتكب ذنبا تستحق عليه هذه المعاملة. بأي حق تعاني من حرارة الصيف وبرد الشتاء في العراء وتجبر على الانتظار الطويل؟ والسبب الثاني هو أنني طلبت إذنا بزيارة طالبة جامعية تسمى زهور بودكور، مسجونة في سجن مراكش (على خلفية قضية احتجاج في الحي الجامعي على ظروف الأكل واحتمال وقوع خروقات في تدبير المطعم)، لكنني لم أحصل على هذا الإذن أبدا، فذهبت لرؤيته. وقد أجاب بنهاشم، بخصوص ظروف السجون، بأن الأمور ستتغير. لكن، متى ستتغير؟ هنالك أشغال جارية في سجن مراكش، لكنها لا تنتهي، كذلك الشأن بالنسبة إلى المكان المحيط بالسجن... أذكر أن ظروف الزيارة في سجن القنيطرة كانت أفضل مما هي عليه الآن... شخصيا، لا يعجبني هذا السيد.