أنشأ الغرباء متجرا كبيرا بالمدينة، فتقاطر الناس إليه يوم الافتتاح ظنا منهم أنه يوم « العباسية». و كان تخفيض الأثمنة سببا في جلب الزبناء من كل الأنحاء، و «طاح البق» على المتاجر المنافسة. لا تزال المدينة على الفطرة، و لم يسمح فيها ببيع الخمور منذ أمد بعيد، فكانت المفاجأة لما فتح بالمتجر باب خلفي يأوي إليه السكارى لاقتناء بضاعتهم. يوم الأحد 3 مايو اندفع زبناء الخمر ، و معظمهم من الشباب، على البوابة الخلفية المطوقة بحراس الأمن. دبت الحيوية في المكان و بدت البوابة كغار نمل يخرج منها الشباب و المراهقون، يحملون أكياسا سوداء يسترون فيها بضاعتهم. تلاسن بعضهم و اشتبكوا بالأيدي و دفع أحدهم الآخر فسقط و تكسرت قنينة خمر أصابته بجرح بليغ في رأسه. هرع صديقه إلى دراجة وأتى بسيف طويل وطارد المعتدي حتى تمكن منه فأسقطه أرضا و بدأ يضربه بظهر السيف حتى أغمي عليه، ثم تدخل آخران فكانت معركة حامية الوطيس استعمل فيها السيف والحجر وقناني الخمر. شهدتُ المعركة يومها، كما حضرها جمهور غفير من زبناء المتجر، أطفالا و نساء ورجالا، و كان حامل السيف مفتول العضلات ومزركش الجسم بندوب تدل على رفعة شأنه في الإجرام و السكر والعربدة، ولم يجرؤ أحد من حراس الأمن على الاقتراب منه. سمعتُ رجلا يلقي اللوم على المخزن الذي لا يوجد في البلاد، فخاب ظنه لما حضرت دورية الشرطة وتمكنت من جميع المتحاربين. أقيمت حواجز أمنية على بوابة المتجر وازداد عدد الحراس الذين ينظمون زبناء الخمر و يدعونهم للصبر و(نعل) الشيطان حتى يتسلموا نصيبهم من أم الخبائث...