لا حديث في الشارع المصري، هذه الأيام، سوى عن زيارة الرئيس الأمريكي المنتخب، أول رئيس من أصل إفريقي يحكم أقوى دولة في العالم. واستغرق الناس في المقاهي والجلسات الخاصة بمختلف المحافظات المصرية في مناقشة مميزات الزيارة وما الذي ستستفيده أرض الكنانة من قدوم الرئيس الديمقراطي إليها... بشكل مؤقت، هدأت النقاشات والسجالات المشتعلة حول مباراة مصر والجزائر التي ستشهدها الجزائر في السابع من يونيو القادم، وازدادت تخوفات المصريين من تراجع مستوى فريق الأهلي خصوصا بعد رحيل مانويل جوزيه عن الفريق من أجل تدريب المنتخب الأنغولي، خصم المغرب في مجموعة الموت بكأس العالم.. السياسة عادت إلى واجهة الأحداث مرة أخرى، خاصة بعد أن أبدى الرئيس الأمريكي باراك أوباما استعداده لإلقاء خطاب تاريخي في مصر خلال الشهر القادم. ويأمل المصريون أن يختار الرئيس الأمريكي جامع الأزهر، الذي يبلغ عمره ألف سنة والقادر على استيعاب ألف مصل ويعد أهم المؤسسات السنية في العالم العربي، لكي تحصل الزيارة المرتقبة على السبق في تاريخ العلاقات المصرية الأمريكية وتدشن تطورا توقعه المراقبون في العلاقات الأمريكية مع المسلمين في العالم، تعقبها بعد يوم زيارة لمدينة درسدن الألمانية حيث معسكر الإبادة النازي في بوخنفالد. وتعهد أوباما، خلال حملته الانتخابية، بإلقاء خطاب رئيسي حول العلاقات مع المسلمين في بداية عهده الرئاسي، بعد أن دعا إلى السلام والحوار مع العالم الإسلامي في الكلمة التي ألقاها أمام البرلمان التركي في أول زيارة رئاسية يقوم بها لدولة إسلامية مطلع أبريل الماضي مع زوجته السمراء ميشيل. وقال متحدث باسم البيت الأبيض إن مصر «تمثل قلب العالم العربي» في أكثر من وجه، بينما اعتبر المتحدث روبرت جيبز أن الرئيس أوباما جعل من إعادة بناء علاقات الولاياتالمتحدة بالعالم الإسلامي ركنا أساسيا من أركان السياسة الأمريكية الخارجية. لم تحسم السفارة الأمريكية في القاهرة في الجدل الدائر وتركت هامش الإثارة مستمرا بعد أن أعلنت أنه لم يتم تحديد المكان الذي سيلقي فيه أوباما خطبته في الرابع من يونيو القادم، وكشفت وسائل الإعلام الأمريكية أن البيت الأبيض أرسل فريقا لمعاينة خمسة مواقع هذا الأسبوع، قبل أن يتقلص العدد إلى ثلاثة، من بينها جامع الأزهر وموقعان آخران لم تتم الإشارة إليهما. وبرر مسؤولون أمريكيون ما تم تداوله حول ترشيح الأزهر لاحتضان أول لقاء لأوباما مع المصريين بكونه إحدى أهم المؤسسات المؤثرة في فهم أطياف التيار السني المسلم، وهو ما يتقاسمه مسؤولو الأزهر مع الأمريكيين حول فهم الرئيس الأمريكي للدين الإسلامي وتاريخه ووسطيته. وتتبع الإعلام المصري الطريقة التي رحب بها شيخ الأزهر بمجيء أوباما وسماحه له باعتلاء المنصة وإلقاء خطاب «يفتح الباب للحوار بين الحضارات العالمية لنشر قيم العدالة ونبذ العنف». في مقابل ذلك، لا يبدو أن أحدا يصغي لما يردده الإخوان المسلمون حول خفايا الزيارة الأمريكية التي ربطوها بمبدأ المؤامرة.. وقال نائب المرشد العام للجماعة محمد حبيب، إن مبادرات الولاياتالمتحدة إلى زيارة دول، مثل سوريا وإيران، والزيارات الأخيرة التي أجراها مسؤولون أمريكيون لمصر والسعودية «تشير إلى أن الخطاب سيستخدم في تعزيز البرنامج الأمريكي المؤيد لإسرائيل». وأوضح متابعا: «الإدارة الأمريكية تحاول توظيف كل دولة من هذه الدول على حدة لخدمة المصالح الأمريكية، فضلاً عن تأمين وتعزيز وحماية وضمان التفوق للكيان الصهيوني على الدول العربية الإسلامية».