شباب المحمدية لملم من حوله بقايا صبر.. ومضى إلى القسم الثاني يجر معه كل هموم هذا الزمان .. موسم من العذاب.. اشتكى خلاله الشباب من كل الأوجاع.. كان يبحث عن قطرة ماء ليطفئ عطش التواضع.. ولكن أغلقت كل الصنابير من حوله... حارب كل اللاعبين الجوع والعطش من أجل أن يعمر الفريق طويلا في قسم الكبار، جاء بمدرب أجنبي، ولم يغير فيه شيئا، لم يتجاوز به عقبة أصغر الفرق.. بعدها تم الاستغناء عنه وأطل عبد اللطيف أنيس كمدرب بديل، حاول بكل الوسائل الممكنة أن يعبر بالفريق إلى بر الآمان، ولكنه وجد نفسه يدور في حلقة مفرغة، وجد كل اللاعبين يشتكون من وضع مادي صعب.. فلم يتوصلوا بمنحة كأس العرش..ولم يتوصلوا برواتب شهري مارس وأبريل.. فكيف يمكن أن نطلب من لاعب لم يجد ما يسد به حاجياته أن يكون منتجا.. كيف ندعوه للضحك وهو في ميتم .. فقد صرح رئيس الفريق أكثر من مرة أن شباب المحمدية يعاني من أزمة مالية خانقة.. سدت كل الأبواب في وجهه.. تنكر له الجميع.. ولم يعد يدري ماهو فاعل بنفسه في بطولة تمتص الجهد والمال والعرق... فأكمل مسار التواضع وحده ..وليست هذه هي المرة الوحيدة التي يعود فيها الشباب للقسم الثاني، فقد تعود على ذلك أكثر من مرة، كان يصرف أموالا كثيرة ويحمل حقائبه في نهاية الموسم ليستقر في قسمه الثاني.. أما هذا الموسم فقد نزل بقوة ضعف الإمكانيات المادية.. يلعب بتفكير مشتت، يفكر بكل الأمور المادية وينسى تركيزه في المباراة.. وقد كاد يمتنع كل اللاعبين عن حضور التداريب.. تذمرا من وضع متردي.. يحدث هذا في مدينة قدمت لنا يوما في سبعينيات القرن أسماء كبيرة لنجوم بالفطرة ، أحمد فرس، الرجل الذي جاءته أندية عديدة تطلب وده.. ورفض أن يغير انتماءه الرياضي حبا في الشباب.. رفض أن يغادر عشا أحس داخله باستمرار بدفء عائلي.. واللاعب الذي أرغم العديد على حب شباب المحمدية من أجله فقط.. واحد من نجوم كبيرة للأسف الشديد لم تعد تزين سماء الشباب.. وهو الذي يحتاج منه الفريق الدعم المعنوي والنصيحة.. فرس اللي كان «سمينة» مع عسيلة..شكلا ذات يوم ثنائية جميلة أحالت مدرجات ملعب البشير إلى مرجل يغلي بالمشجعين.. و كان أول المغاربة الفائزين بالكرة الذهبية..أسماء للاعبين كبار وضعتهم المحمدية في الهامش.. لم تكلف نفسها عناء ضمهم إلى إدارة الفريق التقنية.. أرعد الرعد بعيدا عن سمائه، جاء روكي من الخليج بعد تجربة احترافية، ساند الفريق.. وحقق معه الصعود إلى قسم الكبار.. لكنه لم يجد أرضية خصبة للعمل، فرحل عن الفريق من جديد.. فضل الغربة داخل الوطن.. وبقي الشباب يبحث عن منقذ.. على من يحمل معه صخرة سيزيف الصماء، عاكسه الحظ طويلا.. سكن بأمان أسفل الترتيب، وفتش في جيوبه عن كل العقاقير المسكنة ليتخلص من صداع الراس، الشقيقة وكل الأوجاع.. سقط لقسم المشانق.. (طاح، لأنه من الدار خرج مايل).. لم يعرف كيف يهيئ نفسه لصراع بطولي شاق كلفه هزائم كثيرة ... ولم يعرف أيضا كيف يدخل بجاهزية تامة لسباق محموم في بطولة الجمر الحارق.. استحال لمجرد حصان عجوز، فوصل متأخرا... قدر الشباب أن يعود للعذاب من جديد.. قدره أن يعود لقسم الموت، حيث إلى اللعب أشبه بحرب.. وساعتها لن ينفع معه مال كل المحبين ليتنفس عبق قسم الكبار... من تخلى عن شباب المحمدية؟.. من حوله إلى معزوفة حزينة في سمفونية الكبار؟..فكيف يرحل الطيب من ورده؟ أعرف أن كل الفعاليات الرياضية بالمحمدية تملك ردا مقنعا عن أسئلة عالقة.. ولكنها تفضل الإجابة بتحفظ .. تفضل صمت الخجل.. يجب أن نملك الجرأة الكافية لمحاسبة أنفسنا بعيدا عن أية شوفينية مهزوزة.. فلشباب المحمدية تاريخ كبير يجب ألا تغير وقائعه مصالح خاصة... المحمدية تستحق فريقا قويا يقيم الأعراس في كل المناسبات.. ولا نريد أن نجدها كل موسم تجمع من حولها كل المقرئين التي تملك في نعش جنائزي رياضي رهيب.