قمع احتجاج أمازيغي يثير سخط الحقوقيين    فوز مريح لنهضة بركان على النادي القسنطيني قبل لقاء العودة في الجزائر    الجيش الإسرائيلي يقر بحصول "إخفاقات مهنية متعددة" في واقعة مقتل 15 مسعفا في غزة    ميرسك تلاحق صحيفة دنماركية قضائيًا بعد اتهامات باطلة بشأن شحنات أسلحة إلى إسرائيل.. وجهات معادية تقف وراء استهداف ميناء طنجة    الثانوية التأهيلية المجد بامطل تختم فعاليات الدورة الأولى للأيام الثقافية للمؤسسة    البوليساريو... الذراع العسكرية لإيران في شمال إفريقيا برعاية جزائرية    الأمن يتفاعل بسرعة مع أحداث عنف في القصر الكبير ويوقف ثلاثة مشتبه فيهم    الحسيمة.. انعقاد الاجتماع التشاوري الأول حول مخطط التدبير التشاركي للفرشة المائية غيس – النكور    المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بجامعة وجدة تشهد تأسيس أول نادٍ سينمائي    خمس لاعبين مغاربة ضمن التشكيلة المثالية لكأس إفريقيا للفتيان    مغاربة داعمون للقضية الفلسطينية يحتجون أمام ميناء "طنجة المتوسط"    ابن تمسمان الأستاذ سعيد بنتاجر، يقارب الذكاء الاصطناعي والبحث العلمي في معرض الكتاب بالرباط    ترامب يعيد هيكلة الخارجية الأمريكية    تفاصيل حريق المسبح البلدي بالناظور    الدرك يطيح بأحد كبار مروجي الخمور باقليم الدريوش    "نداء القنيطرة" يدعو لإصلاح الإعلام    أفاية: قراءات اختزالية تستهدف "النقد المزدوج" عند عبد الكبير الخطيبي    فتح بحث قضائي لتحديد ظروف وفاة طفلين في حضانة غير مرخصة بالدار البيضاء    لقاء إقليمي بالحسيمة يسلط الضوء على آفاق الاستثمار في إطار قانون المالية 2025    برلماني يسائل وزير الفلاحة حول توتر العلاقة بين أعضاء من الغرفة الفلاحية والمديرية الإقليمية بطنجة    مستشار ترامب: الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء لا لبس فيه    المغرب يتصدر صادرات الفواكه والخضروات عالميًا: ريادة زراعية تنبع من الابتكار والاستدامة    مقاولون يقاضون "التيكتوكر" جيراندو بالمغرب وكندا بتهم التشهير والابتزاز    السعدي: الحكومة ملتزمة بتعزيز البنية التحتية التكوينية المخصصة للصناعة التقليدية    القوات المسلحة تُكوّن ضباطًا قطريين    "موازين" يواصل جذب نجوم العالم    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في فعاليات معرض "جيتكس إفريقيا"    القفطان يجمع السعدي وأزولاي بالصويرة    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تحتفي بالمنتخب الوطني لأقل من 17 سنة إثر تتويجه باللقب القاري    الفنان الريفي عبد السلام أمجوظ يتألق في مسرحية سكرات    عبد العزيز حنون يدعم البحث في اللسانيات الأمازيغية بأطروحة حول التمني بأمازيغية الريف    تفاصيل اجتماع نقابات الصحة مع مدير الوكالة المغربية للدم ومشتقاته    بعد القرار الأمريكي المفاجئ .. هل يخسر المغرب بوابته إلى السوق العالمية؟    "الكاف" يختار المغربي عبد الله وزان أفضل لاعب في البطولة القارية للناشئين    الأرصاد الجوية تتوقع نزول زخات مطرية متفرقة اليوم الأحد    بنكيران: الأمة بكل حكامها تمر من مرحلة العار الكبير ولا يمكن السكوت على استقبال سفن السلاح    الآلاف يتظاهرون ضد ترامب في الولايات المتحدة: لا يوجد مَلك في أمريكا.. لنُقاوِم الطغيان    الاتحاد الوطني للشغل يدعو إلى تعبئة شاملة في فاتح ماي    " هناك بريق أمل".. رواية جديدة للدكتورة نزهة بنسليمان    ندوة علمية تناقش الحكامة القضائية    الكوكب يسعى لتحصين صدارته أمام الدشيرة والمنافسة تشتعل على بطاقة الصعود الثانية    دراسة تدعو إلى اعتماد استراتيجية شاملة لتعزيز الأمن السيبراني في المغرب    الأساتذة المبرزون يحتجون الخميس المقبل    لقاء يناقش دور المجلس الأعلى للحسابات في تتبع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    دورة برشلونة لكرة المضرب: ألكاراس يتأهل للمباراة النهائية    برشلونة يضع المدافع المغربي إدريس أيت الشيخ تحت المجهر … !    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    أنور آيت الحاج: "فخور بمغربيتي"    قناة إيرلندية تُبهر جمهورها بسحر طنجة وتراثها المتوسطي (فيديو)    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



6مفاتيح لفهم معركة الجامعة ضد «الكاف»
قرار «الكاف» وكيفية الطعن فيه أمام «الطاس»
نشر في المساء يوم 15 - 02 - 2015

أصدرت الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم «الكاف» يوم 6 فبراير 2015 قرارا موقعا من طرف لجنتها التنفيذية يقضي على الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم «ج.م.م.ك» بمجموعة من العقوبات تنقسم إلى نوعين مختلفين ، الأول يتمثل في غرامة وتعويض منصوص عليهما في المادة 92 من نظام بطولة كاس إفريقيا للأمم «نظام البطولة» ،أي غرامة مالية قدرها مليون دولار أمريكي ، وتعويضا عن الضرر قدره ثمانية ملايين وخمسين ألف يورو. والثاني يتمثل في عقوبة تأديبية منصوص عليها في المدونة التأديبية للكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم «المدونة التأديبية «، أي حرمان المنتخب المغربي لكرة القدم من حقه في المشاركة في دورتين مقبلتين لكاس أمم إفريقيا 2017 و 2019 . إذن وقبل أن نحلل هذا القرار تحليلا قانونيا لنكشف عيوبه الشكلية والموضوعية، وبالتالي تحديد الإجراءات القانونية الواجب إتباعها للطعن فيه أمام الجهات المختصة، لابد من إعادة تذكير بموجز لوقائع القضية.
موجز للوقائع
بتاريخ 10 أكتوبر 2014، الحكومة المغربية من خلال وزارة الشباب والرياضة وبناءا على قرار لوزارة الصحة يوصي بتفادي التجمعات البشرية التي تضم دولا تعاني من إنتشار فيروس ايبولا، تتقدم لدى الكاف بطلب لتأجيل الدورة 30 من كاس إفريقيا للأمم في كرة القدم ، المقرر تنظيمها بالمغرب من 17 يناير إلى 8 فبراير 2015 خوفا من انتشار الفيروس ايبولا القاتل و العابر للحدود و المتسبب في حالة هلع عالمي خاصة بعد ظهور حالات في اسبانيا و الولايات المتحدة الأمريكية.
بتاريخ 28 أكتوبر 2014، صدور بيان للجامعة الدولية لكرة القدم «الفيفا « بخصوص الفيروس ايبولا تتحدث فيه عن مواصلة الاستعدادات لتنظيم كاس العالم للأندية المقرر إجراؤها بالمغرب، وانه في انتظار أي تطورات تبقى صحة اللاعبين و الحكام والجماهير ذات أولوية مطلقة.
بتاريخ 3 نونبر 2014، اللجنة التنفيذية ل»الكاف» تقرر الإبقاء على تاريخ تنظيم الدورة 30 من كاس إفريقيا ، و رفض الطلب المقدم من طرف المغرب، مع إمهال «ج.م.م.ك» أجلا إلى غاية 8 نونبر2014 قصد تحديد الموقف النهائي للمغرب.
بتاريخ 8 نونبر 2014، بلاغ لوزارة الشباب والرياضة تؤكد فيه تمسك المغرب بطلب التأجيل و إن الوضع يتعلق بقوة قاهرة.
بتاريخ 11 نونبر 2014 ،صدور قرار للجنة التنفيذية ل»الكاف» يعتبر أن «ج.م.م.ك» تجدد رفضها تنظيم الدورة 30 من كاس إفريقيا في التاريخ المقرر، و يسحب من المغرب حق التنظيم مع إقصاء المنتخب المغربي ، ويعلن عن فتح باب الترشيح أمام الدول الراغبة في استضافة الدورة 30 من كاس إفريقيا ، كما حددت اللجنة التنفيذية في نفس القرار و بشكل واضح ان «اللجنة المنظمة لكاس إفريقيا للأمم اورانج» هي التي ستوقع لاحقا العقوبات و المقتضيات الواجبة التطبيق في حق «ج.م.م.ك» .
أخيرا وبتاريخ 6 فبراير 2015 ، صدور قرار للجنة التنفيذية ل «الكاف» يقضي بتغريم «ج.م.م.ك» مبلغ مليون دولار، و بأدائها تعويضا عن الضرر قدره ثمانية ملايين وخمسون الف يورو (8.050.000 يورو )، و يقضي كذلك بحرمان المنتخب المغربي لكرة القدم من حقه في المشاركة في الدورتين المقبلتين لكاس إفريقيا 2017 و 2019.
العيوب الشكلية في قرار «الكاف»
أول عيب شكلي هو عدم اختصاص اللجنة التنفيذية ل «الكاف» في ممارسة صلاحيات واختصاصات لم يخولها لها القانون ،بل هي اختصاصات موكولة بمقتضى القوانين و الأنظمة إلى اللجنة المنظمة لكاس إفريقيا للأمم اورانج ، هذه الاختصاصات كلها منصوص عليها بشكل واضح جدا في فصول» نظام البطولة « خاصة الفصول: 4 ، و 44 ، ثم من 82 إلى 92، وهي متعلقة بحالات القوة القاهرة المرتبطة بمرحلتي التصفيات و النهائيات لكاس أمم إفريقيا، وهي كذلك متعلقة بحالات الانسحاب من البطولة بالنسبة للمنتخبات المشاركة أو بالنسبة لانسحاب البلد المنظم للدورة ، وهي نصوص كلها تنص بوضوح على أن الاختصاص يكون فقط ل: اللجنة المنظمة لكاس إفريقيا للأمم اورانج المحدثة خصيصا بمقتضى الفصل 4 من»نظام البطولة» للإشراف على كل ما يرتبط بتنظيم بطولة كاس أمم إفريقيا لكرة القدم.
ثاني عيب شكلي هو عدم اختصاص اللجنة التنفيذية ل «الكاف» في اتخاذ أي قرارات أو عقوبات تأديبية من قبيل منع جامعة وطنية أو نادي من المشاركة في بطولة جارية أو مقبلة ، وهي عقوبة تأديبية منصوص عليها في الفصل 104 من « المدونة التأديبية» ، ولا يمكن توقيعها في مواجهة جامعة وطنية أو احد الأندية ، إلا وفق أحكام « المدونة التأديبية» ومن طرف الأجهزة القضائية المختصة داخل «الكاف» ، ف «المدونة التأديبية « تنص في الفصل 7 على أن الأجهزة القضائية ل»الكاف» هي:
الهيئة التأديبية ، الهيئة الإستئنافية ، ثم لجنة الأخلاقيات.
وتجب الإشارة هنا إلى أن هذه الأجهزة القضائية الثلاث هي التي تشكل السلطة القضائية داخل «الكاف « باستقلال و موازاة مع اللجنة التنفيذية التي تمثل السلطة التشريعية ، في حين أن الكتابة العامة تبقى مكلفة بممارسة أنشطة إدارية محضة ، وهذا هو نفس البناء المؤسساتي و القانوني داخل «الفيفا» كذلك ، التي ينص الفصل 31 من أنظمتها الأساسية على أن :»... اللجنة التنفيذية لا تبت إلا في الحالات التي لا تدخل في اختصاص الجمع العام أو الأجهزة القضائية...» ،ومعلوم أن الفصل 23 من الأنظمة الأساسية ل «الكاف» ينص على نفس المقتضى بحيث لا يجب أن يتعارض مع مبادئ الأنظمة الأساسية ل «الفيفا» .
ومما يؤكد و يزكي هذا الطرح المتمثل في عدم الاختصاص،إضافة إلى ما سبق هو ما يلي:
من ناحية اولى، فان اللجنة التنفيذية هي نفسها في قرار 11 نونبر 2015 المشار إليه أعلاه قد أقرت بان اللجنة المنظمة لكاس إفريقيا اورانج هي التي ستطبق المقتضيات التنظيمية السارية ضد « ج.م.م.ك» التي لم تحترم الشروط التنظيمية و التعاقدية، في إشارة إلى تطبيق مقتضيات «نظام البطولة « ومقتضيات الاتفاق الإطار الموقع في ابريل 2014 بين «الكاف» و «ج.م.م.ك» ، وفي نفس الوقت لم تتحدث عن أي عقوبات أو تدابير تأديبية، لأن هذه الأخيرة ليست من اختصاص اللجنة المنظمة لكأس إفريقيا اورانج ولا من اختصاص اللجنة التنفيذية.
من ناحية ثانية، فإن استقلالية المقتضيات التأديبية واضح من خلال الفصل 92 من» نظام البطولة» الذي يوضح ويفصل شروط توقيع الغرامة ضد البلد المنسحب من التنظيم ، حيث
جاء فيه : « إذا ما البلد المنظم لنهائيات كاس إفريقيا للأمم انسحب ،فستطبق عليه ، إضافة إلى العقوبات التأديبية ، غرامة حسب السلم الأتي :...»
وهو فصل لم يتكلم عن طبيعة أو نوعية تلك العقوبات التأديبية التي تطبق على البلد المنسحب من التنظيم ، لان ذلك يتم الرجوع فيه إلى «المدونة التأديبية « و إلى الأجهزة القضائية ل «الكاف « .
من هنا يتضح بشكل جلي أن اللجنة التنفيذية ل» الكاف» من خلال قرار ها المؤرخ في 6 فبراير 2015 قد تجاوزت سلطتها و اختصاصاتها التي تحددها لها القوانين واللوائح المعمول بها داخل «الكاف» ، وانه حتى وان كانت اللجنة التنفيذية هي ابرز سلطة داخل «الكاف « فانه لا يجوز لها أن تعتدي على اختصاصات وصلاحيات باقي السلط و الأجهزة داخل الكاف ، و تكون بالتالي عندما تجاوزت اختصاصاتها قد أصدرت قرارا معيبا شكلا.
العيوب الموضوعية في قرار اللجنة التنفيذية
نبدؤها أولا من حيث الأساس الذي ارتكزت عليه اللجنة التنفيذية في ترتيب المسؤولية على عاتق «ج.م.م.ك» ، فهي لم تكن واضحة في تعاملها مع طلب وزارة الشباب و الرياضة المقدم أولا بتاريخ 10 أكتوبر 2014 و مع بلاغ نفس الوزارة الصادر بتاريخ 8 نونبر2014، حيث كانت اللجنة التنفيذية تتفاعل مع طلب الوزارة و في نفس الوقت تخاطب «ج.م.م.ك» وتعطيها أجلا لتحديد موقف المغرب النهائي، ثم تتفاعل مع بلاغ وزارة الشباب والرياضة و تأخذه بعين الاعتبار لتؤسس عليه في نفس الوقت موقفها بتحميل «ج.م.م.ك « المسؤولية كاملة، معتبرة إياها رافضة تنظيم الدورة 30 من كاس إفريقيا للأمم.
يبدو إذن أن اللجنة التنفيذية لم تميز بين الطبيعة القانونية المنفصلة والمتباينة لكل من وزارة الشباب والرياضة من جهة، و»ج.م.م.ك» من جهة أخرى، ولم تكن موفقة بالتالي في تحديد مسؤولية ودور كل طرف حلى حدة، كما يستوجب ذلك المنطق القانوني السليم.
اللجنة التنفيذية كذلك لم ترتكز على أساس قانوني سليم في تطبيق الغرامة التي قدرها مليون دولار أمريكي، المنصوص عليها في الفصل 92 فقرة 4 من «نظام البطولة « المشار إليه سابقا، لأن هذا النظام لم يدخل حيز التنفيذ إلا بتاريخ 1دجنبر 2014 حسب فصله 107 .
ومعلوم أن طلب الوزارة الأول ،وبلاغها الثاني ، و قرار اللجنة التنفيذية القاضي بسحب التنظيم من المغرب، كلها وقائع سابقة على تاريخ 1 دجنبر 2014 ، وبالتالي فلا مجال لتطبيق أحكام المادة 92 من «نظام البطولة «بأثر رجعي على وقائع سابقة ، وتجدر الإشارة عند هذه النقطة إلى أن ذلك لا يعني استبعاد جميع أحكام «نظام البطولة « من التطبيق على كل ما يرتبط بالقضية ، بل يجب استبعاد تطبيق أحكامه فقط ،على الوقائع التي حدثت قبل 1دجنبر 2014 ، ويجوز تطبيقها على ما دون ذلك في ارتباط بهذه القضية ، ونعني بذلك أن أحكام «نظام البطولة» يجوز أن تطبق على مسائل متعلقة باختصاصات «اللجنة المنظمة لكاس إفريقيا للأمم اورانج».
كذلك فإن اللجنة التنفيذية لم ترتكز على أساس واقعي في حساب مبلغ التعويض عن الضرر ولم تذكر الأسباب الواقعية والثابتة التي جعلتها تحدده في مبلغ ثمانية ملايين وخمسين ألف يورو (8.050.000) ، لان من بين المبادئ العامة للقانون المتفق عليها لدى اغلب المذاهب القانونية والتشريعات ، هو عدم المبالغة في تحديد مبلغ التعويض عن الأضرار ، وضرورة إثبات الضرر و تحديد قيمته أولا قبل تحديد مبلغ التعويض ، ثم يجب كذلك عند تحديد مبلغ التعويض أن يتم التمييز بين مبلغ التعويض عن الضرر المادي الملموس ، وبين مبلغ التعويض عن الضرر المعنوي والنفسي الذي لا يكون ملموسا بالضرورة ، وبالتالي فلا يمكن إجازة الطريقة التي تم بها تحديد مبلغ ثمانية ملايين وخمسين ألف يورو (8.050.000)، و لا الأسس التي بنيت عليها، لعدم احترامها لمبادئ قانونية عامة ومشتركة بين معظم التشريعات و الأنظمة القانونية العالمية.
نصل بعد الذي سبق، إلى اخطر ما جاء في قرار اللجنة التنفيذية ل 6 فبراير 2015 ، وهو ما يتعلق بالعقوبات التأديبية التي تم توقيعها على المنتخب المغربي لكرة القدم بحرمانه من حق المشاركة في دورتين مقبلتين لكاس أمم إفريقيا 2017 و 2019 .
وهي عقوبات تمس في الصميم مصالح وحقوق» الرياضي « الذي يعتبر من وجهة نظر قواعد قانون الرياضة الطرف الأجدر بالحماية ، فهو أساس المنظومة الرياضية برمتها ومحورها، ولا يجوز تقييد حقه في المشاركة في المنافسات الرياضية وفي تساوي الفرص إلا في حالات قليلة جدا وبشروط صارمة غالبا ما تنطلق من مسؤولية الرياضي المباشرة لارتكابه أفعال تتناقض مع المبادئ السامية التي تنبني عليها الرياضة ، كاستعمال المنشطات مثلا أو التلاعب بنتائج المباريات و خرق مبدأ المنافسة الشريفة ، وهي مبادئ منصوص عليها بشكل عام في ديباجة الميثاق الاولمبي الصادر عن اللجنة الأولمبية الدولية وفي مختلف قوانين وأنظمة الاتحادات الرياضية الدولية.
كما أن عقوبة الحرمان من حق المشاركة في دورتين مقبلتين لكاس أمم إفريقيا 2017 و 2019 لا ينسجم مع مبدأ التناسب بين المخالفة والعقوبة ، الذي يستوجب أن تكون العقوبة مناسبة لخطورة الفعل المرتكب و المكون للركن المادي للمخالفة ، و هذا يتطلب قبل كل شيء تحديد الفعل المشكل للمخالفة، فما هي مثلا الأفعال المادية التي ارتكبها أعضاء أو لاعبي المنتخب المغربي لكرة القدم ؟ والتي بحسب خطورتها يجب حرمانهم من حقهم في المشاركة في المنافسات الرياضية، فمن وجهة نظر قانون الرياضة فإن مشاركة الرياضي في المنافسات الرياضية هو حق أساسي لا يجوز تقييده إلا بشروط معينة ولا يجوز حرمانه من ذلك إلا في حالات استثنائية و على درجة من الخطورة ، وذلك لمجموعة من الأسباب الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية، أهمها قصر مدة الممارسة الرياضية عند الرياضيين في فئة النخبة في بعض الرياضات ، اللذين غالبا ما تجدهم قد كرسوا حياتهم بكاملها ، وضحوا بمجموعة من الأمور الاجتماعية والنفسية في سبيل الوصول إلى أعلى مستويات القدرة البدنية و أبدع الانجازات الرياضية.
إن قضية نقل تنظيم الدورة 30 لكأس إفريقيا من المغرب إلى غينيا الاستوائية وما يرتبط بها من إشكالات قانونية بين «الكاف» و «ج.م.م.ك» لا يجب بآي شكل من الأشكال أن تترتب عنها عقوبات تأديبية و رياضية في حق رياضيين لم يرتكبوا أي فعل مخالف للمبادئ والقوانين المرتبطة بالرياضة.
اختصاص « الطاس»
فضلا عن شرط التحكيم المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 55 من «الأنظمة الأساسية» ل «الكاف» باعتباره الأساس القانوني للاختصاص ، فان اختصاص «الطاس» يرتكز كذلك من الناحية الواقعية والتاريخية ، على إرادة اللجنة الاولمبية الدولية ، وعلى إرادة الجامعات والاتحادات الرياضية ، الدولية والقارية والمحلية ، في توفير إطار قانوني فعال ومناسب لتسوية النزاعات والخلافات الرياضية .
هذه الهيئات التي تنص في وثائقها القانونية الرسمية كلها على جعل التحكيم لدى «الطاس» كجهة ذات اختصاص حصري في تسوية المنازعات الناشئة بمناسبة تطبيق القواعد والقوانين ذات الصلة بالرياضة.
ومما يجب توضيحه في هذا الإطار هو أن التحكيم الذي تمارسه «الطاس» يخضع من حيث القانون المطبق على إطاره العام ل «التشريع الفيدرالي السويسري في القانون الدولي الخاص لسنة 1987» ، ويخضع من حيث تنظيم إجراءاته ل « قوا عد إجراءات الطاس» .
ويخضع أيضا لاتفاقية نيويورك لسنة 1958 الخاصة بالاعتراف و تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية، فيما يتعلق بالاعتراف وتنفيذ الأحكام الصادرة عن» الطاس» خارج دولة سويسرا.
كما أن الأحكام الصادرة عن «الطاس» تكون خاضعة لرقابة المحكمة الفدرالية السويسرية، وهي أعلى هيئة قضائية في سويسرا ،حيث يتم الحرص على ان لا يتم إصدار أحكام مخالفة للمبادئ العامة للقانون ولمتطلبات العدالة المشتركة بين الشعوب ، ويجب التنويه هنا بأنه لم يسبق قط للمحكمة الفدرالية أن أبطلت حكما ل «الطاس» بسبب مخالفته لتلك المبادئ ، مما يساهم في اكتساب أحكام «الطاس» قيمة قانونية راسخة و معترف بها من طرف كل الملاحظين والمختصين ، وقد عبر عن ذلك الرئيس السابق للجنة الاولمبية الدولية خوان انطونيو سامارانش، بقوله: « إن «الطاس» هي المحكمة العالمية للرياضة « .
الإجراءات المرتبطة باللجوء الى محكمة التحكيم الرياضية
لابد قبل التطرق إلى أساس اختصاص «الطاس» وإجراءات الطعن أمامها أن نوضح أسباب استبعاد شرط التحكيم الوارد في البند 15 من الاتفاق الإطار المؤرخ في ابريل 2014 وأسباب استبعاد الطعن لدى الأجهزة القضائية ل «الكاف « .
1 : استبعاد شرط تحكيم البند 15 من الاتفاق الإطار المؤرخ في ابريل 2014 .
لقد جاء في البند 15 من الاتفاق الإطار المؤرخ في ابريل 2014 والمبرم بين «ج.م.م.ك» و»الكاف» أن القانون الواجب التطبيق هو القانون الفرنسي (الفقرة1)وان كل نزاع بين طرفي الاتفاق الإطار يجب ان يفض عن طريق المفاوضات وفي حالة فشل تلك المفاوضات فان النزاع يعرض على محكمة تحكيم بباريس (الفقرة2).
يبدو للوهلة الأولى أن مقتضيات البند 15 هي الواجبة التطبيق على النزاع بين «ج.م.م.ك» و «الكاف» وانه لا مجال للحديث عن اللجوء إلى تحكيم «الطاس «.
لكن العكس هو الصحيح وأنه يجب استبعاد مقتضيات البند 15 في مقابل إقرار اختصاص «الطاس « بناءا على الفقرة الأولى من الفصل 55 من «الأنظمة الأساسية» ل «الكاف» وسنوضح هذه المسالة فيما يلي:
فمقتضيات البند 15 تبين لنا أن التحكيم لدى محكمة باريس يمكن تفعيله فقط بعد فشل المفاوضات في حسم وإنهاء خلافات مرتبطة بالاتفاق الإطار فقط وبتطبيق حصري للقانون الفرنسي وهي مقتضيات نرى أنها لاتنطبق على واقع النزاع الحاصل ألان إذ أصبحنا الآن أمام نزاع يتجلى بالتحديد في مسالة الطعن ضد قرار العقوبات الصادر عن اللجنة التنفيذية ل»الكاف « ولم نعد أمام نزاع حول تطبيق الاتفاق الإطار الذي تم حسمه من خلال مفاوضات كتابية وشفوية تتمثل فيما تم القيام به من تبادل للكتابات بين وزارة الشباب والرياضة و»الكاف» و ما تم عقده من اجتماعات بين الاطراف.
تلك المفاوضات التي تمخض عنها حسم نهائي للخلاف يتجلى في قرار سحب التنظيم من المغرب ونقله إلى غينيا الاستوائية وهو قرار لم يعترض عليه المغرب ولم يناقشه إطلاقا بل نستنتج أن المغرب من خلال عرضه مساعدة غينيا الاستوائية في التنظيم قد دعم ذلك القرار.
هذا بالإضافة إلى أن البند 15 هو في الواقع يخص فقط الجوانب التعاقدية المالية والاقتصادية للاتفاق المبرم بين الأطراف المنظمة لبطولة كاس إفريقيا دون الجوانب الرياضية والتأديبية و لذلك نلاحظ أن هناك تنصيصا على تطبيق القانون الفرنسي فقط فلو تعلق البند 15 بالنزاعات الرياضية و التأديبية لكان من الواجب التنصيص على تطبيق القوانين والأنظمة الرياضية وليس على القانون الفرنسي وحده.
2 :استبعاد الطعن لدى الأجهزة القضائية ل «الكاف « واللجوء مباشرة إلى»الطاس» .
حسب «الأنظمة الأساسية» ل «الكاف « ولا سيما الفصل 55 فان جميع القرارات الصادرة عن الأجهزة واللجان التابعة ل «الكاف» يمكن الطعن فيها أمام محكمة التحكيم الرياضية بلوزان (سويسرا) غير انه يجب التمييز بين الطعن ضد القرارات الصادرة عن اللجنة التنفيذية وبين الطعن ضد القرارات الصادرة عن الأجهزة القضائية.
فالقرار الصادر بتاريخ 6فبراير 2015 عن اللجنة التنفيذية ل»الكاف» يخضع لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 55 التي تجيز الطعن ضد القرار مباشرة لدى «الطاس « بمجرد التوصل به ولا تحدد أجلا معينا لذلك حيث يتم تطبيق الأجل العام للطعن الوارد في المادة 49 من نظام الإجراءات أمام «الطاس» أي اجل 21 يوما.
فالقرار الذي نحن بصدده يختلف عن القرارات الصادرة عن الأجهزة القضائية ل»الكاف» من حيث طرق و أجال الطعن فيها حيث يخضع الطعن ضد قرارات الأجهزة القضائية لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 55 من «الأنظمة الأساسية « و التي لا تجيز اللجوء إلى» الطاس» مباشرة بل يشترط استنفاذ جميع طرق الطعن داخل الأجهزة القضائية ل»الكاف» كما تحدد أجلا خاصا للطعن هو 10 أيام.
وهذا التمييز بين شروط الطعن و مدد الآجال بين الفقرة الأولى والفقرة الثالثة من الفصل 55 قد كرسته العديد من أحكام التحكيم الصادرة عن «الطاس» نذكر منها:
- حكم الطاس عدد2012/3027 قضية «جاك أنوما» ضد «الكاف» بتاريخ 5مارس2013 (الصفحة 13 و 19 من الحكم) .
يتضح إذن أن الطعن ضد قرار اللجنة التنفيذية وعلى عكس ما يعتقد البعض يجب ان يكون مباشرة أمام «الطاس» بمقتضى شرط التحكيم المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 55 من «الأنظمة الأساسية» ل «الكاف» ويجب استبعاد أي إمكانية للطعن أمام الأجهزة القضائية ل «الكاف» .
إجراءات الطعن أمام "الطاس"
- بالنسبة لأجل تقديم الطعن
أهم إجراء وجب التطرق إليه هو معرفة الأجل القانوني للطعن ضد قرار اللجنة التنفيذية بناءا على الفقرة الأولى من الفصل 55 من «الأنظمة الأساسية « ل «الكاف» ،هذه الفقرة التي لم تحدد أجلا محددا للطعن وبالتالي في مثل هذه الحالات يكون الأجل المعمول به هو ذلك المحدد في المادة 49 من قواعد إجراءات «الطاس» ، أي داخل اجل أول هو 21 يوما من تاريخ التوصل بالقرار المراد الطعن فيه ، حيث يجب تقديم تصريح بالاستئناف فقط ، ثم بعد ذلك يجب تقديم مذكرة الاستئناف بجميع عناصرها داخل اجل 10 أيام من يوم انقضاء الأجل الأول .
و يجب التأكيد هنا على انه لا مجال للحديث عن اجل 10 أيام المذكور في الفقرة الثالثة من الفصل 55 من «الأنظمة الأساسية « ل «الكاف»، لأنه اجل خاص بحالات الطعن ضد القرارات الصادرة عن الأجهزة القضائية ل»الكاف».
وقد سبق لهيئة التحكيم لدى «الطاس» في حكمها بتاريخ 5 مارس 2013 أن أكدت هذه المسالة في القضية رقم 3027/2012 المشار إليها أعلاه .
- بالنسبة لتقديم طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه
تنص المادة 48 من قواعد إجراءات «الطاس» على أن طلبا معللا لإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه، إذا ما تطلب الآمر ذلك ، يمكن تقديمه ضمن التصريح بالاستئناف أثناء سريان اجل 21 يوما .
وطلب إيقاف تنفيذ قرار العقوبات يعتبر في القضية التي نحن بصددها إجراءا مهما يجب القيام به لضمان حقوق كل طرف قبل البت النهائي في النزاع من طرف هيئة التحكيم ، وإلا سيعتبر قرار اللجنة التنفيذية ساري المفعول من يوم صدوره و ما يستتبع ذلك من إمكانية قيام «الكاف» بمطالبة المغرب بالشروع في تنفيذ العقوبات ، خاصة في شقها المالي .
- بالنسبة لإمكانية تقديم طعن من طرف اللاعبين ضد قرار المنع من حق المشاركة
دائما حسب الفقرة الأولى من الفصل 55 من «الأنظمة الأساسية « ل «الكاف»، وفضلا عن الطعن المقدم من طرف «ج.م.م.ك» ، فان اللاعبين هم كذلك بإمكانهم تقديم طعون ضد القرارات التي يتضررون منها ، ومسألة مشاركة أكثر من طرف في مسطرة تحكيم واحدة هي حسب قواعد إجراءات «الطاس» مسموح بها في إطار المادة 41 ، ويتم اللجوء إليها غالبا في حالات معينة عندما ترتبط بالنزاع مصالح وحقوق أطراف متعددة .
وتتجلى أهمية هذا الإجراء في أن الرياضيين اللذين من اجل حمايتهم و حماية مسيرتهم الرياضية التي تكون في الغالب قصيرة ومحدودة زمنيا ، هم أول متضرر من قرار اللجنة التنفيذية و أنهم لا يمكنهم تحمل مسؤولية فعل لم يرتكبوه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، وأداء ثمن تلك المسؤولية من حياتهم الرياضية .
و إجرائيا يمكن لمدرب المنتخب المغربي لكرة القدم و عميد الفريق أن ينوبا عن لاعبي وأعضاء المنتخب، ويمكنهم تعيين هيئة دفاعهم إلى جانب هيئة دفاع «ج.م.م.ك».
فالمهدي بنعطية و زملاؤه في المنتخب المغربي لكرة القدم إذا حرموا من المشاركة في دورتي بطولة كأس إفريقيا للأمم لسنتي 2017 و 2019 ، فلن تتاح لهم فرصة أخرى للمشاركة في هذه البطولة مدى حياتهم .
ذ.محمد طه مسكوري*
* محامي بهيئة الرباط وباحث في التحكيم الرياضي الدولي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.