أزقة ضيقة، تلاصق شديد بين "البراريك"، رائحة النفايات المنبعثة من كل ناحية من الدوار، مياه غير صالحة لشرب، أطفال يلعبون في الساحة الضيقة وسط مستنقعات غير مبالين بالأمراض التي قد تلحق بهم، نساء جالسات يتبادلن الحديث بصوت خافت.. إنه مشهد من دوار البراهمة في مدينة المحمدية. ما سبب استثنائنا من مشروع "توزيع البقع الأرضية" كباقي الدواوير؟ بهذا السؤال يبدأ عبد الرحمان مبروك "عضو لجنة الحوار بالدوار" حديثه، مضيفا: "نحن نقطن بأقدم دوار بمدينة المحمدية، حوالي 400 أسرة، دوارنا احتضن مشروع الفتح1 والفتح2 الذي دشنه الملك، والذي استفادت منه الدواوير البعيدة، فيما تم إقصاؤنا نحن رغم الجلسات الشفوية التي أجرتها لجان مختصة (مندوبية السكن، السلطات المحلية..) معنا، وقدموا لنا وعودا بالاستفادة، لا نفهم استثناءنا من المشروع السكني. أما مينة عواد (امرأة سبعينية من ذوي الاحتياجات الخاصة)، بملامح شاحبة تظهر عمق سنوات الزمن ومعاناة الحياة، فتقول: "أنا أرملة وأسكن وحدي وأعيش بمساعدة المحسنين، ومساحة بيتي لا تتجاوز 30 مترا حين تسقط الأمطار لا أحد يساعدني، أنا أقدم من سكن في هذا الدوار، جاء كثيرون وقدموا لنا وعودا، قالوا لنا سنستفيد، لكن هي وعود وفقط لازلنا ننتظر.تقاطعنا الحديث سيدة أخرى (عائشة حمصي) تتكلم بصوت مرتفع، "نحن سكان دوار لبراهمة شرقاوة منسيون، لا نفهم لماذا لا نستفيد من السكن اللائق، ونحن الأقدم من كل الدواوير، وكل عام يقول لنا المنتخبون إن الوضعية ستحل ونحن مازلنا ننتظر". عند مدخل الدوار، أول ما تصادفه قنوات تمر تحت "البيوت"، هي قنوات تنقل الغاز كما يقول رشيد أمزوري، أحد سكان الدوار "إنها ثلاث قنوات غاز تابعة لإحدى "الشركات"، تمر تحت "البرارك" مباشرة، وهي طبعا جزء من معاناتنا، والمشكل أن هذه القنوات ليست الوحيدة المسؤولة عن الأمراض التي نتعرض لها يوميا، فهناك رائحة منبعثة من قنوات "تهوية" محطة النفايات المجاورة، والتي تم إغلاقها سنة 2012 من طرف وزارة البيئة، إن الحياة داخل الدوار تفرض علينا مقاومة الأمراض، بسبب استحالة وصول سيارة الإسعاف إلى هنا، لهذا كله نحن متشبثون بحقنا في مشروع الفتح1و2"، وأملنا كل يوم يتجدد في أن نستفيد كباقي الدواوير. من جانبه، قال يوسف جوريو، مدير المديرية الإقليمية لوزارة السكنى والتعمير: "برنامج الفتح 1 و2 لم يكتمل بعد، لكن بالنسبة إلينا لا يمكن برمجة أي دوار دون اكتمال "هدم وترحيل الدواوير الأخرى، نتفهم وضعية سكان البراهمة شرقاوة، لكن المسألة مرتبطة بتقديرات اللجنة الإقليمية التي تحدد وفق معايير محددة الدواوير التي يمكن أن تستفيد، إن نسبة ترحيل الأسر في الدواوير الأخرى، لم تتجاوز 60 في المائة في الأول و30 في المائة في الثاني، وهناك دراسة قيد الإنجاز هي مشروع الفتح 3، على أرض دوار "الصحروية، سنحاول من خلاله أن نخفي دور الصفيح من معالم مدينة المحمدية". رشيد بوطاهري