يبدو أن الأزمة بين المغرب وفرنسا لازالت تشتد وتنذر بمنعرجات خطيرة وغير مسبوقة في العلاقة بين البلدين، وتزامنا مع انسحاب وزير الخارجية صلاح الدين مزوار من مسيرة دعم فرنسا في حادث «شارلي إيبدو» بسبب رفع رسوم مسيئة للرسول «ص»، حل وزير الزارعة الفرنسي «ستيفان ليفول» ضيفا على نشاط تحضره جبهة البوليساريو في فرنسا، في خطوة غير مسبوقة في السياسة الخارجية الفرنسية تجاه الرباط، تنذر أن الدبلوماسية الفرنسية اختارت التصعيد في مواجهة المغرب، بدل الإنصات لدعوات دبلوماسيين ومسؤولين فرنسيين لإعادة الدفء للعلاقات مع المغرب. واحتفت جبهة البوليساريو، أول أمس الاثنين، بحضور وزير الزراعة الفرنسي «ستيفان ليفول» برواقها في نشاط زراعي احتضنته مدينة ليون قبل أيام، وحضوره أيضا عرضا قدمته جمعية داعمة للجبهة، في سابقة تنذر باستمرار الأزمة مع المغرب، إذ لم يسبق لأي وزير فرنسي أن حضر نشاطا للجبهة الانفصالية. واعتبرت وسائل إعلام داعمة للجبهة زيارة المسؤول الفرنسي انتصارا للتحرك الدبلوماسي للبوليساريو في فرنسا، وهو الأمر الذي استعصى على الآلة الدبلوماسية للجبهة لوقت طويل، في الوقت الذي كان المسؤولون الفرنسيون، خاصة منهم في منصب الوزراء، يتجنبون أنشطة من هذا النوع حفاظا على علاقة دبلوماسية جيدة مع المغرب. وكشفت مصادر دبلوماسية من الجبهة أن الوزير الفرنسي تلقى شروحات حول قضية الصحراء من وجهة نظر موالين لجبهة البوليساريو، وعلى آخر مستجدات القضية التي قدمها بعض الساهرين على رواق الجبهة في النشاط الزراعي المذكور، وحضرت جبهة البوليساريو إلى الملتقى الفلاحي عبر جمعية موالية لها للترويج لما قالت إنه منجزات زراعية تشرف عليها الجبهة في مخيمات تندوف. وتأتي زيارة الوزير الفرنسي لتشكل سابقة في السياسة الخارجية الفرنسية، في الوقت الذي تعيش العلاقات المغربية الفرنسية على وقع أزمة دبلوماسية، منذ إقدام الشرطة الفرنسية على محاولة استدعاء عبد اللطيف الحموشي المدير العام لمراقبة التراب الوطني، خلال زيارة رسمية له لباريس، من مقر إقامة السفير المغربي للمثول أمام القضاء، وجمد المغرب على إثرها مختلف اتفاقيات التعاون القضائي بين البلدين. واعتبرت جبهة البوليساريو زيارة الوزير الفرنسي لجناحها في النشاط الزراعي انتصارا لآلتها الدبلوماسية، بعدما استعصت عليها فرنسا لمدة طويلة، حيث يشتكي مسؤولو الجبهة ودبلوماسيوها من انحياز باريس للمغرب ومساندته المطلقة في المحافل الدولية. ومن المنتظر أن تزيد زيارة الوزير الفرنسي لجناح البوليساريو من تعقيد الأزمة الدبلوماسية الحالية مع المغرب، خاصة أنها جاءت مباشرة بعد اكتفاء صلاح الدين مزوار والوفد المرافق له بتقديم التعازي للرئيس الفرنسي وانسحابه من مسيرة التضامن بسبب رقع الرسوم المسيئة للإسلام، في الوقت الذي اتهم فيه وزير الخارجية صلاح الدين مزوار فرنسا بافتقارها للإرادة السياسية لتجاوز الأزمة بين البلدين.